انطلقت صباح اليوم الأحد، أعمال المنتدى الأول لنماذج المحاكاة للدارسين بالبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، فيما يمكن أن يطلق عليه نموذج محاكاة للدولة المصرية، بهدف التعرف على رؤية الشباب حول المشكلات التي تواجه مصر، واقتراح الحلول المناسبة والواقعية لها.
وتقام أعمال المنتدى تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي إطار إعلان الرئاسة ٢٠١٦ عاما للشباب.
يناقش المنتدى على مدى ثلاثة أيام، مجموعة من الأوراق البحثية التي أعدها الشباب الدارسين، حول تطوير القطاع السياحي، وتفعيل الرؤية المستقبلية ٢٠٣٠، وأوضاع الدولة المصرية والتحديات التي تواجهها وبرامج العمل الوطني، كما تشمل الأوراق تطوير المحليات والعشوائيات، والتحديات الاقتصادية وأزمة الدولار، والثقافة والأخلاق والهوية المصرية، وتطوير المنظومة الصحية، ورؤية متكاملة للسياسات الخارجية في ظل المتغيرات والتحديات الدولية.
وتتضمن الأوراق البحثية أيضا تطوير الزراعة والإنتاج الحيواني، والحفاظ على الآثار المصرية وتعظيم الاستفادة منها، والتنمية المستدامة في المشروعات القومية الكبرى، وتطوير آليات العلاقة بين الدولة والشباب، وتحديث الصناعة المصرية مع ورقة متخصصة في صناعة الدواء، ورؤية متكاملة حول مواجهة التطرف الديني، وتطوير الصعيد والمحليات والمجتمع المدني ومحور قناة السويس والثانوية العامة.
ويشارك في فعاليات المنتدى عدد من الوزراء والمحافظين وأعضاء مجلس النواب وممثلو الأجهزة الرقابية والمجالس مثل حقوق الإنسان والمرأة، حيث سيستمعون إلى آراء ورؤى الدارسين، ويجرون مناقشات واسعة لتوضيح مدى واقعية وملائمة هذه الرؤى، وقابليتها للتطبيق على أرض الواقع، الأمر الذي يؤكد أهمية التفاعل بين الدارسين بعضهم والبعض لترسيخ ثقافة العمل الجماعي، ومن ناحية أخرى تدعيم الحوار والتفاعل بين الدارسين والمسئولين، بما يسهم في طرح وجهات نظر جديدة إزاء مختلف التحديات بما يثري العمل الوطني، والتعرف على آلية العمل داخل القطاعات الحكومية والبرلمان وأجهزة الدولة المختلفة والمجالس المتخصصة، مما يسهم في جعل المنتدى يمثل محفلا مهما لتأهيل الشباب سياسيا وإداريا وثقافيا، وقياس قدراته على القيادة والإدارة بشكل متكامل في المستقبل.
وبدأت فعاليات المنتدى اليوم بعرض فيلم تسجيلي عما تم تحقيقه في إطار البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، وما اكتسبه الشباب من قدرات ومهارات علمية وثقافية وإدارية من خلال الدورات التعليمية والتدريبية وورش العمل، باستخدام أحدث النظم العلمية، وزيارات ميدانية لمؤسسات الدولة مثل مجلس النواب للتعرف على سير العمل وطرح الاستفسارات المختلفة، وكذلك زيارة لمراكز تدريب القوات المسلحة، كما عرض الفيلم آراء مجموعة من الطلاب الذين أعربوا عن تحمسهم للمشاركة في البرنامج الرئاسي بما يسهم في إعدادهم للمشاركة بقوة في العمل الوطني مستقبلا.
ثم صعد إلى المنصة حلمي النمنم وزير الثقافة، والدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، ونادر مصطفى صديق عضو مجلس النواب، للمشاركة في مناقشة ورقة بحثية حول رؤية نحو الثقافة والأخلاق، خاصة في عصر العولمة وما يعرف باسم صراع الحضارات.
وعرضت الورقة المقدمة من عدد من الدارسين مشكلة انهيار منظومة الأخلاق في مصر خلال الفترة الأخيرة، والتحديات التي أدت إلى اختلال منظومة القيم والسلوكيات في المجتمع المصري مثل تراجع قيم الخير والحب والعدالة والقدوة والإحساس بالأمان والطمإنينة والأسرة والانتماء للوطن، وانتشار اتجاهات السخرية بين الشباب.
