أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن ثمة فرصة نادرة لإقامة العمل متعدد الأطراف على المسار الصحيح خلال اجتماع العالم في مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ COP27 في مصر، مشيرا إلى أنه في هذا الوقت غير المستقر تقع المسؤولية على عاتق الأنشطة الصناعية، إذ ينبغي على الشركات أن تواءم نماذج أعمالها مع المساعي التي تهدف إلى تحقيق اقتصادات مرنة ومنخفضة الكربون.
وأشار الوزير شكري في مقال له بمجلة فوربس إلى انتهاء انتهت الدورة السادسة والعشرون من مؤتمر الأطراف بالوصول إلى صفقة صعبة، سميت بميثاق جلاسكو للمناخ، والتي جمعت العديد من الدول، بما وصل إلى 200 دولة، للعمل معًا من أجل تقديم جهود متساوية لتنفيذ اتفاقية باريس، مضيفا “تعتبر فترة السنوات العشر بين 2020 – 2030 عقدًا حاسمًا، سواء من حيث العمل أم الدعم. نحن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد للحد من انبعاثات الكربون المسببة للاحتباس الحراري، ومضاعفة التمويل، وتحقيق المرونة والتكيف.”
وأوضح وزير الخارجية أنه هذا الاتفاق جاء بعد فترة وجيزة من التقرير الذي صدر في أغسطس الماضي عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي أظهر أن متوسط زيادة درجة الحرارة العالمية سيصل إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عصر ما قبل الصناعة.
أوضح التقرير أن القادة السياسيين العالميين لن يكونوا قادرين على التوصل للاستجابة العالمية اللازمة لمواجهة الضغوط المناخية والاقتصادية، وستحتاج كل طبقات المجتمع إلى اتخاذ قرارات حاسمة في مواجهة المزيد من الفيضانات وحرائق الغابات والعواصف والجفاف الناجم عن تغير المناخ.
أكد شكرى أن الشركات في جميع الصناعات تعلن عن تحول جوهري تماشيًا مع اتفاقية باريس، وتتحول نحو إزالة الكربون من عملياتها وممارساتها التجارية، جنبًا إلى جنب مع الممارسات البيئية للمستثمرين والسياسة الحكومية، لكن الإعلانات ليست كافية، لافتا إلى أنه إذا كان من المقرر أن تصبح عشرينيات القرن الحادي والعشرين حقًا عقدًا من العمل الحاسم، فعندئذ سيكون للشركات دور مهم تلعبه من خلال عملها ونقل التكنولوجيا والتمويل والقيادة بوضع القدوة، على حد قوله.
ولفت إلى أن الأعمال جميعها تواجه الخطر عندما يتعلق الأمر بتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك المكاتب والمصانع والموردين والعملاء. فكل شركة معرضة قريبًا لعدم الاستقرار الناجم عن المناخ أو نقص الموارد أو الانكماش الاقتصادي، مشيرا إلى اضطلاع قادة الأعمال بدورين حاسمين في هذه اللحظة غير العادية، أولهما، والأكثر وضوحًا، هو التحرك بأسرع ما يمكن لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من عملياتهم ومن سلاسل التوريد الخاصة بهم، إذ لم تعد تعويضات الكربون كافية لمواجهة الانبعاثات.
وتابع وزير الخارجية: قد تجد العديد من الشركات هذا عبئًا على عائداتها، إلا أنه لا داعي لذلك، إذ يشير تقرير حديث صادر عن شركة McKinsey & Co إلى أن العمل بجد على خفض الانبعاثات الكربونية والالتزام بهذا يعد خطوة هامة للمؤسسات، ويساعد على تمييز الشركات المهتمة بالمناخ، عن الشركات الأقل التزامًا في نظر المستهلكين.
وأوضح الوزير شكري أن هذه الشركات، ذات الاستراتيجيات المناخية المقنعة، ستجذب أكبر قدر من رأس المال في السوق العالمية، فضلًا عن تأثيرها في أنشطة الشركات الأخرى، مثل تلك التي تدخل في سلسلة التوريد، وهو ما ينشر الوعي بالممارسات الفعالة، ويمد الأثر المفيد للشركة والكوكب معًا.
ولفت إلى أن التكنولوجيا النظيفة ذات الأسعار المعقولة يسرت الأمر على الشركات، موضحا أنه اليوم لا ترقى تكلفة ثلثي الطاقة المتجددة المضافة في دول مجموعة العشرين في عام 2021 لِما قد تكلفه أرخص الخيارات التي تعمل بالفحم، مؤكدا أن مصر في طريقها لإنتاج 42% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2035.
وأضاف : الدور الثاني، غير المباشر، هو دعم القرارات التنظيمية الفاعلة الخاصة بالمناخ، إذ تتطلب إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي إعادة البناء فيما وراء قطاع الطاقة الكهربائية، بما يشمل النقل والبنية التحتية والبناء والزراعة.
وأوضح أن القرارات الفردية للشركات ستقطع شوطًا طويلاً في العملية، موضحا أن مشكلة تغير المناخ لن تحل من دون بناء شراكات حقيقية بين القطاعين العام والخاص، والبلدان المتقدمة والنامية، لضمان تمتع الجميع بالمهارات والحوافز لتقليل الانبعاثات. ويمكن للشركات أن تقود الطريق من خلال دفع القرارات السياسية الحالية لضمان المستقبل.
وأشار إلى أن غالبية الشركات في القطاع الخاص في البلدان النامية تحتاج إلى حزم دعم مناسبة، لكي تستطيع عمل التغيير المنتظر. وسيشمل ذلك التمويل المناسب من المستثمرين، والتكنولوجيا ميسورة التكلفة، والشراكات المناسبة مع هيئات البحث والتطوير، والحوافز.
وأوضح أن القطاع الصناعي أيضًا – جنبًا إلى جنب مع الحكومة – يلعب دورًا هامًا في العمل على تيسير الاستثمارات التي تساعد في التكيف مع آثار التغير المناخ في العالم النامي، موضحا أن البلدان الإفريقية تلتزم من حيث المبدأ بتبني الطاقة المتجددة والامتناع عن استغلال موارد الوقود الأحفوري، لكن 600 مليون شخص في إفريقيا، أي 43% من سكان القارة، يفتقرون حاليًا إلى الكهرباء، ونحو 900 مليون شخص لا يستطيعون الوصول إلى وقود للطهي من مصدر نظيف.
وتابع وزير الخارجية : هنا يأتي دور الصناعة والأعمال، الذين يستطيعون ملء هذا الفراغ، وضمان تلبية احتياجات التنمية الأوسع للقارة بطرق مستدامة…إذا وضعنا ما يكفي من الجهد والإرادة لمواءمة الربح مع إزالة الكربون، سيستطيع قادة الأعمال من دون شك إحداث تأثير واسع النطاق مع حصولهم على الأرباح الوفيرة من فرص الأعمال.
وأضاف وزير الخارجية: لا ننكر أن الوعي بالحاجة إلى هذا التوافق في زيادة بين قادة قطاع الأعمال والمستثمرين على حدٍ سواء، لكننا بحاجة إلى تنشيط عملنا إذا أردنا تجنب الأسوأ.
واختتم مقاله بالقول : في مؤتمر الأطراف في دورته السابعة والعشرين في مصر، آمل أن يرتقي قادة الأعمال وصناع القرار في العالم إلى مستوى هذا التحدي، وأن يجتمعوا معًا لاتخاذ الخطوات الجادة.