تحقيقات و تقارير

“سيلفى” يدمر حياة سورى.. “فيس بوك” يحول حياة لاجئ التقط صورة مع ميركل لجحيم.. معادون لسياسات المستشارة الألمانية يعيدون نشر صورته مرتبطة بأحداث إرهابية.. والقضاء يحقق مع الموقع بتهمة الكذب والتحريض

لم يكن يعلم الشاب السورى، أنس معضمانى، ذو الـ(19) عاما، عندما التقط صورة سيلفى مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحملها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”، محتفيا بأرض اللجوء والأحلام، أن هناك من سيستغل لحظة فرحة النجاة من العنف والإرهاب ليحوله إلى وجه مشتبه به أو “موديل” للإرهابى العربى.
يبدو أن الشاب السورى لم يقرأ كثيرا أو لم يفكر عندما وضع صورته مع ميركل على ” فيس بوك ” بأن تلك المنصة الاجتماعية الأشهر فى العالم طالما ساهمت فى نشر أخبار كاذبة وتسببت فى الكثير من المشاكل للمشاهير قبل المواطنين العاديين من سكان هذا العالم الافتراضى، حيث اضطر معضمانى إلى تقديم شكوى ضد إدارة فيس بوك، هذا الاسبوع، أمام محكمة ألمانية لإرغام الموقع على حجب صور مركبة تقدمه على أنه “إرهابى” أو مجرم.
وتعرض الشاب اللاجئ ، إلى حملة مضايقات استهدفته منذ أن نشر صورة “سيلفى” شهيرة له مع المستشارة الألمانية. والشكوى المدنية التى نظرت فيها محكمة فى فورتسبورج ، معلنة أنها ستصدر قرارها فى السابع من مارس المقبل، تشكل مسعا قضائيا جديدا فى ألمانيا ضد شبكة التواصل الاجتماعى الأمريكية، بعدما استهدفها تحقيق جنائى بتهمة ” التحريض على الكراهية ” ، وحضتها الحكومة على التحرك حيال المحتويات العنصرية.

نيويورك تايمز: قلق ألمانى من أخبار “فيس بوك” الكاذبة قبل الانتخابات

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن القضية هى واحدة من عدة قضايا شهيرة ضد “فيس بوك” فى ألمانيا التى تسلط الضوء على العديد من الأسئلة القانونية المهمة، مثل من المسئول عن المحتوى المنشور من قبل المصادر المجهولة، وعما إذا كان الناس الذين يعيدون نشر نص مكتوب أو صورة لشخص، يمكن محاسبتهم بتهمة التشهير. وتزايد القلق فى ألمانيا إزاء الدعاية القومية والشعبوية، فضلا عن الأخبار الكاذبة، قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها سبتمبر المقبل.
 وأشار وزير العدل الألمانى، هيكو ماس، إلى إمكانية محاسبة شركة “فيس بوك” على خطاب الكراهية الذى ينشر عبر منصتها الاجتماعية، وأن الحكومة خصصت قوة عمل تتضمن ممثلين عن شركات التكنولوجيا فيس بوك وجوجل وتويتر لدراسة الوقت الذى تستغرقه الشركات لإزالة المشاركات البغيضة. حيث من المتوقع أن تقدم اللجنة نتائجها فى الأشهر المقبلة. 
والتقط أنس معضمانى صورته مع المستشارة الألمانية فى سبتمبر 2015، فى مركز للاجئين فى برلين، وانتشرت فى العالم أجمع لتجسد سياسة اليد الممدودة التى اتبعتها ميركل حيال مئات الآف الهاربين من الحرب والبؤس، فى ذروة أزمة الهجرة التى شهدتها أوروبا، لكن تلك الصورة التى كان يعرب فيها عن سعادته وامتنانه لـ”ماما ميركل”، مثلما يلقبها الألمان، أصبحت تستخدم على نطاق واسع ضد الشاب، حيث يظهر وجهه العربى بانتظام فى صور مركبة توحى تجنيا بضلوعه فى هجمات إرهابية أو جرائم أخرى ، وهذه المحتويات التى تحصد الكثير من التعليقات ويتم تقاسمها بشكل واسع، تندرج ضمن حملة أوسع نطاقا تساهم فيها مجموعات معادية للإسلام واللاجئين، تتهم ميركل بتعريض ألمانيا للخطر من خلال سياستها حيال الهجرة.
وفى هذا السياق، تم ربط الشاب باعتداءات بروكسل فى (22) مارس 2016، وهجوم برلين فى (19) ديسمبر 2016، ومحاولة قتل مشرد فى برلين قام بها (6) فتيان من طالبى اللجوء ليلة عيد الميلاد. وقال اللاجىء السورى الشاب قبيل المحاكمة للصحفيين “هذه الصورة قلبت حياتى، أنا إنسان جيد”، مبديا سروره الكبير بنظر القضاء فى شكواه.
زر الذهاب إلى الأعلى