حرج شديد وآثار اقتصادية سلبية وخسائر مادية بالمليارات وفضيحة عالمية أصابت واحدًا من عماليق صناعة السيارات في العالم، على خلفية التلاعب في نسب عوادم السيارات التي تعمل بوقود الديزل والادعاء كذبًا بابتكار محركات قادرة على إخراج انبعاثات أقل لحماية البيئة.
فولكس فاجن، الإسم الذي صدح طوال عامين ويزيد في قاعات المحاكم في دول عديدة حول العالم وقيد ضده مئات الآلاف من العملاء شكاوى ومطالبات بدفع تعويضات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، بسبب الكذب والتضليل والغش التجاري، فقط من أجل رفع معدل المبيعات في دول قوانين البيئة فيها صارمة ولا تسمح بسير نوعية السيارات التي تتخطى نسب الانبعاثات المقررة.
البداية من الولايات المتحدة
في سبتمبر من عام 2015 كشفت وكالة حماية البيئة الأمريكية، أن فولكس فاجن قد طرحت سيارات بالسوق الأمريكية بعد تزويدها بأجهزة تمكن المحركات من معرفة أوقات اختبار الانبعاثات، ما يجعلها تحسن من أداءها وقت الاختبار من أجل تحسين الأداء لاجتيازه.
وأبرز هذه السيارات “أودي A3” التي تصنعها فولكس فاجن، وطرازات جيتا، وبيتل، وجولف، وباسات، وقدرت السلطات الأمريكية عدد السيارات التي بيعت ويعتريها هذا الغش بنحو 482 ألف سيارة، إلا أن فولكس اعترفت فيما بعد أن عدد السيارات التي زودت بجهاز التحكم في الانبعاثات يقدر بـ11 مليون تجوب شوارع العالم.
وعلى خلفية هذه الفضيحة، اضطر مارتن فنتركورن، الرئيس التنفيذي لفولكس فاجن إلى تقديم استقالته رغم نفيه في وقت لاحق وقوع الشركة الألمانية في خطأ فادح، فيما بدأت التساؤلات تتهاوى على رأس الشركة عن كم المسئولين المتورطين في هذه الفضيحة ومدى توغل أيديهم في صناعة القرار بالشركة، كما تقدم كريستيان كلينجر، عضو مجلس الإدارة ورئيس قسم المبيعات التسويق لدى فولكس فاجن باستقالة من منصبه.
مداهمات مقار وملاحقات أمنية
كالنار في الهشيم انتشرت الفضيحة وأصبحت السلطات في دول أوروبية عديدة على اهبة الاستعداد لمداهمة مقار الشركة الألمانية، بحثًا عن ملفات قد تتعلق بالأزمة أو أسماء مواطنين قد يكونوا متورطين في القضية، وأبرز تلك الدول التي اتخذت إجراءات أمنية بريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، وكندا، واستراليا، بالإضافة إلى ألمانيا الدولة المصنعة.
وبعد أيام من الكشف عن تلك الأزمة، توجه العديد من عملاء فولكس فاجن وأودي إلى المحاكم كل في دولته لتقديم بلاغات ضد الشركة بعد تلاعبها بهم وتضليلهم ودفعتهم لشراء سيارات من المفترض أنها صديقة للبيئة وآمنة على حياتهم وحياة أسرهم.
حملة استدعاءات ودفع تعويضات
ولمحاولة تدارك الأزمة أعلنت الشركة الألمانية عن حملة استدعاءات واسعة النطاق للسيارات التي زود بها جهاز (defeat device) الذي يتحكم بنسبة انبعاثات العادم والتي وصلت إلى 11 مليون سيارة وذلك على مدار عامي 2016 وحتى نهاية 2017.
كما بدأت الشركة في دفع تعويضات مالية للعشرات من عملاءها الذين تقدموا ببلاغات يختصمون فيها الشركة، وقدرت بعشرات الملايين من الدولارات، ذلك فضلاً عن مليارات الدولارات التي من المفترض أن تدفعها الشركة لحكومات الدول التي تم التلاعب بقوانينها.
وأبرز وأكبر التعويضات التي قررت فولكس فاجن دفعها رسميًا، للولايات المتحدة الأمريكية التي تعد من أكبر وأهم الأسواق التي تعمل فيها الشركة الألمانية، وقد تم الإعلان عن أن المبلغ المقدر كتعويض لأمريكا هو 4.3 مليار دولار.
هذه المليارات الأربعة ليست الخسارة المقدرة على الشركة لتفادي الأزمة، بل إن التقديرات تشير إلى نحو 6.5 مليار دولار هي تكلفة سحب قرابة 500 ألف سيارة من السوق وتعديلها مرة أخرى وفقًا للقانون الأمريكي.
فولكس فاجن الأعلى مبيعًا
وعلى عكس المتوقع، أظهرت البيانات التي أصدرتها مجموعة “فولكس فاجن” الألمانية في بداية 2017 أنها أصبحت فيما يبدو أكبر شركة سيارات في العالم من حيث المبيعات خلال العام الماضي بعد وصول مبيعاتها إلى أكثر من 10.3 مليون سيارة بزيادة نسبتها 3.8% عن العام السابق.
ووفقا لبيانات المجموعة الألمانية فإنها قد باعت في 2016 حوالي 4.2 مليون سيارة في أوروبا و4.3 مليون سيارة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ و975.6 ألف سيارة في الأمريكيتين.
وفي هذا السياق قال ماتياس موللر الرئيس التنفيذي لمجموعة “فولكس فاجن جروب” على هامش معرض أمريكا الشمالية الدولي للسيارات الذي بدأت أعماله في مدينة ديترويت الأمريكية في العاشر من يناير 2017 إن “تسليم العملاء أكثر من 10 ملايين سيارة خلال 2016 يعزز مكانة المجموعة وعلاماتها التجارية ونحن نمضي نحو المستقبل”.
يذكر أن العديد من دول القارة الأوروبية والآسيوية لم تحسم أمورها بعد بشأن تسوية النزاع مع فولكس فاجن، حتى بعد تحمل الشركة التعويضات التي أقرتها المحاكم وكذلك تبعات سحب السيارات من الأسواق وإعادة تأهيلها لتتناسب مع المعايير البيئية.