تحقيقات و تقاريرعاجل

هل يستطيع ماتيس منع حرب أمريكية على إيران؟

في شهادته أمام لجنة فرعية في مجلس الشيوخ في أوائل مايو، أبلغ وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس مستجوبيه بأن القوات المسلحة الأمريكية مستعدة للحرب مع إيران، قائلاً: “نحتفظ بخيارات عسكرية بسبب تهديدات إيران. هذه الخطط لا تزال فعالة”.وأتت شهادة ماتيس غداة إعلان ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وبعد كل شيء، فإن الاستعداد ليس الشيء نفسه الذي يريده في الحقيقة، وعندما يتعلق الأمر بمقاتلة إيران، فمن الواضح أن عدداً متزايداً من كبار القادة العسكريين الأمريكيين، بمن فيهم ماتيس، لا يريدون ذلك. 
قصف إيران
وكتب الباحث مارك بيري في مقال بمجلة “فورين بوليسي” أن المسؤولين المدنيين في إدارة ترامب ممن يصغي إليهم الرئيس بشكل متزايد، يشكلون معضلة أخرى.
وأبرز ما في الأمر أن مستشار الأمن القومي الجديد في الإدارة جون بولتون، يجادل منذ فترة طويلة بأن الطريقة الوحيدة لضمان منع إيران من الحصول على سلاح نووي هي فرض تغيير النظام على البلاد، بقصفها. وهو ليس وحيداً.
فمنذ تسلمه منصبه الجديد، عمد بولتون إلى تجريد مجلس الأمن القومي من أعضائه المعتدلين، واستبدلهم بمتشددين من دعاة التدخل في العالم، وبينهم فرد فليتز المحلل السابق في وكالة الإستخبارات المركزية “سي آي إي” والعضو في مركز فرانك جافني للسياسة الأمنية المعروف بعدائة للمسلمين.
ويتولى فليتز الآن منصب رئيس فريق موظفي بولتون، ويعتبر منذ مدة طويلة أن أي شيء آخر غير تبني “خطة بولتون” وإلغاء الاتفاق الإيراني والعمل على تغيير النظام، يفتقر إلى “الوضوح الأخلاقي”.
وأبعد من ذلك
وأضاف بيري أن بولتون ذهب أبعد من ذلك، كما فعل في مقالٍ في صفحة الرأي بصحيفة “نيويورك تايمز”  في 2015 بعنوان “لوقف إيران، أقصفوا إيران”، حض فيه الولايات المتحدة على خوض مواجهة عسكرية مع إيران.
وكتب: “الحقيقة المزعجة هي أن العمل العسكري فقط، على غرار الهجوم الإسرائيلي عام 1981 على مفاعل صدام أويزراك في العراق أو تدمير مفاعل سوريا عام 2007 الذي صممته كوريا الشمالية، يمكن أن ينجز المطلوب”، مضيفاً أن “الوقت قصير جداً، لكن الضربة يمكن أن تنجح”.
وعلى النقيض، فإن ماتيس يرى الأمور من وجهة نظر شخص مسؤول عن توجيه الضربة.
ولفت إلى أن هذا لا يعني أن ماتيس يعتقد أن القيادة الإيرانية يمكن أن تكون منطقية بطريقة ما. ومثل الكثيرين من مشاة البحرية الآخرين يكن ماتيس ضغينة لإيران تعود إلى تفجير ثكنات المارينز في بيروت عام 1983، والذي خططت له طهران ودعمته وراح ضحيته 241 أمريكياً.
وعندما طُلب من ماتيس، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، تحديد التهديدات الثلاثة الأخطر على الأمن القومي الأمريكي، رد بجواب مختصر لكنه واضح: “إيران وإيران وإيران”. كما أن ماتيس لا يتخلى عن عادته ويصف إيران بأنها ذات “تأثير خبيث”. وهذا وصف يكرره ماتيس حتى بات يُعرف به.
بداية الحرب أم نهايتها؟
ورأى أن إدانة إيران والدفع إلى حربٍ معها أمران مختلفان. ومنذ تعيين بولتون، الذي تزامن وصوله إلى البيت الأبيض مع تهميشه في صنع القرار، إزداد قلق ماتيس. فالحرب مع إيران تتطلب حشد نصف الأسراب الجوية الأمريكية في معركة واحدة.
ومن الممكن فعل ذلك، لكنه أمر نادر. وفي نهاية حملة جوية ضد إيران، ستدمر القدرات النووية والعسكرية الإيرانية، لكن قلق المخططين الإستراتيجيين للحرب هو هل تكون نهاية الحملة الأمريكية ستشكل نهاية للحرب، أم بداية لها؟

زر الذهاب إلى الأعلى