لم يذكر في تاريخ الفن المصري أن ارتبط اسم أحد الفنانين بمصر كالفنانة الكبيرة شادية التى نالت لقب (صوت مصر)، لاسيما وأنها صاحبة الأغنية الشهيرة “يا حبيبتى يا مصر”، ويصادف اليوم ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة لتكمل عامها الـ86. وتعتبر قصة حياة الفنانة الكبيرة مليئة بقصص عدة تستحق التأمل، بداية من تألقها وحتى اعتزالها، ونستعرض أبرزها خلال التقرير التالي..
القصة الأولى.. عنادها لدخول عالم الفن
ظهرت الموهبة الفنية على الفنانة الكبيرة في سن مبكرة، وهو ما دفعها للرغبة في دخول عالم الفن من باب الغناء، إلا أن الأمر قوبل بالرفض من قبل والدها، الذي حذرها من هذا الطريق، كما حذر شقيقتها الأخرى التي أرادت أيضًا دخول الوسط الفنى. عناد “شادية” جعل قصتها تختلف كثيرًا عن شقيقتها التي سلمت بالأمر الواقع، حيث لجأت شادية إلى حيلة ذكية لتقنع والدها بالأمر. اتفقت شادية مع “جدتها” خلال تواجد أحد المطربين الأتراك في منزل عائلتها، والذي كان صديقًا شخصيًّا لوالدها، على أن تناديها لتغني أمام جميع الحضور، وهو ما حدث بالفعل لتبهر الجميع. وحصلت شادية على مبتغاها، ونالت إعجاب الفنان التركي الذي ساعدها في بداية مشوارها الفني وعلمها كيفية الغناء، بل وأوصلها للمشاركة في أولى أفلامها وهو “أزهار وأشواك”
القصة الثانية.. إثبات النفس
بعد حصولها على أول بطولة فنية كانت في فيلم “العقل في أجازة” أمام محمد فوزي وتحقيقه نجاحًا كبيرًا، توالت عليها الأعمال الخفيفة بعد ذلك، لتشتهر شادية بلقب “دلوعة الشاشة”، وتشترك في حوالى 90 فيلمًا من 112، خلال السنوات العشر الأولى من حياتها الفنية. إلا أن بعض النقاد قال إنها نجمة الأعمال الخفيفة، وأنها لا تمتلك الموهبة الكافية، بل وصفها بالبعض بالوجبة الخفيفة للجمهور التي لا تضر ولا تفيد، حتى إن الأديب الكبير نجيب محفوظ قال عنها في أحد الحوارات إنها فتاة رقيقة تمثل الجمال والخفة لكنها لا تصلح لتمثيل رواياته لعمقها الذي لا يناسبها وهو ما أثارها لتنتفض وتحاول إثبات النفس. نجحت بالفعل الفتاة العنيدة مجددًا وكسبت الرهان بعد تمثيلها لـ4 أفلام من روايات نجيب محفوظ، وهي اللص والكلاب، زقاق المدق، ميرامار، والطريق، وهو ما أبهر نجيب محفوظ وجعله يغير رأيه وبات ذلك واضحًا في حواراته الصحفية.
القصة الثالثة.. تحديها للجميع من أجل صديقها
اشتهرت شادية بمشاركتها في العديد من المناسبات السياسية وعدم خوفها، وبات ذلك جليَا في مشاركتها في فعاليات قطار الرحمة بعد ثورة 23 يوليو، والذي كان هدفه إغاثة أهالي الصعيد. إلا أن الأمر هنا لم يكن بهذه السهولة، حيث إنه في فترة الستينيات كانت شادية صديقة مقربة من مصطفى أمين، وانتشرت وقتها شائعات عن علاقة خاصة بينهما، إلا أن “أمين” تم القبض عليه بعدما تورط في قضية التجسس الشهيرة على جمال عبد الناصر. وبرغم تحذيرات الجميع ونصحهم لها بالابتعاد عن صديقها، إلا أنها تحدت الجميع ولم تخف من بطش النظام وقتها، وقامت بزيارة “أمين” في محبسه، برغم من أن الأمر كان كفيلاً بإيذائها، لاسيما وأن القضية التي اتهم فيها أمين كانت شديدة الحساسية، وذلك حسب ما جاء في كتاب “حكايتي مع عبد الناصر” لمصطفى أمين.
القصة الرابعة.. انتصارها على مرض السرطان
وقفت شادية لأول مرة على خشبة المسرح لتقدم مسرحية ريا وسكينة مع الفنانة سهير البابلي، إلا أن هذه المسرحية كانت هي التجربة الأولى والأخيرة في تاريخ المسرح بالنسبة لها. وحققت شادية نجاحًا ملفتًا في هذه المسرحية، إلا أن أنها أصيبت بمرض السرطان أثناء أداء المسرحية واعتزلت بعد ذلك بفترة قصيرة. توجهت شادية إلى أمريكا، بعدما اكتشفت خلال تقديمها للمسرحية أنها مصابة بسرطان الثدي، حيث استأصلت أحد ثدييها، ثم عادت لتصوير آخر أفلامها “لا تسألني من أنا”، وبعد ذلك قررت الاعتزال لتتفرغ للأعمال الخيرية وللتوعية في مرض السرطان. إلا أن هذه السيدة الملهمة، حتى السرطان لم يستطع الانتصار عليها، ليس هذا فقط بل تبرعت شادية بشقتها لتصبح مركز بحوث للسرطان.
القصة الخامسة.. اعتزالها الفن
بعد مرضها، ذهبت شادية لأداء مناسك العمرة، لتقابل هناك الشيخ الشعرواي بالصدفة، حينما نزلت شادية من “الأسانسير” ليدخل الشيخ الشعراوي ولم يتعرف عليها، لكنها قالت: “عم الشيخ أنا شادية” فرحب بها، فقالت: “ربنا يغفر لنا”، فقال لها: “إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء”. وعندما قررت الاعتزال، سألت شادية عن منزله فى الحسين مما كان نقطة تحول فى حياتها، حيث أقبلت على الصلاة وقراءة القرآن، حتى إنها قالت في أحد حواراتها إنها تنتظر قيام الليل بفارغ الصبر، لأنها تجد فيه المتعة فى رحاب الله. بعد تكرار زيارة شادية للشيخ الشعراوى، التى كانت تصطحب فيها بعض زميلات الفن المعتزلات فى تلك الفترة، انتشرت شائعات تفيد بأن الشيخ الشعراوى تزوج منها، إلا أنه عند سؤاله حول الأمر رد بكلمة واحدة فقط “زواجى من شادية شرف لا أدعيه”