تخيل شاحنة تزن 40 طنا تنطلق على الطريق السريع بكامل سرعتها، لكن عندما مرت الشاحنة من أمامك لاحظت أن السائق يغفو مسترخيا على المقعد والسيارة تنطلق في طريقها.
ربما بدا هذا السيناريو بعيدا جدا عن التصور، لكن مع اتجاه صناعة السيارات في العالم نحو تكنولوجيا السيارة ذاتية القيادة وانتشار أنظمة مساعدة السائق المعقدة، فقد لا يمر وقت طويل حتى تحدث تحولات كبيرة في صناعة النقل.
بالتأكيد فإنه من المحتمل تخيل سيناريو يقضي فيه سائق الشاحنة ثماني ساعات على عجلة القيادة، لكنه يلقى مساعدة كبيرة من نظام إلكتروني لمساعدة السائق، فهل سيحتاج السائق إلى تكرار ضغط المكابح كما يحدث الآن؟
بحسب بيتر فوس من شركة الاستشارات الإدارية “إرنست أند يونج” فإن “هذا قد يصل إلى درجة أن زمن رحلات الشاحنة لن يقاس بنفس عدد ساعات القيادة”، وإنما سيتم تطوير طريقة جديدة لحساب هذه الساعات.
وكل دقيقة تقضيها الشاحنة وهي تتحرك تمثل زيادة في الكفاءة بالنسبة لشركة النقل، لذلك فقد يكون من المغري الإبقاء على الشاحنة في حالة سير دائم. على سبيل المثال وكما يقول فوس “فإنه بعض التوقفات الإجبارية من الناحية القانونية حاليا يمكن أن يتم الاستغناء عنها”.
ويتوقع خبراء وصول تكنولوجيا السيارة ذاتية القيادة وانتشارها في قطاع الشاحنات لتصبح شاحنة من كل 3 شاحنات تباع في أوروبا ذاتية القيادة خلال 10 سنوات من الآن.
ولن تحتاج السيارات ذاتية القيادة فقط إلى اتباع خطوط تحديد الحارات والحفاظ على المسافة الفاصلة بينها وبين السيارة الموجودة أمامها، لكنها أيضا ستحتاج إلى تجاوز السيارات الأخرى في بعض الحالات وفي أفضل الحالات ستحتاج إلى وسيلة للتواصل مع السيارات الأخرى على الطريق.
وتتوقع شركة ماكينزي الاستشارية أن يكون ثلث الشاحنات المباعة في أوروبا بحلول 2025 ذاتية القيادة بحيث تستطيع الشاحنة السير في مواقف القيادة الأقل تعقيدا دون الحاجة إلى سائق.
يذكر أن الشاحنات الحديثة اليوم مجهزة بكل أنواع أنظمة المساعدة. وقدم العديد من شركات صناعة السيارات مؤخرا بعض التقنيات الجديدة في معرض “آي.أيه.أيه” للسيارات التجارية في مدينة هانوفر الألمانية.
في الوقت نفسه فإن الكثير من شركات النقل والإمداد والتموين تتابع هذه التطورات المستمرة بدقة مع التركيز على التكنولوجيا التي تقلل استهلاك الوقود وتساعد السائق.
ورغم ذلك فقد أظهر مسح أجري لحساب شركة كونتنينتال الألمانية لصناعة الإطارات أن حوالي 20% فقط من شركات النقل وضعت تكنولوجيا السيارة ذاتية القيادة ضمن قائمة أمنياتها لتطور صناعة السيارات، في حين طلب السائقون طلبات أكثر عملية مثل أنظمة الملاحة.
من ناحيته يقول بيتر فوس إن هناك عنصرا آخر سيكون له أولوية وهو حتمية تحسين عوامل الأمان في الشاحنات حيث أن الكثير جدا من الحوادث تقع بسبب إجهاد السائقين.
أما يورس دلنكا خبير شئون النقل في مؤسسة “أوليفر ويمان” فيقول إنه يعتقد أن السيارات ذاتية القيادة يمكن أن تقدم حلا لنقص السائقين الجدد في قطاع النقل الأوروبي نظرا لأن عدد الساعات الطويلة التي يقضيها السائق في عمله يجعل من الصعب التوفيق بين هذه الوظيفة والحياة الشخصية.
ويضيف أن “الشاحنات ذاتية القيادة ستكون من بين وسائل التخفيف من حدة نقص السائقين”.