تواجه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي اختبارا صعبا الخميس المقبل مع انطلاق الانتخابات التشريعية المبكرة في البلاد، والتي دعت إليها لتعزيز مكانة حزبها “المحافظين” في البرلمان قبل الخوض في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويأتي ذلك في الوقت الذي تعرضت فيه العاصمة لندن إلى سلسلة من الهجمات الإرهابية قبل أربعة أيام من الاستحقاق الانتخابي.
ونفذ هجوم لندن 3 مهاجمين على متن شاحنة صغيرة دهسوا بها حشدًا على جسر لندن بريدج ثم هاجموا مارة بسكين، مما تسبب في سقوط 7 قتلى وإصابة أكثر من 50 شخصا، ويعد هذا الهجوم هو الثالث من نوعه في بريطانيا في أقل من ثلاثة أشهر حيث وقع الاعتداء الأول في مارس من العام الجاري أمام البرلمان البريطاني وسط لندن وأسفر عن سقوط 4 قتلى وإصابة 40 شخصا.
أما الاعتداء الثاني فقد وقع في مدينة مانشستر في 22 مايو 2017 عندما هاجم انتحاري ليبي بعبوات ناسفة قاعة حفلات في مجمع “مانشستر أرينا” شمالي بريطانيا، وأسفر عنه مقتل 22 شخصًا.
ويتفق فريق واسع من المراقبين على أن هذه الهجمات الإرهابية ستلقي بظلالها على نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث أن هذه الهجمات تنم عن وجود خلل في أجهزة الأمن البريطانية، وفشل حكومة ماي والمحافظين في ضبط الأمن في ظل هذه الأجواء المتوترة.
وكانت رئيسة وزراء بريطانيا قد دعت إلى انتخابات مبكرة للحصول على تفويض شعبي يمكنها من السيطرة على زمام الأمور لتكون لديها القدرة على إدارة مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي والوقوف أمام المعارضة داخل حزبها وخارجه لتنفيذ مشاريعها السياسية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب المحافظين بزعامة تيريزا ماي قد لا يحصل على أغلبية مطلقة في البرلمان، حيث توضح أن الفارق بين حزبي المحافظين والعمال سجل انخفاضًا من 20% في مطلع مايو الماضي إلى 9% حاليًا.
وذكر استطلاع، أعده معهد يوجوف لاستطلاعات الرأي ونشرته صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، أن حزب المحافظين قد يفقد 20 مقعدا من التي يملكها وتبلغ 330، وأشار إلى أن حزب العمال المعارض قد يكسب ما يقرب من 30 مقعدا، مما يجعل حزب المحافظين أقل 16 مقعدا من الأغلبية المطلقة التي يحتاجها كي يحكم بمفرده دون دعم من الأحزاب الأخرى وهي 326 مقعدا.
ويرى المراقبون أن حزب العمال نجح مؤخرا في اجتذاب أصوات سواء بين أنصار “بريكست” أو بين معارضيه لعدة أسباب أولها أن زعيم الحزب جيرمي كوربن حقق أداء أفضل من المتوقع خلال الحملة الانتخابية حيث ركز على موضوعات تحتل أهمية كبيرة في حياة الناخبين مثل الصحة والمساعدات الاجتماعية في الوقت الذي تراجعت فيه رئيسة الحكومة عن أحد بنود برنامجها الانتخابي الذي كان ينص على زيادة مساهمة المسنين في الضمان الصحي، وهو موضوع بالغ الحساسية لمساسه بمعيشة المواطنين، وحين تحداها كوربن أن تشارك معه في مناظرة تلفزيونية رفضت المواجهة وهو ما أدى إلى اهتزاز صورتها أمام المواطنين.
وأوضح المراقبون أن كوربن يبدو أكثر صدقا من ماي وأن برنامج العماليين مليء بالوعود الإيجابية التي تتطرق إلى مخاوف الناخبين ومشاكلهم، لذلك يبدو جمهوره أكثر تحمسا وتأييدا له على خلاف جمهور المحافظين الذي تبدو تجمعاته وكأنها مضبوطة ومدروسة تماما.
العنصر الثاني وراء صعود أسهم حزب العمال هو تنامي الهجمات الإرهابية التي عصفت بالبلاد خلال الأشهر الأخيرة والتي تعكس عجز حكومة ماي المحافظة في الحفاظ على أمن البلاد، واتهم كثيرون وعلى رأسهم كوربن رئيسة الوزراء البريطانية ماي بأنها تتحمل مسئولية هذا الخلل الأمني بسبب قرارها بخفض عدد عناصر الشرطة خلال توليها منصب وزيرة الداخلية على مدى 6 سنوات.
وعلى الرغم من التصاعد الملحوظ في شعبية حزب العمال، تذهب بعض الآراء إلى أن الانتخابات ستميل إلى كفة المحافظين لأن ملف الأمن هو الذي يتصدر أولوياتهم وهو ما أظهرته ماي في خطابها الأخير الذي أعقب هجوم لندن والذي توعدت فيه بتصعيد الحرب على ما وصفته بإرهاب المتطرفين الإسلاميين، مضيفة أن “الكيل قد طفح”، وهو ما قد يجذب إليها أصواتا كثيرة من الناخبين لما يمثله هذا الملف من أولوية قصوى خلال المرحلة الراهنة.
وفي ضوء ما سبق يصعب التنبؤ بما ستؤول إليه نتائج انتخابات الخميس المقبل خاصة أن استطلاعات الرأي لديها هامش كبير من الخطأ، ومع أن معظم المؤشرات ترجح استمرار تقدم المحافظين إلا أنه لايتوقع حصولهم على الأغلبية الكاسحة المطلوبة لتعزيز موقفهم أمام بروكسل في مفاوضات البريكست.