خضع رئيس الوزراء نتنياهو خلال الأيام الماضية أمام طاقم التحقيق برئاسة رئيس وحدة (لاهف 433) وهي الوحدة المسئولة عن كشف الجرائم الخطيرة والدولية بما في ذلك جرائم الفساد ، وذلك للتحقيق في القضيتين المعروفتين إعلامياً بالملفين ( 1000 / 2000 ) :
القضية الأولى المعروفة إعلامياً بالملف (1000) :-
هي قضية يتم التحقيق مع نتنياهو فيها للاشتباه في حصوله على رشاوى وهدايا بأحجام كبيرة من رجل أعمال في إسرائيل من بينهم رجل الأعمال أرنون ميلتشان ، إضافةً إلى رجال أعمال آخرين في الخارج من بينهم رئيس المؤتمر اليهودي العالمي الملياردير الأمريكي ” رونالد لاودر ” .
القضية الثانية المعروفة إعلامياً بالملف (2000) :-
لم يتم ذكر مزيد من التفاصيل عنها .. إلا أن وسائل الإعلام ذكرت أن القضية الثانية تُعد أكثر خطرة ومعقدة سياسياً ، كما كشف مسئولون في الشرطة وفي النيابة أنها ملف ثقيل للغاية ، فيما أوضح معنيون بالتحقيق أنه على الرغم من أن القضية الثانية حيوية وخطيرة من ناحية عامة .. إلا أنها من ناحية جنائية معقدة ومركبة وملتبسة .
خضع نتنياهو للتحقيق مرتين حتى الآن منذ فتح ملف القضية يومي ( 2 / 5 ) يناير الجاري ، ومن المقرر أن يتم التحقيق للمرة الثالثة مع ” نتنياهو ” خلال أيام .
خضع أيضاً في إطار التحقيقات التي تدار ضد رئيس الوزراء نتنياهو في القضية الثانية رجل الأعمال ومالك صحيفة يديعوت أحرونوت نوني موزيس ، حيث تم الكشف عن لقاء جمع نتنياهو خلال الأشهر الأخيرة بمالك صحيفة يديعوت أحرونوت موزيس، توصلا خلاله إلى تفاهمات مفادها أن يحصل مالك يديعوت أحرونوت على مبالغ مالية وتحقيق أرباحاً عالية مقابل التزامه بأن يحدث تغييرات في الخط التحريري لصحيفة يديعوت أحرونوت لصالح نتنياهو، وإيقاف التوجه الناقد والمعادي له ، والذي اعتمدته الصحيفة على مدار سنوات طويلة ، مقابل تعهد رئيس الحكومة بإيقاف إصدار الملحق الأسبوعي لصحيفة يسرائيل هيوم المقربة من نتنياهو والمؤيدة له ، وتقليص توزيعها ومنع إصدارها في نهاية الأسبوع .. كانت صحيفة هاآرتس قد نشرت في ملحقها الأسبوعي قبل شهرين تقريراً أشار إلى أن اللقاءات بين ( نتنياهو / موزيس ) بدأت منذ عام 2009 .
مع بدء التحقيق مع نتنياهو بدأت المعارضة وعلى رأسها المعسكر الصهيوني في توجيه انتقاد لـ نتنياهو ، وقد وصل الأمر إلى مطالبة نتنياهو بالاستقالة من منصبه لحين انتهاء التحقيق معه .. إلا أن نتنياهو أكد أن التحقيقات ستنتهي دون وجود أي تهم .
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يخضع فيها للتحقيقات على مدار تاريخه السياسي ، حيث كان نتنياهو موضع تحقيقات جنائية من قبل ففي عام (1997) أثناء ولايته الأولى رئيساً للوزراء ، تم التحقيق معه بشأن اتهامات محتملة بالاحتيال وخيانة الثقة ، واتُهم ” نتنياهو ” بتعيين مدعي عام من شأنه أن يوفر معاملة تفضيلية لحليف سياسي ، وأوصـت الشرطـة باتـهـام نتنياهو.. لكن النيابة العامة رفضت توجيه اتهامات له ، وبعد ذلك بعامين كان نتنياهو قيد التحقيق مرة أخرى بتهمة الاحتيال ، وهذه المرة لاتهامات حول متعاقد مع الحكومة .. إلا أنه لم توجه إليه تهم مرة أخرى .
