قال فضيلة الإمام إن نفقة الزوج على أسرته لها بعد ديني أخلاقي فهي في شكلها مسألة مادية ولكن في جوهرها لها بعد ديني وثواب كبير على الرغم من أن هذه النفقة واجبة على الزوج، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ” وقال أيضًا: ” كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ كُتِبَ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا وَقَى بِهِ الْمَرْءُ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةً، وَمَا أَنْفَقَ الْمُؤْمِنُ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّ خَلَفَهَا عَلَى اللَّهِ ضَامِنٌ…” فهنا الشرع يريد أن يقول للزوج: إنك حين تنفق على أسرتك لا تسقط واجبًا فقط، وإنما يحصل لك ثواب من أعظم وأكبر أنواع الثواب في الإسلام وهو ثواب الصدقة، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الله تعالى توكَّل بأن يُخلفها عليه: “وَمَا أَنْفَقَ الْمُؤْمِنُ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّ خَلَفَهَا عَلَى اللَّهِ ضَامِنٌ”.
وأضاف فضيلته في حديثه اليومي الذي يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية طوال شهر رمضان المعظم، أن الأسرة في الإسلام لا تبنى سعادتها على التطلع لما عند الغير الذي يكون سبب شقائها، إذ لا يمكن لأي أحد أن يبلغ الحد الذي يحقق هذه السعادة أبدا، لأن الأشياء متغيرة وكل ثري يوجد من هو أثرى منه، ولذلك من المهم أن يأتي بناء الأسرة في المقام الأول من الزواج، ويتحقق ذلك بأي شيء يمكن أن يتوفر لها، وهذا يعني أنها لا تركز على الماديات، وإنما تركز على كيفية بناء هذه الأسرة على السكن والمودة والرحمة وحمايتها، بحيث تقدم نماذج ممتازة من البنين والبنات، وهذا ما يجب على الزوجة أن تنشغل به ليل نهار سواء توفر لها من الأشياء الكثير أو القليل، بحيث تصنع سعادتها من داخلها ولا تعلق سعادتها لا بأثاث ولا بذهب ولا بفيلا ولا بسيارة.
وتابع الإمام الأكبر: التربية الدينية والأخلاقية هي مسئولية في المقام الأول على الزوج، لأنه النموذج والقدوة لأولاده فلا يجب أن يفعل شيئا أمام الأطفال والأولاد ثم ينهاهم عنه، فلا يكذب مثلًا ولا يكون سريع الغضب ولا يسب أمامهم حتى لا يتعودوا على ذلك، فللأسف الشديد كل الخلافات الزوجية وما يصاحبها من رفع الصوت من شتائم يحدث أمام الأطفال الذين يتشربون منه، والزوج غافل والزوجة غافلة عن هذا الأثر السيء الذي يترسب ويتجذر كل يوم في نفوس هؤلاء الأطفال ولا يفارقهم.
وأكد الطيب أن المهر حق للزوجة ولا يستطيع لا الزوج ولا الأب -كما قلنا- إلا إذا سمحت وطابت نفسها بهذا، ولا يحق للزوج على الإطلاق أن يأخذ حُلِيَّ الزوجة (مصوغاتها الذهبية) ليبيعه أو ليسدد به ديونه أو يتاجر فيه، فهذا حرام إلا إذا سمحت الزوجة فحينئذ يجوز له أن يأخذ ما طابت به نفسها، وفي هذه الحالة لا بد أن يُعلِمها عن سبب بيع حُليِّها، لا أن يقوم ببيعه والتصرف فيه ثم يُعلِمها ويسألها أراضية هي أم لا.
وأوضح الإمام الأكبر أنه لا يحق للزوج أن يأخذ شيئًا من ممتلكاتها، ولا شيئًا مما هو موجود في بيت الزوجية، لأن هذا ملكها الخالص شرعًا الذي يحرم على الزوج أن يمد يده إليه، لا يبدله، ولا يبيعه، إلا إذا أرادت هي أن تدعمه وتساعده، وعادة ما تدعمه، لكن تدعمه ليس بشكل واجب عليها شرعا وإنما بحق العشرة بينهما، وهنا الدين له حكم، والأخلاق لها حكم، فالدين لا يفرض، لكن الأخلاق هنا تفرض، لأن الدين لا يعارض الحكم الخُلقي.