التقى الدكتور محمد عبد العاطى – وزير الموارد المائية والرى اليوم الخميس، عدد من السفراء الأجانب والعرب والأفارقة المعتمدين بالقاهرة بمقر وزارة الخارجية، قدم لهم إحاطة عن آخر التطورات الخاصة بملف سد النهضة.
وأكد عبد العاطى أنه لا صحة على الإطلاق لما تداولته بعض وسائل الأعلام عن أن مصر قد أوقفت مسار الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة ، وأن واقع الحال هو أن مصر قد قبلت التقرير الاستهلالى الذى قدمه الاستشارى الفرنسى (شركة بي أر إل) عن الكيفية التى سيستكمل بها الدراسات ، وأن إثيوبيا والسودان ترفضانه برغم التزامه بمستندات التعاقد المتفق عليها بين الدول الثلاث، مما يؤدى إلى التعثر الراهن فى استكمال الدراسات.
وأضاف عبد العاطى أنه بالرغم من إلحاح مصرفى المطالبة منذ مايو 2017 بعقد اجتماعات على المستوى الوزارى للبت فى تعثر المسار الفنى، إلا أن الجانبين السودانى والإثيوبى رفضا ذلك ، مما تسبب فى تعطيل الدراسات لفترة طويلة.
وأكد الوزير أن المواقف التى أبدتها إثيوبيا والسودان فى الاجتماعات الأخيرة للجنة الفنية الثلاثية انتهاء بالاجتماع الوزاري المنعقد في القاهرة في 11-12نوفمبر 2017 جاءت متعارضة مع الأطر المرجعية المتفق عليها، كما رفضت إثيوبيا والسودان كل المقترحات التي قدمتها مصر لتجاوز شواغل الطرفين.
وأوضح عبد العاطى أن أحد أبرز الإشكاليات التى واجهت المفاوضات هى إصرار إثيوبيا والسودان على مخالفة مستندات التعاقد، والتى تنص على سبيل المثال، أن أساس تحديد آثار وأضرار سد النهضة هو النظام الراهن لحوض النيل الشرقى بدون سد النهضة، غير أن إثيوبيا تريد انتهاك ذلك والادعاء بأن سد النهضة يتعين تضمينه ضمن هذا الأساس، بما ينافى أى منطق، كما يناقض ما هو معمول به في كافة الدراسات المتعلقة بالسدود ذات الأثار العابرة للحدود، فضلاً عن تناقضه الواضح مع نص مستندات التعاقد.
وأضاف الوزير:” أما السودان فيريد انتهاك ذلك بالإصرار على إدارج استخدامات مستقبلية “مخططة” عند قياس النظام الراهن، وقد رفض السودان مقترح مصر بأن يستخدم بيانات حصته طبقاً لاتفاقية 1959 بحيث تدرج استخداماته المستقبلية المخططة فى الشق الخاص بذلك من الدراسات.
كما أكد عبد العاطى، أن السودان وإثيوبيا رفضتا أيضاً مقترحاً بعدم استخدام البيانات التى ستقدم لإتمام الدراسات فى أى سياق آخر وأن هذه البيانات لا ترتب أى تغيير فى المواقف القانونية السابقة لأى من الأطراف فيما عدا فى إطار تنفيذ الدراسات وتنفيذ إتفاق إعلان المبادئ.
وأعرب عبد العاطي عن استغرابه من رفض السودان وإثيوبيا لهذا المقترح بالرغم من أنه يعالج الشواغل السودانية والإثيوبية، إذ سيؤدي المقترح المصرى إلى عدم إمكان استخدام هذه البيانات ضد السودان فى الهيئة الفنية المشتركة المعنية بتنفيذ اتفاقية 1959، حيث تقدر مصر أن السودان يستخدم حصته بالكامل، كما يؤدى المقترح المصرى إلى عدم فرض أى تغيير على مواقف الدول الثلاث من إتفاقية 1959، استجابة للشاغل الإثيوبى.
وأوضح عبد العاطى أن السودان وإثيوبيا أصرا فى المقابل على أن البيانات التى ستستخدم لإجراء الدراسات لن ترتب أية حقوق أو واجبات بالمرة، كما لن تعني القبول بالآثر الذي سيتبين أن السد تسبب فيه بناء علي إستخدام هذه البيانات، بما يعني التنصل مقدماً من أى نتائج للدراسات، وهو ما يفرغ الدراسات من مضمونها والغرض منها بالكامل.
ورداً علي تساؤل عن مدى صحة ما أثير عن أن مصر رفضت موافاة الاستشارى المكلف بتنفيذ الدراسات بملاحظات الدول الثلاث علي تقريره الاستهلالى، أكد عبد العاطى أن ما كان مطروحاً من السودان وإثيوبيا هو تقديم توجيهات متعارضة من كل من الدول الثلاث إلي الإستشاري، وهو أمر غير منطقي، مشيراً إلي أن إثيوبيا أصرت علي أن يتم توجيه الإستشاري بإجراء تعديلات علي خطة عمله بحيث يتجاهل دراسة مسائل جوهرية منصوص عليها بوضوح في مستندات التعاقد، مثل دراسة آثار التملح الذي سيؤدي له سد النهضة من النواحي البيئية والإقتصادية والإجتماعية، وذلك في محاولة لإظهار وكأن سد النهضة لن تكون له آثار سلبية على مصر.
وذكر عبد العاطى بأن مصر هى دولة المصب الأخيرة على مجرى نهر النيل، وأنها بالتالى الطرف الذى سيكون الأكثر تضرراً من إقامة مشروع هائل مثل سد النهضة على النيل الأزرق، دون إتفاق على كيفية تشغيله وملئه بناء على دراسات واضحة توضح آثارة المحتملة.
وأشار الوزير إلى أن مصر كانت هى الأكثر حرصاً عبر السنوات السبع الماضية – منذ إعلان إثيوبيا الأحادى عن سد النهضة فى عام 2011- على التعجيل بإتمام الدراسات الخاصة بسد النهضة فى أقرب فرصة ، وعلى ذلك فمن غير المنطقى بأى حال من الأحوال قبول أية ادعاءات بأن مصر هى التى تسعى إلى إبطاء العمل في الدراسات أو تعطيلها لأن هذا سيكون ضد مصلحتها بالكامل .
ونوه الوزير هذا السياق بأن الأقرب إلى المنطق أن تعطيل الدراسات يصب فى مصلحة الطرف الذى يكرس يوماً بعد يوم أمراً واقعاً على الأرض فى ظل استمرار عملية بناء السد دون دراسات.
وأعرب عبد العاطى في ختام تصريحاته عن قلق مصر من وجود توجه لدي الجانب الإثيوبى تم إبداؤه خلال المفاوضات للدفع ببدء ملء سد النهضة قبل اكتمال الدراسات، وبغض النظر عن نتائجها.
كما أكد أن مصر تجدد دعوتها للجانبين الإثيوبى والسودانى للقبول بالمقترحات التى قدمتها لمراعاة شواغلهما، وبأن يتم الالتزام الحرفى بمستندات التعاقد الخاصة بالدراسات دون تجاهل دراسة أية مسأله مذكورة بها، مشيراً إلي أهمية التزام إثيوبيا بأن يكون البدء في الملء الأول للسد وتشغيله مستنداً إلي اتفاق يتم التوصل له بناء علي نتائج التقرير النهائي للدراسات، وذلك تنفيذاً لما نص عليه اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين قادة الدول الثلاث عام 2015.