وردة: «بلمَّع جزم عشان مرضيتش أبيع جسمي لولاد الحرام»
«تلمع يا بيه» .. تلك الجملة هي كل رأس مال «وردة»، أشهر ماسحة أحذية في منطقة الدقي، حيث تخبئ داخلها قصة أولها أسى وآخرها حسرة ومرض وطفلة تفترش الرصيف.
بمظلة من كرتون تحاول وردة أن تقي نفسها وطفلتها التي لم تتخط الأعوام الأربعة، من حرارة الشمس الملتهبة، تجمع جنيهات على مدار اليوم، لتقتات بها، وتطعم طفلتها وتنفق عليها بعدما تخلى الأب والسند عنهما و«طفش» هربا من المسئولية والفقر.
الفقر وحش
«أسرتى أجبرتني على الزواج منذ 5 سنوات، للتخلص من همي، لضيق الحال والفقر».. هكذا استهلت وردة محمد، 27 سنة، حديثها، وأضافت لـ«التحرير» أن زواجها لم يغير من واقعها الفقير شيئا، بعدما تزوجت عاملا كل همه الحصول على أجرة يومه وشراء المخدرات ولم يعرف معنى الأسرة والزوجة، بل كانت تعانى على يديه من وصلات إهانة وضرب مبرح، لا تنتهي.
ولفتت وردة إلى أن حاجتها للأموال زادت بعدما رزقت بطفلها الأول ومع زيادة المصروفات والاحتياجات تركها الزوج و"طفش" ولم تتوقف متاعبها عند ذلك الحد، حيث "طلقها" ولم يسأل فى طفلته.
واستكملت وردة، «عند عودتى لمنزل أسرتى بمنطقة الصف فى الجيزة، وجدت والدى متزوج ولم يهتم بمشاكلى وطلب منى سرعة مغادرة المنزل لعدم قدرته على مصروفات ابنتى»، قائلا لى «أنا كنت قادر عليكي لوحدك لما ترجعيلى ببنت فى إيدك ويلا بسرعة شوفيلك واحد يتجوزك علشان نخلص».. وهنا انهمرت دموع الابنة من عيونها وظلت تردد "الفقر وحش.. يا رب ماتحوج حد".
زواج فى الشارع
وردة أوضحت أن زوجة أبيها عكفت على مضايقتها وطفلتها، حتى أجبرتها على الخروج للشارع بسبب المشاجرات المستمرة بينهما، ومن هنا عرفت طريق النوم على الأرصفة، موضحة أنها سريعا تعرفت على أحد الرجال وتزوجت منه بعدما أقامت عدة أيام فى الشارع، وذلك بعدما وجدت نفسها مطمعا للجميع، ممن يرغبون فى نهش جسدها.
لم تكتمل فرحة وردة بدخول البيت الجديد، فتزايدت المعاناة بعدما وجدت زوجها يتعدى بالضرب المستمر على ابنتها وعند تدخلها تنال حظها من العقاب، ونتيجة الضرب المستمر لابنتها أصيبت بكهرباء فى المخ، ومن هنا تحولت حياتها إلى جحيم مستمر على يد الزوج الجديد، والذى يرغب فى قيامها ببعض الأشياء الغريبة والتى هي ضد دينها، ومن هنا طلقت منه وتركت المنزل وعادت إلى الشارع من جديد.
نفسى فى معاش و«البلدية» تبعد عنى
عادت الوردة للحديث إلى «التحرير» عقب الانتهاء من تلميع حذاء أحد زبائنها، حيث أوضحت أنها استأجرت شقة بمنطقة بولاق وتقيم فيها هي وابنتها التي تذهب بها للمستشفى من وقت لآخر لعرضها على الأطباء لتلقى العلاج، كما أضافت أنها تعلمت مهنة تلميع الأحذية لعدم رغبتها فى عمل شيء محرم، بل تعتمد على نفسها لإطعام طفلتها بالحلال ولا تريد من أحد شيئا.
واختتمت حديثها بأنها لم تكتف بتلميع الأحذية فقط، فهى تقوم بمسح سلالم العمارات وتنظيف الشقق للسيدات، حتى تقدر على مصاريف علاج ابنتها وتكاليف إيجار الشقة قائلة "أنا نفسى يبقى ليا معاش علشان أقدر أعيش بنتى وأدخلها حضانة علشان تبقى كويسة بدل ماهى اتعلمت الشتايم بسبب جلوسنا فى الشارع ويا رب البلدية تبعد عنى».