جريمة أبكت أهالي عزبة «أبو قرن».. فرح ماتت
يأس من حياة، جناحاها الفقر والبؤس، تمرد على العيش في كنف رجل أنجبت منه للتو، دفعها لرهن نفسها لدى شيطانها، فعاقرت الخمور وأدمنت المخدرات بأنواعها، صار مزاجها عكرا، وصبت كل حنقها على أسرتها الصغيرة، مع فقدان الأمل نجا الزوج بنفسه ونجله وأرسل لها بورقة الطلاق، بحثت "منى" عن رجل آخر ووجدت ضالتها في تاجر مخدرات، أنجبت منه طفلة سماها والدها "فرح" عساها أن تكسر «قلة حظه» في الدنيا.. الطفلة لم يكن لها من اسمها نصيب، بل على العكس عاشت طفولتها في بؤس على مدار الساعة، على يد الأم "المسطولة"، واعتاد جسد الصغيرة على حفلات الضرب في الصباح والمساء، حتى خارت قواها تحت وقع أم لا ترحم، لفظت أنفاسها الأخيرة، وفي برود تحسد عليه حملت الأم جثة ابنتها لدفنها في مكان مهجور، دون أن يهتز لها جفن، لكن قلق عمة الطفلة، كشف الحقيقة وألقى القبض على القاتلة، وباشرت نيابة مصر القديمة التحقيقات.
شوارع ضيقة ومنازل تعوم على برك مياه الصرف الصحي، وذباب يبشر بالأمراض في فضاء عزبة أبو قرن بمصر القديمة، هنا عاشت الطفلة "فرح" عامين هما كل عمرها، في الحياة قبل أن تزف إلى السماء، تجولت «التحرير» بالمنطقة في محاولة لملامسة جزء من حياة الضحية البريئة.
«الحادثة أبكت كل الناس هنا».. هكذا عبر الشيخ «رجب.هـ»، 55 سنة، الذي جلس يرص بضاعته في كشك متواضع، على ناصية منزل الطفلة القتيلة، في روتين يومي بغيض، وأضاف: "منى طول عمرها براوية ومابتحبش حد وجيرانها بعدوا عنها بسبب لسانها الطويل، الله يرحم الطفلة فرح كانت زي الملاك"، زادت نبرة الغضب في صوت الشيخ رجب قبل أن يكمل "ذنبها إيه البنت الصغيرة تموت بالوحشية دي؟، منها لله! المخدرات لحست دماغها".
وأضاف جار القتيلة «منى سكنت عندنا من 3 سنين، تزوجت "م.ح" وأنجبت منه الطفلة فرح "المجني عليها" وبعد شهرين من ولادتها تم إلقاء القبض على والدها على ذمة قضية اتجار بالمواد المخدرة وحكم عليه بالسجن عدة أعوام».
ولفت إلى أن الأم أدمنت تعاطي المواد المخدرة وأنها اعتادت أن تضرب الطفلة منذ ولادتها، إلا أن الأهالي كانوا يتدخلون لتهدئتها وإنقاذ الطفلة من يدها، لكن في المرة الأخيرة لم يسكت صراخها أحد بعدما كتمت هي أنفاسها.
عمة الطفلة القتيلة جلست تنتحب، أمام المنزل، وقالت لـ"التحرير" "دي مجرمة وماتعرفش ربنا قتلت البنت الملاك وراحت دفناها ولا كأنها قتلت روح"، وتابعت «ربنا ياخدها ويعذبعها في نار جهنم ويحرقها زي ما حرقت قلبنا على فرح».
وروت العمة تفاصيل يوم الجريمة قائلة «حاولت الاتصال عليها للاطمئنان على بنت أخي، لكنها لم ترد على اتصالاتي بها فذهبت إلى شقيقها وصرخت بوسط العزبة وأصيبت بانهيار عصبي من البكاء والقلق على المجني عليها»، مشيرة إلى أن أخاها تواصل مع المتهمة وأتت إلى المنطقة ونزعت منها الطفلة ووجدتها جثة هامدة، وشفتاها بيضاء ووجهها به آثار دماء وكدمات.
واستكملت حديثها «ذهبنا إلى المستشفى للتأكد من وفاة الطفلة وتوثيق ما تعرضت له بتقرير طبي لأخذ حقها»، موضحة أن المتهمة استغلت تجمع الأهالي حول الطفلة وهربت، لكن أجهزة المباحث ألقت القبض عليها بحيلة بعد الاتصال بها هاتفيا لكي توقع على شهادة وفاة طفلتها لإنهاء الإجراءات.
بنفس هدوء الأعصاب وقفت الأم القاتلة أمام نيابة مصر القديمة، برئاسة المستشار محمد حسين، وقالت إنها لم تقصد قتل طفلتها وإنها فقدت السيطرة على أعصابها عندما كسرت زجاج المنزل في أثناء لعبها وتمزيق مفرش المنضدة، وأضافت أنها لم تشعر بنفسها إلا وهي تمسك بها وتضربها بالقلم على وجهها، فوجئت بسقوط الطفلة من يدها وارتطام رأسها بالمنضدة ووفاتها في الحال.
تفاصيل يوم الجريمة بدأت بتلقي قسم شرطة مصر القديمة بلاغا من مفتش صحة مصر القديمة بحضور عبير فارس، ربة منزل ومقيمة بدائرة القسم لاستخراج تصريح دفن لكريمة شقيقها المتوفاة وتدعى فرح عادل، البالغة من العمر سنتين، وبتوقيع الكشف الطبي عليها تبين عدم وجود إصابات أو جروح بالجسم عدا آثار عضة آدمية بالخد وآثار خراج خلف الأذن قديم ولا يمكن الجزم بسبب الوفاة، ورفض التصريح بالدفن.
وبالانتقال والفحص تبين أن "منى.ع"، 29 سنة، ربة منزل، اعتادت ضرب طفلتها المجني عليها، وفي يوم الواقعة انهالت عليها بالضرب حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، فقامت بأخذ الطفلة واتصلت بشقيقة زوجها للتوجه بها إلى مكتب الصحة لاستخراج تصريح بالدفن، وبمتابعة نتيجة الصفة التشريحية للمتوفاة تبين وجود تهتك بجدار المعدة وتهتك بالكبد إثر ضرب باليد وأن تلك الإصابات أدت إلى وفاتها.
تحرر عن ذلك المحضر اللازم، وتولت النيابة العامة التحقيق.