بلغ الصراع فى دوائر الأجهزة الأمنية بإسرائيل حد الاشتعال بسبب الرئيس القادم للموساد، وهو المنصب الذى يذهب بصاحبه إلى أعلى سلم القيادة الإسرائيلية، بعدما يجلس صاحبه فى ذلك المكتب السرى الذى يقع فى «غليلوت» خارج تل أبيب.
ويعد اختيار رئيس الموساد القادم، أحد أهم الملفات المطروحة الآن على مائدة الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا أنه من المقرر أن ينهى رئيس الموساد الحالى «تمير باردو» خدمته فى ٦ يناير المقبل، بعدما استمرت ولايته خمسة أعوام.
ويعقد رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامن نتنياهو، خلال الفترة الحالية لقاءات مطولة مع المرشحين للمنصب يستمع فيها لبرامجهم المستقبلية للجهاز، وحتى الآن يوجد ٦ مرشحين للمنصب منهم ٤ هم الأوفر حظًا وفق خبراتهم السابقة.
وكان نتنياهو قد عين رئيس الموساد الحالى «تمير باردو» بإرادته المنفردة. وذلك بعد أن توترت الأجواء بينه وبين رئيس رئيس الموساد السابق، مئير دغان، فى نهاية ولايته.
وأول المرشحين الذى تردد اسمه مؤخرًا هو جنرال الاحتياط فى سلاح الجو «عيدو نحوشتان»، وهو يلقى دعمًا من نتنياهو، بحسب ما صرح به مقربون من رئيس الحكومة الإسرائيلية، لجريدة يديعوت أحرونوت.
ورغم ذكاء عيدو، وتفوقه، إلا أن تعيينه فى ذلك المنصب سيصاحبه هجوم شديد من داخل الجهاز، حيث سيعتبر قادة الموساد أن تعيين رئيس لهم من خارج الجهاز بمثابة الصفعة على وجوههم.
وقال مصدر مقرب من الموساد لجريدة «يديعوت أحرونوت»: إن تعيين عيدو، سيصاحبه موجة من استقالات القادة، فهو لا يعرف ٩٩٪ من نشاط الموساد، لأنه لم ينشأ داخله، ولم يشرف على العمليات، وعلى المنظومات. وهو بالنسبة لهم مجرد شخص خارجى ليست له أى علاقة بالنشاط السرى الذى يقومون به.
يذكر أن ٦ من بين ١١ شخصية ترأسوا الموساد حتى اليوم، نشأوا داخل الجهاز، بينما جاء الباقون من العسكريين، فيما تبلغ مدة ولاية رئيس الموساد خمس سنوات يمكن تجديدها بقرار من رئيس الحكومة.
أما ثانى المرشحين لرئاسة الجهاز هو «رام بن باراك»، وهو مدير عام وزارة الاستخبارات، وكان قد شغل منصب نائب رئيس الموساد وقت ولاية مئير دغان.
وبحسب تقرير نشرته جريدة «يديعوت أحرونوت»، فإن بن باراك جُند فى كتيبة «سييريت متكال» عام ١٩٧٧، وكان مقاتلًا بارعًا، وبعد تركه للجيش التحق بالموساد واجتاز دورة تسمى «كيشيت»، التى تعد من الدورات الصعبة فى الجهاز، وهى عبارة عن تدريب عنيف فى الملاحقة والمتابعة والتسلل إلى داخل المبانى. وكانت زميلته فى الدورة هى وزيرة الخارجية السابقة ورئيسة حزب الحركة، تسيبى ليفنى.
وبحسب تقرير أحرونوت، فقد أنهى كلاهما الدورة بامتياز، وبقيت ليفنى فى الدورة لفترة زمنية قصيرة، لرفضها توقيع تعهد بألا تنجب، بينما استمر باراك فى الدورة.
وفى إبريل عام ١٩٩١ تم ضبط بن باراك مع ثلاثة آخرين وهو يحاول تركيب جهاز تنصت فى مبنى بدولة أجنبية، وكان يحمل جواز سفر إسرائيليًا باسم «ران سوف»، وقبض عليهم، ثم أطلق سراحه بعد ثلاثة أيام. إلا أن الحادثة تسببت بأضرار للموساد ولإسرائيل، وبعد أن عين نتنياهو باردو رئيسًا للجهاز قام بتعيين بن باراك، المدير العام لمكتب الاستخبارات.
وثالث المرشحين لمنصب رئيس الموساد، هو يوسى كوهين «مستشار الأمن القومى»، الذى شغل منصب رئيس دائرة «تسومت» ثم عينه بيبى قائما بأعمال باردو. وتردد أن علاقة قوية تربط بين كوهين وعائلة نتنياهو وكانت هى السبب وراء تعيينه قائما بأعمال رئيس الجهاز.
وتلقى يوسى عام ١٩٨٢، دورة «ضابط جمع معلومات»، والتى تعتبر إحدى أهم ٣ دورات فى الموساد، ويتدربون فيها على تجنيد وتفعيل العملاء. ثم ترأس بعثة إلى إحدى الدول الأوروبية ثم استقال عام ٢٠٠٠ وبعد عامين شغل منصب رئيس مركز العمليات الخاصة، ثم أصبح القائم بأعمال باردو رغمًا عنه.
يذكر أن يوسى لقبه الإعلام الإسرائيلى بعارض الأزياء، وذلك بسبب أناقته المبالغ فيها، وألوان ملابسه الغريبة التى كان يرتديها، فكان أول من يرتدى سترة باللون الزهرى داخل الموساد.
أما المرشح الرابع فهو من يشغل نائب رئيس الموساد الحالى، وعتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية على اسمه وأطلقت عليه «ن».
وإلى جانب المرشحين الأربعة الأقرب للمنصب، هناك أيضًا المرشح دافيد ميدان، وهو من أدار صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، والتى أطلق فيها سراح الجندى الإسرائيلى، جلعاد شاليط. وولد ميدان فى مصر عام ١٩٥٥، وهاجر بعد سنتين إلى إسرائيل مع عائلته، وتجند فى الجيش الإسرائيلى عام ١٩٧٣ فى الوحدة «٨٢٠٠». وفى العام ١٩٧٧ تجند فى الموساد، وعمل عدة سنوات فى وحدة التنصت، وانتقل من هناك إلى «تسومت» وهو يتحدث العربية بطلاقة، وشغل منصب ضابط جمع المعلومات، الذى يقوم بتجنيد عملاء عرب.