متابعة سير ونتائج التحقيقات الأولية وفقاً لما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية :
كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه على الأرجح أن المحققين قد واجهوا نتنياهو خلال التحقيقات بالقضية الثانية التي تتصف بأنها أكثر خطورة ، والتي على ما يبدو تتعلق بتعارض المصالح التي اشتبه فيها نتنياهو ، وتعلق أحد أدوار نتنياهو بالجانب الاقتصادي .
- كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تقديم المحققين مع نتنياهو أدلة صوتية في التحقيق معه بشبهات فساد ، حيث أشارت صحيفة هآرتس إلى وجود تسجيلات صوتية لـ ” نتنياهو ” وهو يتفاوض مع رجل أعمال في تبادل منافع وقد استندت تحقيقات الشرطة مع ” نتنياهو ” إلى تسجيلات صوتية تتعلق باتصالات بين ” نتنياهو ” ورجل الأعمال الإسرائيلي ” أرنون ميلتشين ” ، وهو ما يفتح الباب أمام اتهامه باستغلال السلطة، والحديث عن الطريقة التي تتخذ بها القرارات في قمة القيادة الإسرائيلية ، كما كشفت مصادر إسرائيلية أن التسجيل الصوتي الذي واجه به المحققون ” نتنياهو ” في جلسة التحقيق تضمن أيضاً حديثاً بينه وبين مالك صحيفة يديعوت أحرونوت ” نوني موزيس ” الذي يعرض عليه حصول صحيفته على منافع من الحكومة في مقابل تغيير سياستها الإعلامية لصالح ” نتنياهو ” بعد توتر العلاقات خلال السنوات الأخيرة بين الصحيفة ورئيس الحكومة .
– ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية أنه على مدار الثلاث ساعات التي تم خلالها التحقيق مع رئيس الوزراء ” نتنياهو ” يوم (2) يناير الجاري .. لم ينكر ” نتنياهو ” حصوله على هدايا من بعض رجال الأعمال ، وزعم أن هذا الأمر لا يشكل جريمة .. وفي هذا الصدد عقبت مصادر مقربة من رئيس الوزراء بالقول أن الحديث يدور عن هدايا قدمت في إطار صداقة شخصية دون أن يكون لذلك علاقة بمنصب عام .
المستشار القانوني للحكومة أفيخاي مندلبليت
أصدر المستشار القانوني للحكومة ” أفيخاي مندلبليت ” بيان تطرق فيه إلى القضية التي في أعقابها تم التحقيق مع ” نتنياهو ” .. وجاء في بيان ” مندلبليت ” الآتي :
في يوم ( 10 / 7 / 2016 ) أعقاب معلومات تم الحصول عليها في موضوعات مختلفة من وحدة ( لاهف 433 ) ، المرتبطة من بين جملة أمور برئيس الوزراء ، والتي تم تقديمها له بواسطة رئيس شعبة التحقيقات والاستخبارات في الشرطة الإسرائيلية اللواء ” ماني يتسحاقي ” ووفقاً لتوصية المدعي العام ” شاي نجستان ” ، ولقد تم الفحص بواسطة نيابة القدس بالفعل .. وفي إطار الفحص اتضح أمام المحققون في شرطة إسرائيل سلسلة طويلة من الادعاءات التي مفادها أن رئيس الوزراء ارتكب على ما يبدو مخالفات متعلقة بالنزاهة ثم تطور الفحص إلى اتجاهات مختلفة بعد ذلك ، ووفقاً لذلك وجه المستشار القانوني للحكومة شرطة إسرائيل من حين لآخر بتوسيع الفحص على أن يشمل أيضاً استيضاح ادعاءات أخرى ظهرت خلال إدارة الفحص ، وإزاء نتائج الفحص الذي جرى حتى الآن ، وبعد أن قُدم لي آراء كلاً من المدعي العام ورئيس شعبة التحقيقات والاستخبارات التي مفادها أن نتائج الفحص في هذا السياق تعد أساس يبرر التحقيق مع رئيس الحكومة ، وعليه فقد قرر المستشار القانوني للحكومة الموافقة على التحقيق مع رئيس الحكومة في حذر ، وبذلك تحول الفحص الجاري في هذا الشأن إلى تحقيق “. |
** جدير بالذكر أن ” مندلبليت ” صدق على التحقيق مع الوزير ” حاييم كاتس ” بتهمة ارتكاب مخالفات متعلقة بالنزاهة ، كما جاء أيضاً: ” استمراراً للتحقيق الأول وعلى ضوء التطورات التي ظهرت خلاله وإضافة إلى معلومات أخرى وبناء على توصية النائب العام بالتحقيق مع الوزير ” كاتس ” مرةً أخرى سيتم التحقيق معه مرة أخرى “.
