قالت أمانة الفتوى بدار الإفتاء، إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، ورد الترغيب فى إحيائها فى جملةٍ من الأحاديث؛ منها قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِى فَأَغْفِرَ لَهُ، أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ، أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ، أَلَا كَذَا، أَلَا كَذَا، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» رواه ابن ماجه من حديث على رضى الله عنه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِى الخَمْسَ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ..» وذكر منها: «لَيْلَة النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان» رواه الأصبهانى فى “الترغيب والترهيب” من حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه.
وتابعت: ومشروعية إحياء ليلة النصف من شعبان ثابتٌ عن كثير من السلف، وهو قول جمهور الفقهاء، وعليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا؛ قال الإمام الشافعى رضى الله عنه فى “الأم” (1/ 264): [وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب فى خمس ليالٍ: … -وذكر منها- ليلة النصف من شعبان] اهـ.
وقال العلامة بن نجيم فى “البحر الرائق” (2/ 56): [ومن المندوبات إحياء ليالى العشر من رمضان وليلتى العيدين وليالى عشر ذى الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث .. والمراد بإحياء الليل قيامه] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية فى “الفتاوى الكبرى” (5/ 344): [وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان فى السلف من يُصلِّى فيها] اهـ.
والأمر بإحياء تلك الليلة المباركة ورد مطلقًا، والأمر المطلق يقتضى عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال؛ فإذا كان الأمر الشرعى محتملًا لأوجهٍ متعددةٍ فإنه يكون مشروعًا فيها جميعًا، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلا بدليل، وإلا كان ذلك تضييقًا لما وسعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيجوز إحياؤها فرادى وجماعات، سرًّا وجهرًا، فى المسجد وغيره -مع مراعاة عدم التشويش على المصلين-، بل إن الاجتماع لها أولى وأرجى للقبول؛ لما صح عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِى الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ» قَالَ: «فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» رواه البخارى من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.