من منا لا يرتكب المعاصي ؟ من منا معصوم من الخطأ ؟ من مننا يأمن الانزلاق في شر الفتن ؟ لكن التوبة والاستغفار والندم تقربنا من الله من جديد بعفوه ورحمته ، واليكم 10 آداب اسلامية للتوبة عن المعاصي
الأدب الأول : استعظم ولا تحتقر! !
فإن الذنوب هي حالة استجابة لداعي الشيطان ، مهما صغرت الخطيئة ، والشيطان عدو لله ، فاستجابة داعي الشيطان والغفلة عن داعي الرحمن أمر عظيم مهما حقر في نظر العاصي .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إيّاكم ومحقرات الذنوب ، كقوم نزلوا في بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود ، حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يُؤخذ بها صاحبها تهلكه “
و يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ” إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه فقال به هكذا ، ـ قال أبوشهاب بيده فوق أنفه ” !
يقول بلال بن سعد : لاتنظر إلى صِغر المعصية ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت !!
الأدب الثاني : فلا تقعد معهم !! .
كان من وصيته صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام أن يبتعدوا عن دواعي المعصية ما أمكن فقال : ” إيّاكم والجلوس في الطرقات” . فقالوا : يارسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها .
فقال :” فإذا أبيتم إلاّ المجلس فأعطوا الطريق حقه “. قالوا : وما حق الطريق ؟ قال : ” غض البصر ، وكفّ الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر “
الأدب الثالث :فارق دواعي المعصية . .
صديقاً كان أو مجلة أو شريطاً أو رقماً في هاتف أو فلماً أو مسلسلاً أو نادياً او مجلساً أو آلة .. !!
واجعل بينك وبين أرباب الذنوب والمعاصي عزلة شعورية . إن لم يمكنك العزلة الجسدية على حدّ قوله جل وتعالى : ” وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ” .
الأدب الرابع : جالس الأخيار .
المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه !
ولذلك فإن صحبة الأخيار ومجالستهم مما يقي المرء – بإذن الله – من وضر المعاصي وشؤم الخطيئات .و وقاية من الذنوب من الخلوة…
الأدب الخامس : فانصب !
يقول أحد العارفين : النفس .. إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية !!
وذلك سرّ من أسرار التوجيه الرباني : ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) “
إن إشغال النفس بعمل الصالحات ( صلاة .. صيام .. بر وإحسان .. صدقات .. زيارة مريض .. إجابة دعوة .. تحضير كلمة .. سماع شريط .. مباسطة الأهل والإخوان …) من أهم الوقايات للعبد في هذا الباب .
وإن ترك العمل الدعوي أو ترك الإلتزام والاستقامة على طريق الحق بحجة المعاصي من غوائل الشيطان على العباد
لاشك أن القول الذي لايصدّقه العمل أمر مذموم ، قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) “
وجاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” يُجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : أي فلان ما شأنك ؟
أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟
قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه “
الأدب السادس : داوم على الاستغفار .
والاستغفار أدب من الآداب الواقية من جانبين :
الأول : أنه يحيي في النفس توقير الله وتعظيمه.
الثاني : أنه يمحو الخطايا والذنوب .
عن الأغرّ المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة “
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : ” رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي خطاياي ، وعمدي ، وجهلي ، وجِدّي ، ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت ، وما أخرت ، وما أسررت ، وما أعلنتت ، أنت المقدم ، وأنت المؤخر ، وأنت على كل شيء قدير “
الأدب السابع : لا تجاهر !
كما أن الطاعات تتفاوت مراتبها ودرجاتها بحسب الأعمال ذاتها ، وبحسب العامل والوقت والسر والجهر ؛ فكذلك المعاصي !
فقد دلّت النصوص على أن المعصية التي يستتر بها صاحبها أخف جرماً من التي يعلنها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
” كل أمتي معافى إلاّ المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه ” .
الأدب الثامن : أتبع السيئة الحسنة تمحها !
جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ، إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فاقض فيّ ما شئت ، فقال له عمر : لقد سترك الله لو سترت نفسك . قال : فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فقام الرجل فانطلق ، فاتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً دعاه وتلا عليه : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين }
فقال رجل من القوم : يانبي الله هذه له خاصة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ” بل للناس كافة ” !
وإن من إتباع السيئة الحسنة أن تتبع المعصية بالتوبة منها بلا تسويف أو تأجيل أو قنوط .
قال الله تعالى : ” والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلاّ الله ولم يُصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون” وقال عزّ وتعالى : ” .. فإنه كان للأوّابين غفوراً ” ، قال ابن المسيب : هو الذي يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب .
وقال تعالى ” ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ..” ، قال البراء : هو الرجل يذنب الذنب فيقول : لا يغفره الله لي !!
وكل ما كانت الحسنة من جنس عمل السيئة كان ذلك أبلغ في المحو .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وينبغي أن تكون الحسنات من جنس السيئات فإنه أبلغ في المحو .
فتأمل عظيم منّة الله وفضله وسعة رحمته كيف أنه جعل لك من ضيق الذنب فرجاً واسعاً . .
الأدب التاسع : لا تعيّر غيرك بالذنب !!
المسلم يحب الله ، ويحب طاعة الله ، وهو كذلك يبغض معصية الله ومن يقارفها ؛ فالمؤمن يمتلك قلباً مرهفا ونفساً جيّاشة لاتملك الحياء مع من يجترىء على محارم الله ، فالحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان .
لكن من الناس من يشتط فبدلاً من بغضه للمعصية وصاحبها ،يعيّر المذنب ويتعالى عليه ، !!!
الأولى بالمرء المسلم أن لا يعيّر أخاه بالذنب ، أو يهزأ به بالمعصية ، إن الواجب عليه تجاه أخطاء الآخرين أن يقف عند حدّ المناصحة والستر والدعاء لهم وسؤال الله العافية .
إن الذي يعيّر أخاه بالذنب برهان على إفراط صاحبه في ثقته بنفسه وتزكيته لها ، والغرور بوّابة الهلاك وأمارة من أمارات إحساس العبد باستغنائه عن معونة مولاه ،
الأدب العاشر : تب إلى الله ولا تيأس أو تقنط !!.
قال الله تعالى :
– ” وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “
– ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “
فالتوبة التوبة – يا رعاك الله – وأجب نداء ربك الرحمن وهو يناديك :
يا ابن آدم . . إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ..
يا ابن آدم . . لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك . .
يا ابن آدم . . لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا أتيتك بقرابها مغفرة !!!
يا عبادي . . إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً ، فمن علم أني ذو قدرة على المغفرة غفرت له ولا أبالي !!
فهل تجيب نداء ربك . .
وهل تدخل في رحمته . .
” إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار .. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ” !!
يا آدم . . ذنب تذل به إلينا أحب إلينا من طاعة تدلّ بها علينا !!
يا أدم . . أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المدلّين !!
بل التوبة النصوح التي تنفع هي التي استكملت شرائطها :
– الإقلاع عن الذنب .
– الندم على ما فات !
– العزم الجازم على ترك معاودته .!!
وانتهاء بمعاودة التوبة كلّما وقع الذنب .
جاء في المسند عند أحمد : ” إن الله يحب العبد المفتّن التوّاب ” !
وإن من موجبات التوبة الصحيحة .
فلله ما أحلى قوله في هذه الحال ” أسألك بعزّك وذلّي إلا رحمتني ، أسألك بقوتك وضعفي ، وبغناك عني وفقري إليك ، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك ، عبيدك سواي كثير ، وليس لي سيد سواك ، ولا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، أسألك مسألة المسكين ، وابتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه ، وفاضت لك عيناه ، وذل لك قلبه “
اللهم أقل العثرة ..واغفر الزلة ..
وألهمنا الرشد والهدى . .وادفع عنّأ السوء والردى