في فبراير الماضي، احتار العاملون في مجال الرعاية الصحية وعلماء الأوبئة في الهند بحثاً عن حل للغز تحسُن الأمور فيما يتعلق بتفشي كورونا وما اعتبروه حظاً جيداً لبلادهم في تلك الأزمة؛ فقد انخفض عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، وأصبح الطلب على أجهزة التنفس الصناعي قابلاً للتلبية والإدارة، وتوقع الخبراء أن البلاد ستجتاز موجة ثانية كبيرة من تفشي الفيروس.
صيدلية العالم
كانت الهند توزع الوعود على الجيران والأصدقاء بتقديم اللقاحات إليها باعتبارها صيدلية العالم، وفي إطار دبلوماسية لقاحات هندية تقول إنها أكثر كرماً وأقل تسيساً من الصين.
لكن بحلول أبريل، اتخذت الأمور منحى مختلفاً؛ إذ باتت الصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تعرض جثثاً مكدسة في أماكن عامة اتَّخذت محارق مؤقتة للجثث لفرط أعدادها.
وبينما شحت أسرة المستشفيات وأنابيب الأوكسجين، لجأ المرضى والأقارب الجَزِعون إلى السوق السوداء للأدوية، غير أن ذلك لم يمنع أيضاً موت أعداد كبيرة في المستشفيات بنقص الأوكسجين.
مناعة وهمية
لكن السر وراء تفشي فيروس كورونا في الهند بهذا التوحش، لا يزال يحيِّر الخبراء، الذين فسروا انخفاض الإصابات قبل عدة أشهر بأنه يعود إلى مناعة القطيع التي اكتسبها المواطنين من الفيروس، والآن تبين أن الشعب لم يكتسب المناعة كما قيل، والفقراء قبل ذلك كانوا يموتون دون أن يأبه بهم أحدا.
وسجلت الهند، حتى الثلاثاء الماضي، أكثر من 300 ألف حالة إصابة جديدة و2771 حالة وفاة جديدة.
في البداية أرجع الخبراء هذا الانتشار الكثيف للوباء إلى أن المناعة في الهند ربما لم تكن منتشرة إلى الحد بين الفقراء، لكن التفشي الحالي يصل إلى الشرائح الأكثر ثراء، التي بدأت لتوها الالتزام بالبقاء في المنازل والعزل الصحي خلال الموجة الأولى.
التجمعات الدينية والسياسية
وربما كان للتجمعات الكبيرة والفعاليات الجماعية التي انعقدت دور أيضاً: فقد انتُقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لقراراته برفع جميع القيود تقريباً وعقد تجمعات سياسية ضخمة الأعداد، كما ربط بعض الخبراء أكثر من 100 حالة إصابة بمهرجان ديني استقطب عشرات الآلاف من الحجاج الهندوس من جميع أنحاء البلاد.
حالة الذعر
وقالت منظمة الصحة العالمية أيضاً إن ضغطاً غير ضروري على نظام الرعاية الصحية في الهند من قِبَل الأشخاص الذين كانوا يذهبون إلى المستشفيات في حالة من الذعر عندما يمكنهم التعافي من كوفيد-19 في المنزل.
إجراءات الحكومة
أتاحت الهند تلقي لقاح فيروس كورونا لأي شخص يزيد عمره على 18 عاماً بدايةً من مطلع مايو المقبل.
كما اتجهت إلى الحد من كميات اللقاح المنتجة للتصدير وتحولت إلى التركيز على توزيع هذه الجرعات على المواطنين، كما أن رئيس الحكومة رأي إن الإغلاق يجب أن يكون الملجأ الأخير.
ورفض فكرة العودة إلى إعلان الإغلاق على مستوى البلاد، ما أدى إلى ارتفاع الإصابات ودفعه إلى إرسال الأوكسجين على متن قطارات “أوكسجين إكسبرس” إلى أنحاء البلاد التي تواجه شحَّاً في الإمدادات، والاستعانة بالمخزونات العسكرية من المعدات الطبية.
نقص الأوكسجين
عادةً ما تستخدم المستشفيات والعيادات الطبية في الهند نحو 15% فقط من الأوكسجين السائل المنتج في البلاد، لكن في الآونة الأخيرة، ومع استفحال الأزمة، تحول ما يقرب من 90% من إجمالي إمدادات البلاد إلى مرافق الرعاية الصحية.
وعلى الرغم من أن وزارة الصحة الهندية أعلنت في أكتوبر الماضي عن خطةٍ لبناء المزيد من محطات الأوكسجين، فإن الواقع أنه حتى الآن لم يُقَم إلا 33 محطة من أصل 162 محطة.