غرائب وطرائف

3 سيناريوهات يتوقعها العلماء لنهاية الكون

يتفق معظمنا على الطريقة التي بدأ بها كل شيء، وأعني كل شيء حرفيًا، إذ أتحدث عن الانفجار العظيم وبداية الكون مُتوسّعًا من نقطة متناهية الصغر إلى أن وصل للحجم الذي وصل إليه الآن، ولا زال يتوسع بشكل فاحش! ولكن، هل فكرت يومًا أن تنظر للكون بنظرة تشاؤمية وتفكر في سيناريوهات اندثاره؟ ففي نهاية المطاف ستجف البحار والمحيطات، وتموت النباتات، وتُشبَّع الأرض بظروفٍ غير قابلة لاستضافة أي نوع من أنواع الحياة، وذلك ببساطة لأن الشمس نفسها ستموت يومًا ما، ولكن قطعًا ليس قبل المليار عام حسب تقديرات العلماء.

لا شك أننا لا نعلم تحديدًا ما ستؤول إليه الأمور لكوكبنا وللكون عامةً، ولكن هناك افتراضات مثيرة ومنطقية يمكنها أن تعطينا لمحة عن سيناريوهات النهاية المحتملة، وأعتقد أنه لمن المثير أن نعرف ذلك لأننا -على الأرجح- لن نكون موجودين حينها.

الانسحاق العظيم Big Crunch 

قد ينسحق الكون في النهاية ويتحول إلى ثقب أسود – المصدر:Shutterstock

هي فرضية مبنية على نموذج الانفجار العظيم، الذي يشير إلى أن الكون قد توسع ومستمرٌ في التوسع، ولكن بحسب فرضية الانسحاق العظيم Big Crunch، فلهذا التوسع حد بسبب كثافة الكون التي ستجعله يبدأ في الانكماش، أو الانسحاق على نفسه حتى يصل في النهاية إلى حالة من الكثافة الفائقة Super dense state تُشبه متفردة الثقوب السوداء.

الأمر أشبه ببالون مطاطي تضخ فيه الهواء؛ سيظل يتوسع إلى نقطة معينة تكون المضخة عندها غير قادرة على إنتاج المزيد من الهواء، وبمن ثم سيبدأ البالون بالانكماش. لماذا قد لا يستطيع كوننا أن يستمر بالتوسع مثل البالون؟ ببساطة لأنه محكوم بقوى الجاذبية والتي يُعتَقد أنها ستتغلب في النهاية على القوى التوسعية للكون “التي تحدث بفضل الطاقة المُظلمة Dark energy”، ما سيؤدي إلى انكماشه حتى يصل إلى النقطة التي بدأ عندها فينسحق.

في الحقيقة يعتقد بعض العلماء أن كوننا الحالي ليس أول كونٍ يُنشأ من المتفردة Singularity (النقطة الصغيرة التي “انفجر” منها الكون)، ويزعمون بأن تلك النقطة “كوننا الحالي” ليست سوى أثر لكون آخر كان قد انتهى ثم توسع إلى كوننا الحالي، والذي سينتهي بدوره وسينشأ عنه كون جديد، وهكذا سيستمر الأمر في دائرة مُفرغة تُعرَف بـ”الكون الدوري” أو “علم الكون الدوري المطابق- Conformal cyclic cosmology”.

الجدير بالذكر أن فرضية الانسحاق العظيم هذه قد تحدث لأسباب أخرى غير تغلب قوة الجاذبية على توسع الكون، مثل انعكاس طبيعة عمل الطاقة المظلمة Dark energy، وبدلاً من المساهمة في توسع الكون، نراها تؤدي إلى انكماشه، ولا ننسى أننا نجهل ماهية هذه الطاقة والتي سُميت أساسًا بـ”الطاقة المظلمة” نظرًا لأننا نجهل ماهيتها.

التمزق العظيم Big RIP 

كوننا يتوسع بدرجة هائلة – المصدر:Shutterstock

علمنا أن الكون يتوسع، ويتوسع بمعدلٍ هائل بسبب الطاقة التي نجهل ماهيتها والتي تُعرَف بـ”الطاقة المظلمة Dark matter”. ومثلما قد تؤدي هذه الطاقة في النهاية إلى انسحاق أو انكماش الكون، فإنها قد تؤدي إلى مآلات أخرى مرعبة.

أحد هذه المآلات أن الكون سيظل يتوسع ويتوسع ويتوسع إلى أن يصل إلى درجة لا يتوقف عندها ويبدأ في الانكماش، بل تكون الطاقة المظلمة قد توحشت، ما يجعل الكواكب، النجوم، المجرات، وجميع الأجرام السماوية غير قادرة على “الإمساك” ببعضها بفعل قوى الجاذبية، وهذا يعني أنها “ستتمزق” فيما يُعرَف بفرضية “التمزيق العظيم Big RIP”.

حتى نتخيل الأمر معًا دعونا نستعن بالمادة المطاطية نفسها مرة أخرى. هذه المرة تخيل أنك تُمسك بطرفي هذه المادة وتشدها بقوة؛ ما سيحصل هو أنه عند درجة معينة لن يستطيع القماش أن يتماسك وسيتمزق إربًا.

بشكل عام يتوقف حدوث هذه الفرضية من عدمه على ما يُسمى بـ”الكثافة الحرجة Critical density”؛ وهي الدرجة التي إذا قلت كثافة الكون عنها سيتوسع إلى ما لا نهاية، وإذا تخطاها فسيبدأ بالانهيار أو الانكماش على نفسه. وبحسب الفيزيائي النظري “روبرت كالدويل Robert Caldwell” من كلية دارتموث؛ إذا حدثت فرضية التمزق العظيم Big RIP، فإنها قد تحدث بعد حوالي 22 مليار سنة، حينها ستكون الشمس قد تحولت إلى نجم عملاق أحمر red-giant، ومن ثم إلى قزم أبيض White dwarf “آخر المراحل في دورة حياة الشمس عندما ينفد وقودها الأساسي”، ما يُنبئ بانتهاء الحياة على الأرض.

التجمد العظيم Big Freeze 

تجسيد لمفهوم العشوائية Entropy – المصدر:Shutterstock

 

لا أدري سبب تمسك العلماء بهذه المسميات المشابهة لنظرية الانفجار العظيم Big Bang، ولكن على أي حال…

آخر فرضية سنطرحها لنهاية الكون -هناك فرضيات أخرى- هي فرضية “التجمد العظيم Big Freeze”، وتتشابه في تفاصيلها مع الفرضيتين السابقتين بشكل أو بآخر. هذه المرة تعتمد الفرضية على طبيعة الطاقة المظلمة Dark energy نفسها. وفيها -الفرضية- يتوسع الكون أيضًا بوتيرته الهائلة حتى يُبعَد المجرات والنجوم والكواكب عن بعضها، وهذا يعني أن الكواكب، وعلى رأسها كوكبنا الأزرق الجميل، لن تحصل على الضوء القادم من النجوم “والشمس في حالتنا”، ومن ثم سنتجمد ونموت جميعًا.

بعيدًا عن أن الحياة على كوكبنا ستتوقف قبل نهاية الكون نفسه، فإننا يمكن أن نقول إن الكون نفسه سيموت بمجرد وصول درجة حرارته إلى الصفر المطلق Absolute Zero، ولمن لا يعلم فالصفر المطلق يعني التوقف التام للحركة؛ لن تكون هناك طاقة بالمعنى الحرفي، من ثم لن يكون هناك أي شكل من أشكال الحياة.

بالمناسبة، عند تلك الدرجة سيكون كوننا قد وصل إلى أقصى درجات العشوائية أو الـ “Entropy”، وهذا يعني أن المجرات ستكون بمثابة المقبرة للنجوم الميتة والكواكب المُنتهية. ويعتقد الكثير من العلماء أن هذا هو السيناريو الأكثر احتمالاً لنهاية الكون، وإنه حقًا لمرعب.

في النهاية، لا يجب أن نغفل حقيقة أن كل السيناريوهات المطروحة، وغير المطروحة، هي مجرد افتراضات أو حتى تكهنات لا ترتقي لمرتبة النظرية أو الحقيقة العلمية؛ لا أحد يعرف قطعًا كيف سينتهي الكون، وإنما هي دلائل ومؤشرات فقط، قد تصيب وقد تكون خطأً.
 

زر الذهاب إلى الأعلى