ادعاءات تم تقديمها للنيابة خلال الفترة الماضية ضد نتنياهو :-
1 – الادعاء بأن ” نتنياهو ” حصل على تمويل محظور في عام (2009) من أجل حملته الانتخابية .
2 – الادعاء بتزييف نتائج الانتخابات التمهيدية عام (2009) في حزب الليكود لصالحه .
3 – الادعاء بحصوله على حوافز أخرى إضافية من الخارج وتمويل سفرياته على يد رجال أعمال .
موقف نتنياهو القانوني والسياسي
1 – اعتبر ” جاكوب فينروت ” محامي ” نتنياهو ” أن موكله بريء من تهم الفساد المنسوبة إليه ، وأن الشكوك بحصوله على منافع لا أساس لها من الصحة .. وفي تعليقه على القضيتين تطرق ” فينروت ” بشكل موسع إلى القضية الأولى المعلنة تفاصيلها نسبياً بشكل أكبر في وسائل الإعلام ، والتي من بين تفاصيلها حصول ” نتنياهو ” على سيجارات ومشروبات كحولية باعتبارها هدايا من أصدقائه منهم رجل الأعمال ” أرنون ميلتشان ” الذي أهداه وزوجته هدايا لفترة طويلة ، حيث أوضح ” فينروت ” قائلاً ” : لا شيء مرفوض في الحصول على سيجارات من صديق ، فكل شخص عاقل يدرك أنه إن أحضر صديق مقرب لصديقه سيجارات فليس في ذلك شيء ، ولا ينبغي أن يكون في ذلك مشكلة، ليس في ذلك أي حظر أو أي جريمة سياسية ” .. وفيما يتعلق بالقضية الثانية أوضح ” فينروت” أنه لا يوجد أي تخوف أو أي غبار لجريمة جنائية ” في هذا الشق .
2 – صرح ” نتنياهو ” خلال اجتماعاً لوزراء الليكود قائلاً : ” أقترح على المعارضة أن تطمأن لأنني مستمر في مهامي .. قلت لكم وسأعيدها مرة أخرى لن يكون هناك شيئاً لأنه ليس هناك شيئا من الأساس ” ، كما كتب ” نتنياهو ” عبر صفحته على موقع الفيس بوك تدوينة تطرق خلالها إلى التحقيق ضده قائلاً : ” سنوات طويلة من المطاردة اليومية ضدي وضد أسرتي والتي أوضحت عدم وجود شيء ” .
ردود الفعل على التحقيق مع نتنياهو :-
وزراء الحكومة
– صرح وزير التعليم رئيس حزب البيت اليهودي ” نفتالي بينيت ” أن رئيس الحكومة لا يجب ان يستقيل فقط بسبب بداية التحقيقات، فالتحقيق من الممكن ان ينتهي بدون أي شيء. وهناك أهمية كبيرة للغاية لاستقرار الحكومة في دولة إسرائيل ، ومن الهام ان تستمر الحكومة لأربع سنوات لتعطينا الوقت لنكون فعالية وهذه حكومة وطنية.
– تطرقت وزيرة الثقافة ” ميري ريجيف ” إلى التقارير التي أشارت إلى أن ” نتنياهو ” من المنتظر أن يخضع للتحقيقات قريباً على يد الشرطة ، مضيفة بقولها : ” 25 عاما يبحثون عن كل شيء يخص نتنياهو بعدسة مكبرة ولم يؤدي ذلك لشيء ، ما الذي كان سيحدث إذا لم يكن المستشار القانوني للحكومة قد سمح لنتنياهو بعرض إفادته أمام الشرطة؟ كنتم ستقولون إنه مقرب من رئيس الوزراء ” ، مضيفةً ان هناك هاجس ناحية ” نتنياهو ” تروج له عناصر إعلامية وسياسية من أجل الإطاحة به من منصبه .. الحديث يدور عن عائلة لا تعيش في بذخ ولا تعرف الفساد .
