هل يخصم النذر من الزكاة سائل قام بإيداع مبلغ خمسمائة ألف جنيه في بنك فيصل للإيفاء بنذور قد قطعها على نفسه إن فرج الله كربه، وهي ذبح ذبيحة بمبلغ خمسة آلاف جنيه وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ونذر إخراج مبلغ ستمائة جنيه، كما قام ببناء قبرين صدقةً: أحدهما للرجال، والثاني للنساء من فقراء المسلمين بمبلغ عشرين ألف جنيه، كما نذر أداء عمرة له ولبناته الثلاث بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، كما ساهم في بناء مسجد بمبلغ ثمانية آلاف جنيه، كما أخرج مبلغ سبعة آلاف جنيه لمرضى السرطان، وألفي جنيه لدار أيتام، وثلاثة آلاف جنيه للفقراء والمساكين.
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في هذه المبالغ: هل تدخل ضمن زكاة المال، وهل تحسب فيما عليه من زكاة لأكثر من حول، وما هي قيمة الزكاة المفروضة على هذا المبلغ المودع بالبنك وهو خمسمائة ألف جنيه؟
تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
النذر هو ما أوجبه الإنسان على نفسه تبرعًا: من عبادة أو صدقة كنفل أو فرض كفاية، والأصل فيه قوله تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾.. [الإنسان : 7]. فمدحهم على الوفاء بالنذر، وقوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه)). أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
ونذر الطاعة على ضربين: نذر قربة، ونذر لجاج وغضب، والواضح من السؤال أن السائل إنما نذر نذر قربة، وقد علقه على إصابة خير أو دفع شر، وهو سداد الديون التي كانت عليه، وهذا نذر صحيح، ولذا قد لزمه الوفاء بما نذره؛ لقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ﴾.. [التوبة: 75- 77].
فذمهم الله على ترك الوفاء بنذرهم، وعاقبهم على تركه. والإيفاء بالنذر لا يحسب من جملة أموال الزكاة؛ حيث إن النذر مما فرضه الإنسان على نفسه تطوعًا مختارًا في تحديده وكيفية إخراجه، بخلاف الزكاة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده، وقدر مقاديرها وحدد أصنافها.
وبناء على ذلك: فإن ما نذره السائل من ذبح ذبيحة بمبلغ خمسة آلاف جنيه وتوزيع ستمائة جنيه على الفقراء وأداء عمرة له ولبناته الثلاث بمبلغ ثلاثين ألف جنيه لا يدخل في حساب زكاة المال، وكذلك بناء القبرين والمساهمة في بناء المسجد لا تحسب تكلفتهما في حساب أموال الزكاة، وإنما ذلك يكون من باب الصدقة أو من باب التطوع والعمل الخيري، أما ما أخرجه السائل لمرضى السرطان ولدار الأيتام وللفقراء والمساكين فإن كان هؤلاء المرضى والأيتام من الفقراء والمساكين وكانت نية السائل قد انعقدت عند إخراج المال أن يكون من زكاة ماله فهذا المال يحسب من مال الزكاة، وتحسب له من جملة ما عليه من زكاة عن أعوام قادمة؛ حيث لا مانع من تعجيل الزكاة لعامين قادمين، وقيمة الزكاة على المبلغ المودع بالبنك هي 2.5% على المبلغ الموجود بالفعل في نهاية كل حول حيث بلغ النصاب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.