الجرائم التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين، تتجاوز جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب، وتضع الاحتلال ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو ومعهم الولايات المتحدة فى سياق الجريمة الدولية، فلم تتوقف ماكينات القتل بكل الأسلحة المحرمة، ولم يتراجع الاحتلال عن اغتيال كل شاهد على حرب الإبادة التى تشنها على الأطفال والنساء فى غزة للشهر الرابع، من دون تراجع أو التزام بأبسط قواعد الإنسانية.
فقد قتلت قوات الاحتلال 110 صحفيين منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، آخرهم استشهاد الصحفيين حمزة وائل الدحدوح، ومصطفى ثريا، اللذين استشهدا بقصف الاحتلال الإسرائيلى لسيارة كانا يستقلانها خلال تغطيتهما الصحفية، وأيضا الصحفى على أبو عجوة إثر استهدافه أمس فى غارة جوية بغزة.
حمزة هو ابن الصحفى وائل الدحدوح الذى فقد عائلته فى غارة جوية أصابت منزلهم فى مخيم النصيرات وسط قطاع غزة فى 25 أكتوبر الماضى، لتقتل زوجته وابنه محمود وابنته شام البالغة من العمر 8 سنوات وحفيده ابن الشهيد حمزة الذى استشهد مع زميله، وتعرض هو شخصيا للاستهداف وزميله الشهيد سامر أبو دقة، وأصيب وائل، لكنه خرج وانتصر على المأساة وفقد أسرته، ليواصل عمله فى نقل الحقيقة، وكشف جرائم الاحتلال.
حمزة كتب لوالده وائل الدحدوح قبل ساعات من استشهاده عبر حسابه على منصة «إكس»: إنك الصابر المحتسب يا أبى، فلا تيأس من الشفاء ولا تقنط من رحمة الله وكن على يقين أن الله سيجزيك خيرا لما صبرت.
ما تعرض له وائل الدحدوح، والصحفيون فى غزة، من مطاردة الاحتلال وتعمد اغتيال الصحفيين، يضاف إلى جرائم لا يفترض أن تسقط بالتقادم، وكان يمكن لو كانت هذه الاغتيالات فى مكان آخر، أن تتحول إلى حملات تتحرك لها منظمات العالم والغرب والولايات المتحدة، التى تمول العدوان بالسلاح، وتحميه بالفيتو، لتمنع أى إدانة لجرائم حرب مؤكدة، الجريمة كاشفة مثل العدوان عن نفاق الإعلام الغربى ومنظماته الحقوقية، بجانب كشف الازدواجية والتناقض.
وقد أدانت كل نقابات ومنظمات الصحافة العربية الاغتيالات التى يقوم بها الاحتلال الإسرائيلى للصحفيين، وقال المكتب الإعلامى – عن اغتيال حمزة الدحدوح وزميله – إن هذه الجرائم المتواصلة التى يرتكبها جيش الاحتلال «الإسرائيلى» بحق الصحفيين تهدف إلى تخويف الصحفيين ومحاولة فاشلة لطمس الحقيقة ومنعهم من التغطية الإعلامية، ودعا إعلام غزة كل الاتحادات الصحفية والهيئات الإعلامية والحقوقية والقانونية إلى إدانة هذه الجريمة والتنديد بتكرارها من قبل الاحتلال، مع حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى الأعزل فى قطاع غزة.
مجلس أمناء جوائز الصحافة المصرية رشح الصحفى الفلسطينى وائل الدحدوح، للحصول على جائزة «حرية الصحافة»، التى تقدمها النقابة هذا العام كرمز لصمود الصحفيين الفلسطينيين، فى وجه العدوان الغاشم، وآلة حربه الوحشية.
والترشيح يأتى تكريما لشهداء الصحافة الفلسطينية، الذين يدفعون حياتهم ثمنا لنقل الحقيقة، وفضح جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى وتفنيد الرواية الصهيونية الزائفة، وأكاذيب الإعلام الغربى، وتقديرا لتضحية وائل الدحدوح الشخصية، ودوره المهنى، والذى جعله عنوانا للإخلاص والانتصار للقضية الفلسطينية بالرغم من فقد أسرته، وتعرضه لمحاولة اغتيال.
جرائم اغتيال الصحفيين تضاف إلى سجل الجرائم ضد الإنسانية، التى تنظرها محكمة العدل الدولية يوم 11 يناير الجارى بناء على طلب جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل، والتى دعت فيه لمحاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين فى غزة، وينتظر أن تتفاعل هذه القضية للمرة الأولى لتعرض جرائم الاحتلال، ورئيس الوزراء الذى فشل فى تحقيق أى نتائج سوى قتل الأطفال، وبمثول الاحتلال فإن المحاكمة أمام العدل الدولية تفتح الباب لمحاكمة الكيان بتهم الإبادة فى سوابق عديدة، مسنودة بالولايات المتحدة الشريك فى هذه الجرائم، والتى تصر على استمرار دعم العدوان.