الأحزاب وأعضاء الكنيست
– أعلن رئيس ( المعسكر الصهيوني ) زعيم المعارضة ” يتسحاق هرتسوج ” أنه ينوي إسقاط ” نتنياهو ” عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات المُقبلة ، وليس على خلفية قضيـة الفساد المتهم فيهـــا ، مضيفـــاً أن ” نتنيـاهو ” أصبـح شخص عاجز عن اتخـاذ قرارات تـاريخـيــة .. كما هـدد ” هرتسوج ” باللجوء الى محكمة العدل العليا إذا لم يستجب المستشار القانوني للحكومة لطلبه بإبعاد ” نتنياهو ” عن منصبه كوزير للإعلام بسبب ما اعتبره تناقض مصالح ” نتنياهو ” الشخصية ومصالح الدولة في هذا الشأن ، وذلك في أعقاب التحقيقات والتقارير التي اثبتت أنه هناك علاقة مباشرة بصحيفة إسرائيل اليوم .. من جهةٍ أخرى نفى كل من ( رئيس حزب كلنا وزير المالية موشيه كحلون / رئيس المعسكر الصهيوني إسحاق هرتسوج ) صحة ما تردد حول اتصالات جرت بينهما لدراسة احتمال تشكيل ائتلاف حكومي في حال استقالة ” نتنياهو ” من منصبه على خلفية اتهامه في قضية فساد .
– تمنى رئيس حزب “يش عتيد” يائير لابيد ” لـ ” نتنياهو ” أن يخرج بسلام من جميع القضايا من اجل ثقة جماهيره .
– أعلن رئيس لجنة الداخلية وحماية البيئة عضو الكنيست ” ديفيد امسلام ” من حزب (الليكود) أنه تقدم بمشروع قانون يهدف لمنع إجراء تحقيق مع رئيس حكومة يشغل مهام منصبه في مخالفات الرشوة والنصب وخيانة الأمانة ، ووفقاً لمشروع القانون فإن استدعاء رئيس حكومة يشغل مهام منصبه سيكون متاح مع نهاية فترة ولايته للمنصب – إلاً إذا كان الأمر يتعلق بمخالفات أمنية أو جنسية أو عنف أو مخدرات ، وإذا ما تم التصديق على مشروع القانون بالقراءات الثلاث ، ففيما يبدو لن يتم تطبيقه على ” نتنياهو ” بأثر رجعي – لكن حسب قول ” امسلام ” فإن ” مشروع القانون يريد نقل رسالة واضحة “.
– تطرق النائب عن حزب الليكود ” أيوب كارا ” إلى التحقيقات ضد ” نتنياهو ” والأصوات في اليسار الداعية له بتعليق مهامه بأن المعسكر القومي من الممكن أن يكون سيء ، كما في الماضي سيتبدد الدخان وسيستمر شعب إسرائيل في احتضان ” نتنياهو ” لسنوات عديدة من العمل من أجل تعزيز وأمن إسرائيل “.
– تطرقت عضوة الكنيست ” تسيبي ليفني ” للتحقيقات مع ” نتنياهو ” ، وأكدت أن رئيس الوزراء ” نتنياهو ” فاسد .
– دعت رئيسة حزب ميرتس عضوة الكنيست ” زهافا جلئون ” المستشار القانوني للحكومة ” أفيخاي مندلبيلت ” باستبعاد نفسه من الانشغال بالتحقيق مع ” نتنياهو ” ، وأضافت قائلةً : ” على مدار 3 أشهر كان لدى الشرطة تسجيلات لنتنياهو وهو يدير مفاوضات مع رجل أعمال بشأن امتيازات متبادلة .. فلا يعقل أنه في ضوء ذلك لم يقم ” مندبيليت ” بفتح تحقيق فورا ” ، كما طالبت ” جلئون ” قائد عام الشرطة ” روني الشيخ ” بإصدار تعليماته بنشر فحوى التسجيل للحوار الذي دار بين ” نتنياهو ” ومالك صحيفة يديعوت احرونوت ” نوني موزيس ” .