وشارك فى المؤتمر عدد كبير من الوزراء المكلفين بملف المياه بدول العالم وممثلو المنظمات الاقليمية والدولية وعدد كبير من مسئولى المبادرات الأممية المعنية بالتعجيل من تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف السادس، وناقش المؤتمر أهم التحديات التى تواجه قطاع المياه بدول العالم وآليات التمويل المتاحة والحاجه الماسة لتعزيز قدرات الدول لتحقيق اهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف رقم 6 والمعنى بشكل رئيسى بقطاع المياه، وأهمية تضافر الجهود والعمل على تبادل التكنولوجيا والخبرات للوصول الى أعلى معدلات التنمية لتحقيق تلك الاهداف.
كما تم الإعلان خلال المؤتمر أنه سيتم تنظيم جلسة رفيعة المستوى حول “مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة منتصف المدة الشاملة لعقد المياه 2023” على هامش أسبوع القاهرة الرابع للمياه والمقرر عقده خلال الفترة من 24 – 28 أكتوبر القادم.
واستعرض عبد العاطى فى كلمته حجم التحديات التى تواجه قطاع المياه فى مصر وعلى رأسها محدودية الموارد المائية المتاحة، والإجراءات الأحادية التى يقوم بها الجانب الإثيوبى فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، بالإضافة للتغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية.
وأوضح عبد العاطى أن مصر تعد من اعلى دول العالم جفافاً، وتعانى من الشح المائى، حيث تُقدر موارد مصر المائية بحوالى 60 مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتى من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار التى تقدر بحوالى 1 مليار متر مكعب، والمياه الجوفية العميقة الغير المتجددة بالصحارى، وفى المقابل يصل إجمالى الاحتياجات المائية فى مصر لحوالى 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنوياً من المياه.
كما أوضح عبد العاطى فى كلمته أن مصر ودول العالم تشهد تغيرات مناخية متزايدة، مشيراً لما ينتج عن هذه التغيرات المناخية من تهديدات للتنمية المستدامة وتهديد لحق الإنسان فى الحصول على المياه، وتُعد مصر من أكثر دول العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير الغير متوقع للتغيرات المناخية على منابع نهر النيل والعديد من الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والبرودة والسيول، وهو ما يمس العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالإضافة للتأثير على مجالات الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائى والطاقة والصحة والمناطق الساحلية والبحيرات الشمالية، بالإضافة للمخاطر التى تواجهها أراضى الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة والذى يؤثر على جودة المياه الجوفية، الأمر الذى سيؤدى لنزوح الملايين من المصريين المقيمين بشمال الدلتا.
كما استعرض عبد العاطى فى كلمته تطورات قضية مياه النيل والموقف الراهن إزاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، مؤكداً على حرص مصر على استكمال المفاوضات للتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبى طموحات جميع الدول فى التنمية، مع التأكيد على ثوابت مصر فى حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع فى أى اتفاق حول سد النهضة، مع أهمية أن تتسم المفاوضات بالفعالية والجدية لتعظيم فرص نجاحها، خاصة مع وصول المفاوضات الى مرحلة من الجمود نتيجة للتعنت الإثيوبي، مشيراً لما أبدته مصر من مرونة فى التفاوض قوبلت بتعنت كبير من الجانب الإثيوبي لمنع الالتزام بما تم الاتفاق عليه، ومؤكداً فى الوقت ذاته على أن مصر لن تقبل بالفعل الأحادى لملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وأوضح عبد العاطى أن مصر ليست ضد التنمية فى دول حوض النيل والدول الأفريقية، بل على العكس، فإن مصر تدعم التنمية بالدول الأفريقية بكل السبل الممكنة، مشيرا إلى أن مصر منفتحة على التعاون مع جميع الدول الأفريقية وخاصة دول حوض النيل، بشرط مراعاة شواغل دول المصب، وقد سبق لمصر بالفعل مساعدة دول منابع حوض النيل فى بناء السدود فى إطار تعاونى توافقي.
كما أشار عبد العاطى إلى أن مصر لم تعترض على أى سد فى اثيوبيا وتدعم التنمية بها، ولكنها تريد تحقيق التعاون بإتفاق قانونى عادل وملزم لملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يحقق المصلحة للجميع وهو ما ترفضه اثيوبيا وتعمل على فرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية بدون الرجوع لدولتى المصب.
كما أوضح عبد العاطى أن أى نقص فى الموارد المائية سوف يتسبب فى أضرار جسيمة، حيث أن نقص 1 مليار متر مكعب من المياه سيتسبب فى فقدان 200 ألف أسرة لمصدر رزقهم الرئيسى فى الزراعة، وهو ما يعنى تضرر مليون مواطن من أفراد هذه الأسر، كما أن قطاع الزراعة فى مصر يعمل به 40 مليون نسمة على الأقل، وبالتالى فإن أى نقص فى الموارد المائية ستكون له انعكاسات سلبية ضخمة على نسبة كبيرة من سكان مصر، حيث سيؤدى فقدان فرص العمل لحالة من عدم الاستقرار المجتمعى، التى ستؤدى لموجه كبيرة من الهجرة الغير شرعية للدول الأوروبية وغيرها أو انضمام الشباب للجماعات الإرهابية.
وأوضح الدكتور عبد العاطى أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار، وقد تصل الى 100 مليار دولار، و وضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 3037 تعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه، مشيراً إلى أنه تم خلال السنوات الخمس الماضية اتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أى طارئ تتعرض له المنظومة المائية من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يعد من أكبر المشروعات على مستوى العالم فى هذا المجال، والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، كما يتم العمل فى المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع فى استخدام تطبيقات الرى الذكى، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة فى ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة للمشروعات الكبرى التى تستهدف التوسع فى اعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، كما تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى مجال الحماية من اخطار التغيرات المناخية، مثل مشروعات الحماية من أخطار السيول ومشروعات حماية الشواطئ.