أخبار فنية و ثقافية

كتاب “مافيا إخفاء الأموال المنهوبة”: الفقراء يدفعون ثمن غسيل الأموال فى الأوف شور

فى الأيام القليلة الماضية أثار ما أطلق عليه وثائق بنما الكثير من الجدل فى العالم بعد أن كشفت الوثائق المسربة تورط كثير من قيادات ومسئولى العالم فى شبهة غسيل الأموال، أو ما يطلق عليه “الأوف شور”.

“يحيط عالم الأوف شور من كل جانب، يمر أكثر من نصف التجارة العالمية، على الأوراق، على الأقل، من خلال الملاذات الآمنة، أكثر من نصف الأصول المصرفية جميعها وثلث الاستثمارات الأجنبية للشركات متعددة الجنسية تمر عبر الأوف شور”، هذا ما يراه الصحفى البريطانى نيكولاس شاكسون فى كتابه مافيا إخفاء الأموال المنهوبة ترجمة فاطمة نصر دار سطور الجديدة.

ونيكولاس شاكسون اكتشف أثناء رحلة عمل إلى دولة الجابون بأفريقيا ما أطلق عليه مافيا إخفاء وتهريب الأموال المنهوبة فى العالم.

والكتاب يكشف ما تمارسه “مافيا” تهريب الأموال عبر الملاذات الضرائبية الآمنة أو ما يسمى بـ”الأوف شور” “offshore”، الذى يمر من خلالها حوالى ثلثى إجراءات التجارة العالمية، والأوف شور “offshore” يطلق على بعض الجزر القريبة من الداخل الأوروبى، مثل جزر البهاما وجرسى والكايمان، التى كانت جزءا من مستعمرات سابقة، ورغم أنها تتمتع فى غالبيتها باستقلال ظاهرى عن البلد الأم، فإنها مرتبطة عن كثب بالعواصم المالية والسياسية الكبرى، وتعد هذه الأماكن ملاذات آمنة لإيداع أموال الكبار وأموال الجريمة والأموال المنهوبة، حيث تضمن سرية المودعين، ولا تكاد تخضع أموالهم لضرائب تذكر، وهذه الملاذات ليست مقصورة على تلك الجزر، بل هى موجودة فى قلب العواصم الكبرى فى كل من بريطانيا وهولندا وأمريكا وغيرها من البلدان.

ويتابع الكتاب أنه عام 2010 قدر صندوق النقد الدولى أن الميزانيات العمومية لجزر المراكز المالية الصغيرة وحدها يبلغ مجموعها 18 تريليون دولار (أى 18 مليون مليون) أى ما يساوى ثلث حجم الناتج المحلى للعالم كله.

ويشير الكتاب إلى أن ثلث إجراءات التجارة العابرة للحدود تتم داخل الشركات متعددة الجنسية، وتخسر البلدان النامية ما يقدر بحوالى 160 مليار دولار سنويا أمام هذه الشركات، من خلال تزييف عملية تحديد الأثمان، وكمثال على ذلك فإن أكبر ثلاث شركات موز فى العالم، التى يقدر حجم أنشطتها فى بريطانيا بحوالى 750 مليون دولار، لم تدفع ضرائب سوى 235 ألف دولار فقط فى العام 2006، وفى العام 2007 أكدت دراسة لمكتب المراجعات المحاسبية القومى ببريطانيا أن “أكثر من 230 من أكبر 700 رجل أعمال فى البلد، لم يدفعوا أى ضرائب على الإطلاق فى العام السابق”، وتعد هذه القدرة على القيام بالتلاعب فى تحديد ثمن التعاملات المضللة السبب فى كون الشركات متعددة الجنسية, تنمو بمعدل أسرع كثيرا من منافسها الأصغر.

وينتهى الكتاب إلى أن “عالم “الأوف شور” ليس مجموعة من الدول المستقلة، التى تمارس حقوقها السيادية فى سن قوانينها، ووضع أنظمتها الضريبية، بل هى مجموعة من شبكات النفوذ التى تتحكم فيها القوى العالمية العظمى”

ويشير المؤلف إلى أن جزر فرجين البريطانية التى لا يتعدى سكانها 25 ألف نسمة، تستضيف أكثر من 80 ألف شركة، وهى شركات ورؤوس أموال تهاجر إلى حيث تستطيع الحصول على أفضل أنظمة ضرائبية، وبالتالى فإن عالم “الأوف شور” ليس مجموعة من الدول المستقلة، التى تمارس حقوقها السيادية فى سن قوانينها، ووضع أنظمتها الضريبية وفقا لما تراه مناسبا، بل هى مجموعة من شبكات النفوذ التى تتحكم فيها القوى العالمية العظمى، خاصة بريطانيا والولايات المتحدة، كل شبكة منها متداخلة بعمق مع الأخريات.

زر الذهاب إلى الأعلى