ونادت الورقة بوضع إستراتيجية للحفاظ على رأس المال الاجتماعي، من خلال إصلاح منظومة التعليم وتفعيل دور الأسرة والأزهر والمؤسسات الدينية في المجتمع المصري، إلى جانب التنشئة السياسية.
وتحدثت ورقة بحثية إخرى عن سبل مواجهة التطرف الفكري، أخطرها التطرف الديني مثل “داعش” وغيره من التنظيمات والجماعات للإرهابية، على أن تكون الحلول نبذ التطرف الفكري وبناء شباب واع قادر على التمييز، وتنظيم ندوات تثقيفية وقوافل ميدانية لتعزيز مفهوم الخدمة المدنية، وإعلاء قيمة الوطن في الدين.
وأشارت الورقة إلى دور الفن في التعرف على مشكلات المجتمع والمطالبة بحلول لها، واقترحت الارتقاء بالذوق العام على أن تلعب الدولة دورا في ذلك من خلال الرقابة والإسهام في إنتاج الأعمال الفنية الراقية وتشجيعها، لتكون بديلا عن الأعمال الهابطة المليئة بالإسفاف.
وعقب وزير الثقافة حلمي النمنم على هذه الورقة، قائلا إن الرؤية التي طرحتها الورقة حادة، فليس هناك انهيار أخلاقي في مصر، بل يمكن القوافل أن هناك بعض التغيرات، ولا يزال هناك تماسكا أخلاقيا، مشيرا إلى أن ما حدث لـ”سيدة الكرم” بالمنيا أثار إدانة الرأي العام المصري كله وتعاطفه معها، كما نفى أن يكون هناك عدم انتماء للوطن، مشيرا إلى نزول الملايين في ٣٠ يونيو للدفاع عن الوطن وهويته، كما أوضح أن هناك قدوة في المجتمع المصري، على الرغم من وجود السلبيات.
وفيما يتعلق بالفن، قال الوزير إن الأفلام القديمة كانت راقية، وتتضمن آداب في الحوار والجمال والذوق الرفيع حتى عند تصوير الحارة، أما الآن فإن الأعمال الفنية الحديثة لم تعد تهتم بالسلوكيات الحميدة، وأشار إلى أحد الفنانين السوريين الذي قال له إنه تعلم الهندام وحسن الملبس من الأفلام المصرية القديمة، وأكد أن الفن جميل ويجب على الفنانين أن يراعوا الجمال في كل أعمالهم المصرية، وتطرق إلى إقبال الجماهير حاليا على عروض الأوبرا ونادي بنشر دور الأوبرا في جميع المحافظات لنشر ما وصفه بالعدالة الثقافية، بمعنى أن يتوزع المنتج الثقافي الراقي على جميع المواطنين في كل ربوع مصر، وأشار إلى أنه تم مؤخرا نقل بعض احتفالات دار الأوبرا إلى عدد من الجامعات.
وعقب الدكتور أسامة الأزهري على الورقة البحثية، مشيدا بالمستوى العلمي الرفيع لمعدي الورقة، وقال إن قضية التغير الأخلاقي ربما قد يصل إلى الانهيار التي تشير إلها الورقة، موضحا أننا أمام صورتين صورة الإنسان المصري الذي بنى الهرم والأزهر وحفر قناة السويس والجيش القوى، وهو هنا إنسان ملتزم ورائد وله دور في العالم، وقادر على التعمير والبناء، وربما شعر الإنسان المصري في بعض الأحوال بالإحباط وفقدان الثقة في الذات وربما في الوطن، وهو ما تصوره بعض الأفلام الآن.
وأوضح أن منظومة القيم تتعرض أحيانا للتجريف، الأمر الذي يحتاج إلى استنفار لإعادة ثقته في ذاته وقدرته على تجاوز الأزمات والتغلب عليها.
وتطرق “الأزهري” إلى رؤية مكافحة التطرف الفكري، مشيرا إلى التآخي التاريخي بين المسلمين والمسيحيين يعبر عن حالة مصرية مستقرة، إلى أن جاء حسن البنا وجماعته “الإخوان” لتبدأ فكرة الصدام، مؤكدًا على ضرورة إزالة فكرة صدام الحضارات ودعم التسامح.