تحقيقات و تقاريرعاجل

هل يصبح أردوغان صُداعاً أمريكياً؟

ذكّر الصحافي سيث فرانتزمان قرّاءه في مؤسسة الرأي الأمريكية ناشونال إنترست، كيف أطلق رجب طيب أردوغان، في الثاني من الشهر الحالي، تهديداً بتوسيع الدور التركي في الصراع السوري، لافتاً إلى أن منبج ستكون الهدف التالي لأنقرة بعد تحرير الباب، قبل تأكيده أنه يجب على قوات سوريا الديمقراطية ألا تكون موجودة في الرقة.

هذا التصريح يمثل “تحدياً” للسياسة الأمريكية في سوريا وبشكل غير مباشر للقوات الخاصة الأمريكية. فخلال السنة الماضية، أدارت واشنطن عشرات العمليات الخاصة لدعم المقاتلين الأكراد وحلفائهم العرب في شرق سوريا. ولفت فرانتمانز النظر إلى أن هذه هي المرة الثانية التي هدد خلالها أردوغان بتوسيع دور أنقرة في الساحة السورية، بعدما قال قبيل سفره إلى باكستان إنّ قواته ستتوجه إلى منبج.

أتت تعليقات أردوغان بعدما أعلنت الصحيفة التركية دايلي صباح في 25 فبراير الماضي أن الجنرال جوزف فوتل، قائد القيادة الوسطى الأمريكية، قام “برحلة سرية إلى شمال سوريا”. وقال لمراسلين أمريكيين رافقوه في جولته الشرق أوسطية إنّه “قلق للغاية حول الحفاظ على قوة الدفع في سوريا” قبل أن يشير إلى أنه من المحتمل “أن نتحمّل بأنفسنا عبئاً أكبر”. ويشرح الصحافي هذا القول بكونه يعني إرسال مزيد من القوات الأمريكية إلى ساحة المعركة، خصوصاً أنّ واشنطن نشرت جنودها في العراق بالقرب من خطوط المواجهة، وتحديداً “أقرب إلى الجبهة من أي وقت خلال سنتي الحرب على داعش”.

خطّة كردية لإحراج أنقرة

تخشى الولايات المتحدة من غرق “حلفائها الأكراد في نزاع مع حلفائها الأتراك”. وكان هذا الأمر “صداعاً كبيراً” للمخططين الأمريكيين، خصوصاً في السي أي آي ووزارة الدفاع. وتوقعت أنقرة أن تتحسن علاقاتها مع إدارة ترامب لكنها تريد أيضاً اختبار نوايا الفريق الجديد. وسيحاول أردوغان دفع قوات سوريا الديموقراطية إلى ما وراء الفرات، على الرغم من أن الأكراد وحلفاءهم خاضوا معارك صعبة لطرد داعش من منبج “ولن يسلموها بهذه السهولة”. ولتفادي ذلك، قد يعملون مع نظام دمشق ويسلّمون بعض القرى إلى الجيش السوري، “لأنّهم يعلمون أن تركيا تخشى من أن يتم جرّها إلى احتكاك مباشر مع سوريا وحليف روسيا السوري”.

إقناع واشنطن بفكرتها … صعب

أردوغان ينظر إلى الأكراد في سوريا على أنّهم إرهابيون، وقال مؤخراً إنّه “من المستحيل أن تقبل تركيا بوجود إرهابيين مسلحين على طول حدودها”، الأمر الذي يضعها على خط تصادمي مع واشنطن. وهي بالمقابل تريد إقناع الساسة الأمريكيين بدعم هجوم تقوده تركيا على الرقة. ويشير فرانتزمان إلى أنّ من ينظر إلى الخرائط يعلم أنّ هذا غير عملي إلا من خلال إزالة القوات الكردية وقطع دعم أمريكا عنهم.

صامتون

إنّ وجود قوات قوى خاصة أمريكية وتركية، إضافة إلى طيران وعربات مسلحة إلى هذا الحد من القرب يخلق احتمالاً لحصول حادث، كذاك الذي حدث مع إسقاط تركيا لطائرة روسية سنة 2015. لهذا تريد أنقرة أن تعرف إلى أي حد سيذهب ترامب في دعم الأكراد، خصوصاً أنه وفريقه اِلتزما الصمت حيال هذه المسألة. لكنّ بريت ماك غورك الموفد الرئاسي الخاص إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش حذِر تجاه دور الأكراد في سوريا.

صدام خارج سوريا أيضاً؟

ولدى تركيا بحسب الصحافي، سياسات أخرى قد تتحدى توجهات ترامب. ففي شمال العراق شنّت أنقرة هجمات ضد حزب العمال الكردستاني واحتفظت بقواعد عسكرية في كردستان العراق، فيما تعمل واشنطن عن كثب مع بغداد التي تعارض الوجود التركي. يريد أردوغان بناء فضاء نفوذ له ثمّ رؤية مدى إمكانية توسيع هذا النفوذ “حتى على حساب السياسة الأمريكية”. وفي السادس من الشهر الحالي قال البنتاغون إنّ القوات الأمريكية ستمنع جميع الأفرقاء من قتال أي طرف غير داعش. وقد شوهدت سلسلة من المدرّعات الحاملة لأعلام أمريكية قرب منبج وصوّرت ثمّ وزّعت على الإعلام الغربي.

إغراء ووضع معقّد

هذه التطورات مع التقارير التي تفيد أنّ روسيا ونظام دمشق كانا يخططان لخلق منطقة عازلة بين قوات سوريا الديموقراطية والثوار المدعومين من الأتراك، تخلق “وضعاً معقداً” كي يمنع تركيا من اتخاذ خطوات إضافية. وبوجود النظام السوري، الأكراد، قوات سوريا الديموقراطية، تركيا والثوار السوريين، العاملين جميعاً على مقربة من بعضهم البعض، إنّ خطر النزاع بين الأطراف يتصاعد خصوصاً أنّ المجموعات التي تملك أجندات للبدء بهكذا صراع قد تشعر بنوع من “الإغراء” للقيام بذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى