«الجيرة الحسنة» إسرائيل تتضامن مع اللاجئين السوريين.. فأين العرب؟
شهدت إسرائيل تغيرات عديدة عقب اندلاع الثورة السورية، وضعتها في مأزق كبير بين رفضها التدخل في صراعات متعددة أو موقفها السياسي جراء الأزمة والنتائج المترتبة عليها، وهذا لا يعني أنها تجاهلت الخطر المحدق بها والقادم من حدودها الشمالية، وخصوصًا "حزب الله"، لكن الدبلوماسية الناعمة التي تنتهجها، أوجدت قنوات اتصال على أرض الواقع مع جماعات متشددة ساهمت في تأمين منطقة الجولان.
دبلوماسية تل أبيب خلقت حالة من التوازن عبر دعمها للجماعات المتطرفة لوجيستيا وماديًا، للحفاظ على حدودها من المخاطر، وذلك بعد أن وفرت لهم كافة الخدمات مثل الغذاء والكهرباء والمحروقات للسكان المحليين.
ليس هذا فحسب، بل أجرى جيش الاحتلال اتصالات مستمرة مع المتطرفين، من أجل إمدادهم بالمال لدفع رواتب المقاتلين وشراء الذخيرة والأسلحة.
لم تكتف بذلك، بل عكفت أيضًا على كسب تعاطف المجتمع الدولي عبر تقديم المساعدات للاجئين السوريين، ما يعد تغيرًا استراتيجيًا في مواقفها، قد يترتب عليه مستقبلًا تحويل المتطرفين إلى أصدقاء لإسرائيل.
اليوم وفي خطوة جديدة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مشروع جديد يحمل في طياته جانبًا إنسانيًا للاجئين السوريين في هضبة الجولان.
وجاء المشروع الإنساني بعنوان "الجيرة الحسنة"، حيث يقوم على توفير شروط الحياة الأساسية من ماء وكهرباء وغذاء وعلاج طبي ومعدات أخرى للاجئين والمتشددين وعائلاتهم، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن دور العرب من تلك الخطوات؟
قائد الكتيبة "210" التابعة للجيش الإسرائيلي، ينيف عشور، أكد على ضرورة خلق فرصة مواتية من أجل رفع المعاناة عن كاهل اللاجئين السوريين، وإعطاءهم أملًا جديدًا في الحياة".
وأشار "عشور" إلى أن 10% من سكان المنطقة من المتطرفين الذين قدموا إلى الجولان من مناطق عديدة في العالم، إلا أن الجيش الإسرائيلي يعمل على تحديد المعتدلين منهم ويجري معهم الاتصالات الضرورية لتعميق العلاقة الإنسانية".
تقارير إسرائيلية كشفت عن تقديم مساعدات إنسانية على مدى السنوات الماضية للمجموعات المسلحة التي تسيطر على منطقة محاذية لخط وقف إطلاق النار وباتت تفصل القوات الإسرائيلية عن الجيش السوري.
الأمر المثير أن آلاف الجرحى من أفراد هذه المجموعات "السورية المسلحة" وبعض المدنيين حصلوا على العلاج الطبي في المستشفيات الإسرائيلية بعد أن تم نقلهم بسيارات إسعاف تابعة لهم.
الخطوة الإسرائيلية ليست وليدة اللحظة، حيث اعترفت في الماضي بمعالجة نحو 3000 جريح سوري من المقاتلين في مستشفياتها منذ العام 2013، وقامت بتقديم المساعدات الإنسانية لهم مثل الطعام والملابس.
والسؤال الأبرز في تلك الحلقة.. لماذا قبلت الجماعات المسلحة السورية مساعدات من إسرائيل؟
معتصم الجولاني، المتحدث باسم جماعة الثوار السورية، أوضح أن إسرائيل وقفت إلى جانبنا بطريقة بطولية، حيث أنه لا يمكن أن نبقى على قيد الحياة من دون مساعداتهم".
لكن يبدو أن الدعم الإسرائيي كان يهدف إلى الإبقاء على المقاتلين المدعومين من إيران والمتحالفين مع النظام السوري، مثل ميليشيا مجموعة حزب الله اللبناني، بعيدة عن قطاع الحدود التي تمتد 45 ميلاً في مرتفعات الجولان المقسمة.
وكانت إسرائيل قد استولت على جزء من مرتفعات الجولان من سورية في حرب العام 1967، ثم ضمتها لاحقاً في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.
إيهود يعاري، الزميل في معهد واشنطن والمحلل السياسي الإسرائيلي، عقّب على دعم إسرائيل للميليشيات السورية، بالقول: إنها "مسألة مصالح، موضحًا أن تلك السياسة بدأت في عهد وزير الدفاع السابق موشيه يعالون، واستمرت في عهد خليفته، أفيجدور ليبرمان.
يذكر أن إسرائيل أطلقت عملية حملت عنوان "الجوار الصالح" بالجولان في العام 2013، حيث تقوم على تقديم الدعم الإنساني والمادي للمقاتلين، وتحصل في المقابل على "منطقة عازلة" من الميليشيات المحلية التي تدافع عن نفسها في المنطقة المحتلة.