“الأمانة كنز لا يفنى” عبارة جسدها عامل بالسكة الحديد وجد العديد والعديد من المبالغ المالية والحقائب أثناء عملة فى الكثير من رحلات القطارات التى يعمل بها، ليعيدها دون تفكير إلى أصحابها رغم حياته البسيطة التى يعيشها وربما يكون بحاجة إلى جزء بسيط من تلك الأموال التى يعثر عليها، لكن إيمانه بربه وتمسكه بتعاليم دينه تجعله دائما ما يعيد هذه الأمان لى أصحابها ودون أن يطالب بأى مقابل.
وعبد الحكيم عبد المنعم دويدار صاحب الـ56 عاما، والذى يعمل بالسكة الحديد بما يقرب من 31 عاما، قضى خلالها العديد من الأعمال ليقوم بالعمل بالقطار خط الإسكندرية القاهرة، ووسط الركاب من شتى الأماكن يقضى وقت عملة يوميا ليعود إلى منزل البسيط بقرية شنتنا الحجر التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، راضيا بما قسمة الله له من رزق.
يعيش العامل البسيط فى منزل بقرية شنتنا الحجر ورزقه الله بـ5 من الأبناء، وما يقرب من 12 حفيدًا، وقال: “الحمد لله على كل شىء والرزق المقسوم هو المكتوب ولن نأخذ جنيه واحد ليس من حقنا”، لافتا إلى أنه يقوم بالعمل فى رحلات من القاهرة إلى الإسكندرية والعودة من جديد، وبعدها يعود إلى منزلة البسيط ليطمئن على أسرته ويأخذ قسطًا من الراحة ليعاود العمل من جديد فى اليوم التالى .
ويروى عبد الحكيم عن العديد من المواقف التى يجد بها حقائب ومبالغ مالية، ينساها الركاب فى القطار ويتركوها ويغادروا المحطة، وتكرر هذا الأمر معه كثيرا لكنه فى كل مرة يقوم بالتسليم لهذه المبالغ المالية والحقائب إلى أصحابها دون أى تفكير، لافتًا إلى أنه فى المرة الأخيرة كان مستقلًا القطار رقم 628 القادم من الإسكندرية والمتجه إلى القاهرة، وبعد نزول كل الركاب فحص القطار ليجد حقيبة أمام أحد الكراسى، بالعربة الأولى، فيقوم بفتحها للتعرف على المتعلقات الشخصية لصاحبها لتوصيلها لتفاجأ بمبالغ مالية تعرف عليها وهى 2500 يورو و19500 جنيه مصرى، وبعض العلاج المستعمل .
وتابع عبد الحكيم: “لم أفكر كثيرا وقمت بإبلاغ الشرطة، وتم تسليمها إلى محطة قطار القاهرة، ليتلقى المأمور بالمركز اتصالا هاتفيا من محطة قطار طنطا تفيد ببحث راكب عن حقيبة بها مبالغ مالية تركها بالقطار، ليتم الاتفاق على أن يتوجه صاحب الحقيبة لاستلامها، مؤكدا انه لم يترك الحقيبة قبل أن يتسلمها صاحبها بيده، ليوصل الأمانة التى وجدها إلى صاحبها .
لم يمر وقتا طويلا حتى وصل صاحب الحقيبة ويفاجئ بوجود الحقيبة كما هى دون أى نقصان ولا يجد أى تعبير سوى احتضان العامل بالسكة الحديد والدموع تنهمر من عينيه على ما وجدة من أمانة فى هذا العامل، والذى أعاد إلية المبالغ المالية والتى بدونها كان ستتوقف أعمالة التى جاء من أجلها بعد أن مكث ما يقرب من 30 عاما بفرنسا ليعود للعمل بمصر فى العديد من الأعمال .
وقال مجدى كامل محمد صاحب الـ57 عاما، إنه لم يتوقع أن يجد الاموال التى فقدها فى القطار، ليروى تفاصيل الواقعة أنه كان فى عجلة من أمره ووسط الزحام الشديد للركاب لم يتمكن من التأكيد على الحقائب التى معه وخاصة أن تلك الحقيبة كان قد وضعها أمامه بالكرسى الذى كان يجلس عليه، وعندما وصل القطار إلى محطة طنطا نزل ليترك الحقيبة الصغيرة، وبعد الخروج من المحطة وإيقافه لتاكسى ليوصله ويضع الحقائب به، تذكر الحقيبة الصغير ليعود سريعا إلى المحطة ويبلغ الشرطة، التى قامت بدورها بالاتصال بالمحطة فى القاهرة لتؤكد على أن الحقيبة قد سلمها العامل بالقطار إلى الشرطة بالقاهرة، لينطلق صاحب الحقيبة إلى المحطة وسط حالة من القلق .
وأكد مجدى، على أنه لم يصدق أن الحقيبة وجدها إلا بعدما شاهدها أمامه، مقدما الشكر إلى العامل على ما قدمه من أمانة دون أن ينتظر مقابل، قائلا عن العامل: ” عمرى ما هنساه فى حياتى وسأزوره دائما وأكرمه على أمانته التى تتواجد قليلا، مختتما كلامه: ” لو ربنا كرمنى بولد هسميه عبد الحكيم على اسم العامل الذى وجد المبالغ المالية تكريما له على أمانته التى قلما تتواجد فى الكثير من الناس “.
من جانبه قال عبد الحكيم، إن الفقر ليس فى الأموال بل فى النفوس، مضيفًا: “حياتى من الممكن أن تكون بسيطة جدا ولكننى بالمال الحلال تمكنت من تعليم أبنائى وتزويج بنتين منهم، وعلى الرغم من أننى فى هذا اليوم لم يكن معى 5 جنيهات أقوم بشراء طعما لى لكنى فضلت أن أعيد الأمانه إلى صاحبها، لأن الأصل فى التربية يغلب دائما ودائما ما ينتصر الحلال على الحرام .”.