يتوجه أكثر من 6 ملايين إسرائيلى، بينهم نحو مليون فلسطينى، إلى صناديق الاقتراع اليوم، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الإسرائيلى (الكنيست) الـ22 بتاريخ إسرائيل.
تأتى هذه الانتخابات وسط آمال عربية ويهودية يسارية بكتابة مشهد النهاية لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، لقطع الطريق على ما بات يعرف إعلاميا باسم «صفقة القرن»، والتى تسود المخاوف من أن تتسبب في كتابة شهادة الوفاة للقضية الفلسطينية.
إلى جانب عرب 48، تتوجه الأنظار في هذه الانتخابات إلى رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليمينى، افيجدور ليبرمان، الذي كان سببا رئيسيا في توجه الإسرائيليين إلى انتخابات مبكرة جديدة بعد نحو 5 شهور من انتخابات خاضوها في إبريل هذا العام، عقب رفضه الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو بسبب معانقته القوية للأحزاب اليهودية الدينية المتطرفة، والتى جعلت ليبرمان وأنصاره يحذرون من أن إسرائيل تسير على طريق أن تكون نسخة يهودية من إيران.
وأدرك نتنياهو نفسه أن الوقت عصيب، وأنه يمر بأصعب مراحل حياته السياسية، التي مكنته من الحصول على لقب «الأطول حكما في تاريخ إسرائيل». فهل يسقط هذه المرة؟!
«بيبى» يواجه كابوس الرحيل: الفوز أو السجن
يدرك بنيامين نتنياهو، الذي يتمتع بصحة جيدة رغم أعوامه الـ69، أهمية الانتخابات التي تجرى اليوم، والتى تحولت إلى استفتاء على بقائه في الحكم أو رحيله إلى خارج الحياة السياسية، بل إن الأمر قد يقوده إلى السجن إذا خسر هذه الانتخابات.
يخوض نتنياهو هذه الانتخابات وهو محاصر باتهامات الفساد التي تلاحقه في أكثر من قضية، تنتظر مصيره في صناديق الاقتراع كى تنتقل بسرعة إلى المحاكم لتلقى به خلف القضبان بتهم الاحتيال والتربح غير المشروع والاستيلاء على المال العام والرشوة واستغلال النفوذ وغير ذلك.
يبدو نتنياهو هذه المرة وقد زاد شيبا، وهموما، في ظل شعور بتخلى الجميع عنه، وكأنه سحر لكنته الأمريكية قد ذهب وولى، ولم يعد له أصدقاء باستثناء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذي يستعد هو الآخر لخوض انتخابات للفوز بفترة رئاسية جديدة العام المقبل.
لا يتوقف أنصار نتنياهو عن أنه يتعرض لمؤامرة كونية لإسقاطه، يشارك فيها العرب والروس والديمقراطيون الأمريكيون والأوروبيون، خاصة ألمانيا وفرنسا.
أما بيبى، المولود في تل أبيب بين 3 أبناء، وقضى فترة من طفولته في الولايات المتحدة الأمريكية، فبذل قصارى جهده كى يوهم الجميع بأن أصدقاءه يتزايدون، فراح يتحدث عن علاقات سرية مع دول عربية لا ترتبط بعلاقات
رسمية مع إسرائيل، وسافر إلى روسيا ليتسول دعم الرئيس فلاديمير بوتين، وراح يضغط على الإدارة الأمريكية كى تمنحه أي شىء يعزز به موقفه المتدهور في الانتخابات. وخرج أخيرا ليعلن أن خطته لضم جميع
المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة تتماشى مع خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلاميا بـ«صفقة القرن».
«ليبرمان».. صانع الملوك و«كاره الأحزاب الدينية»
تحول أفيجدور ليبرمان إلى عنصر حاسم في الانتخابات الإسرائيلية، لا سيما الأخيرة التي كان سببًا مباشرًا في توجه إسرائيل إليها بعد حوالى 5 أشهر من انتخابات سابقة.
ليبرمان، الذي يبلغ من العمر 61 عاما، ولد باسم «إيفيت لافوفيتش ليبرمان»، في مولدوفيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى السابق، درس الزراعة وهاجر مع أسرته إلى إسرائيل في 18 يونيو 1978، وعندها قام بتغيير اسمه إلى «أفيجدور». أدى خدمته في الجيش الإسرائيلى بمدينة الخليل المحتلة، ثم اجتاز دورة تدريبية في سلاح المدفعية كضابط احتياط بها. ورغم دراسته الزراعة، أكمل دراسته في إسرائيل حتى حصل على ماجستير العلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس.
عمل ليبرمان في السابق حارسًا لملهى ليلى ويتحدث بلكنة روسية واضحة، بات الآن من أبرز السياسيين في إسرائيل، وقالت وكالة رويترز إنه قد يخرج من هذه الانتخابات حاملا لقب «صانع الملوك»، إذا نجح في إنهاء 10 سنوات من حكم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.
في المقابل، وصفه إسحاق كوهين، نائب زعيم حزب «شاس» الدينى المتطرف، بأنه مثل «برميل من النفايات المتعفنة».
«عرب 48».. آمال التأثير بمليون صوت فلسطينى
يحق لنحو مليون فلسطينى يحملون الجنسية الإسرائيلية التصويت في انتخابات الكنيست، اليوم.. وسط آمال عربية ويهودية يسارية بأن يشكلوا رقمًا قويًّا في نتائج الانتخابات يمكّنهم من منع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومة يمينية متطرفة جديدة.
ويشكل هؤلاء الفلسطينيون المعروفون إعلاميا باسم «عرب 48» نحو 16% من إجمالى عدد من يحق لهم التصويت بهذه الانتخابات، في ظل آمال بأن تحصد قائمتهم الموحدة 13 مقعدًا من مقاعد البرلمان الإسرائيلى (الكنيست) البالغة 120 مقعدًا، بما يجعلهم ثالث أكبر كتلة بوسعها أن تؤثر بشكل كبير في شكل وتشكيل الحكومة الإسرائيلية المنتظرة.
وخاضت الأحزاب العربية انتخابات الكنيست الـ21 التي جرت في إبريل الماضى بقائمتين تحالفيتين: «الجبهة والتغيير» و«الموحدة والتجمع»، وحصلت على 10 مقاعد، بعد أن كانت ممثلة بـ13 مقعدا ضمن القائمة المشتركة بانتخابات 2015.
ووفقا لمعطيات لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، يحق لأكثر من 950 ألف عربى التصويت، منهم 460 ألفا مارسوا حق الاقتراع في الانتخابات الماضية. وتواجه الأحزاب الممثلة بالقائمة العربية المشتركة- وهى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطنى الديمقراطى، والحركة الإسلامية والعربية للتغيير- تحديات تتمثل في فقدان الثقة في دوائرهم، فضلا عن دعوات المقاطعة وتراجع نسب التصويت لدى فلسطينيى 48 الذين لم يتجاوزوا نسبة 50% بانتخابات الكنيست الأخيرة، بينما بلغوا 64% في انتخابات 2015.