آراء أخرىعاجل

مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” كان الله فى عون هذا الشعب “

نشر موقع الشروق مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” كان الله فى عون هذا الشعب ” وفيما يلي نص المقال :-

جميع المصريين أو غالبيتهم استيقظوا صباح أمس الخميس على إعلان مجلس الوزراء ووزير البترول المهندس طارق الملا، برفع أسعار كل أنواع الوقود من السولار إلى البنزين إلى الغاز. هذا واحد من الصباحات الصعبة على الجميع.

تعليقات غالبية المواطنين كانت سلبية جدا، بعضهم وجه شتائم يصعب وصفها وكتابتها للمسئولين، بعضهم اكتفى بقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، بعضهم لجأ إلى النكتة والقلش على غرار ما كتبه أحدهم بقوله: «عملت لايك لصفحة احنا آسفين يا ريس!» فى إشارة إلى صفحة أنصار الرئيس الأسبق حسنى مبارك!!. وقلة قليلة اعتبرت القرارات «عملية جراحية صعبة» لابد منها.

لن أتطرق إلى ما كتبه «الإخوان» وأنصارهم فما حدث بالأمس بالنسبة لهم هدية من السماء، أو «جنازة يشبعون فيها لطما». لكن سوف أتطرق فقط إلى ما كتبه المؤيدون والأنصار للحكومة والرئيس. صحيح أن ما حدث كان متوقعا ومعروفا لكن ذلك لم يمنع الناس من الغضب والاستياء. جميعهم بلا استثناء كانوا رافضين للقرار وغاضبين وحانقين.

فى المواصلات العامة كان ذلك متجسدا بصورة درامية، الركاب غاضبون لأن الأجرة زادت، والسائقون غاضبون لأنهم سيدخلون فى معارك مستمرة مع الركاب حول حجم الزيادة، بل إن بعض أمناء الشرطة فى هذه المواقف كانوا غاضبين أيضا لأنهم سيتحملون هذه الزيادة أيضا.

أحد كبار المؤيدين للحكومة والرئيس عبدالفتاح السيسى كتب على صفحته يقول: «هو أنا حافضل أدافع عنكم إزاى إذا ماكنتوش بتفهمونى أى حاجة؟.. جزر ورجعناها.. بنزين وغليناه.. طبقة متوسطة ودمرناها.. وعود بقالها ٣ سنين وصدقناها.. قناديل بحر واستحملناها.. قناة السويس ووسعناها.. مؤتمر اقتصادى وهللناله.. عاصمة إدارية وبلعناها.. وطرق وطرق وطرق وشيرناها. لكن لو الدولة حاتفضل تعاملنا كأطفال وبينسوا فى خلال ٤٨ ساعة.. أنا مش حاقدر أفضل صامد وبحاول ألاقى أعذار كل يومين.. ليه ماحدش بيفهمنا ليه وعلشان إيه الأسعار حاترتفع نحو ٣٥ ٪ كمان بعد الـ٣٠٪ بتوع نوفمبر الماضى.. فيه أى شعب فى الدنيا يتحمل ٦٥٪ زيادة أسعار فى ٦ شهور؟ يا ناس كلمونا وفهمونا.. وحتى لو مش فاهمين.. إحنا حناخدكم حسب نيتكم… إنتوا كده بتخسروا المؤيدين قبل المعارضين لأننا تعبنا من تبربر حاجات إحنا نفسنا مش فاهمينها؟..الشعب ده مش محتاج حد يحنو عليه… الشعب ده محتاج حد يحترم عقله ويقدر مشاكله ويفهمه.. مش يصدر قرارات مصيرية وهو نايم فى أجازته».

انتهى كلام الرجل، وهناك بالطبع قلة قليلة تدرك أن هذه الإجراءات الصعبة جدا والمؤلمة لا مفر منها، بسبب تراكم المشكلة منذ يناير ١٩٧٧، وهروب الحكومات المتتالية من علاج أصل المشكلة، والاستمرار فى سياسة المسكنات وشراء ولاء الناس، بصورة أضرتهم فى النهاية.

المواطن البسيط لا يفهم ولا يكترث للغة المصطلحات الاقتصادية، مثل التضخم وعجز الموازنة وتشوه هيكل الدعم، وبرامج الإصلاح والحماية الاجتماعية. ما يشغله هو أن تسير حياته بالحد الأدنى من الستر، هو لم يعد يحلم بأن يكون غنيا، فقط أن يجد ما يكفيه للحد الأدنى من الحياة. حينما تفشل الحكومة فى إقناع المواطنين بصحة هذه القرارات، فعليها ألا تلومن غير نفسها!.

ولم يعد جديدا أن نلوم الحكومة على سوء الإخراج لأن ذلك صار صفة متلازمة. مساء الأربعاء أعلن وزير البترول المهندس طارق الملا، أن: «موعد زيادات أسعار البترول لم تتحدد بعد، وحتى الآن ليس هناك موعد لإصدار الزيادة». وبعدها بساعات قليلة تم الإعلان عن الزيادة، فما معنى ذلك؟! وما هى الرسالة التى ستصل إلى الناس عن مثل هذا السلوك الحكومى؟!.

زر الذهاب إلى الأعلى