بدأ اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، زيارته إلى جزيرة «الوراق» ولقاء أهاليها، الأحد، بنقل رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسى شدد خلالها على أنه «حريص على مصلحة أهالى الجزيرة كحرصه على مصلحة كل المصريين»، متعهدًا بعدم ظلم أىٍّ من ساكنيها. وعرض الوزير خلال لقائه مع الأهالى بعض الحلول للوصول إلى «أرضية مشتركة» تسمح بالتفاوض، حسب قوله، ووعد بعرض مطالب الأهالى على مجلس الوزراء، وشدد على ضرورة تنفيذ خطة تطوير الجزيرة، بما تتضمنه من توفير الخدمات الأساسية كالمستشفيات والمدارس، وأعلن عن أنه سيتم عقد اجتماع آخر بحضور ٥٠ شخصًا من الأهالى، لمعرفة مقترحاتهم لإنهاء الأزمة.
لجنة من 4 جهات حكومية لتسعير الأراضى وتقدير التعويضات
أعلن رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، خلال اللقاء، عن تشكيل لجنة تكون مسئولة عن تسعير الأراضى وتقدير التعويضات، مكونة من هيئة المساحة والأملاك، ووزارات الرى والزراعة والإسكان، وقال الوزير: «لن نطرد مواطنًا، والأهالى سيحصلون على حقهم، ولن نسمح بالشائعات أو بإقحام المغرضين»، وأضاف مخاطبًا الأهالى: «سنحافظ على مصالحكم فى ظل هيبة الدولة، والجميع سواء أمام القانون، ولن يُسمح بالبناء على المياه أو أرض الدولة».
وتابع: «الرئيس كلفنى بالحضور، وإن شاء الله هنوصل لحلول ترضيكم.. مش هناخد متر إلا بالتراضى»، موضحًا أن الدولة تريد انتزاع ١٠٠ متر فى حرم محور روض الفرج للصالح العام.
وأشار إلى أنه جاء لمناقشة الأهالى فى أزمتهم، ولن يصدر أى قرار دون رضاهم، قائلًا: «أنا جاى أناقش مش أكتر من كده، ولن يصدر أى قرار أو قانون بشأن الجزيرة إلا بالتراضى».
سكن بديل فى «الأسمرات» لاستقبال أصحاب المنازل المخالفة
تعهد الوزير بتوفير سكن لأصحاب البيوت المخالفة على شواطئ الجزيرة، وقال إن «حى الأسمرات جاهز لاستقبال أهالى الجزيرة فى غضون أسبوع من الآن»، مشيرًا إلى حرص «الهيئة الهندسية» على تقديم تعويضات مالية عادلة لأصحاب الأراضى التى ستكون ضمن حرم كوبرى الدائرى.
وأضاف للأهالى: «نريد المساعدة وتوفير مسكن صحى ونظيف بأسلوب قانونى، ونرفض البناء على أملاك الدولة بغرض المتاجرة، أما البسطاء اللى بنوا بجوار النهر لن نتركهم، ومَن يحتاج إلى سكن اجتماعى أو سكن بالأسمرات من الذين بنوا على خط النهر أو أملاك الدولة فأهلًا به».
وتابع: «نريد الحفاظ على طرح النهر وإخلائه لإنشاء طريق دائرى حول الجزيرة يتيح الفرصة للسيارات بالسير.
رسالة الرئيس للأهالى: لن نظلمكم.. و«اللى ليه حق هياخده»
نقل رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، خلال اللقاء، رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الأهالى، وقال: «الرئيس يؤكد لكم أن أحدًا لن يُضار أو يظلم فى عهده فى مصر كلها، وفى جزيرة الوراق تحديدًا». وأضاف: «الرئيس يبلغكم تحياته، ويؤكد لكم أن كل من له حق سيأخذه بما لا ينتقص من قوانين وهيبة الدولة».
وتابع الوزير: «فيه مشاكل فى الجزيرة، أنا لفيت عليها وشفتها بنفسى.. ناس عايشين فى شوارع ضيقة وبيوت عشوائية، وهذا وضع لا يليق ولا يرضى الدولة ولا يرضى الرئيس».
بينما قال عدد من أهالى الجزيرة إنهم يمتلكون عقودًا رسمية تثبت ملكيتهم للأراضى، التى لا يريدون تركها بعد أن تربوا عليها منذ عشرات السنين.
مطالب الأهالى: رفض «نزع الـ100 متر».. وتراخيص للبناء
شهد اللقاء تقديم أهالى الجزيرة للواء كامل الوزير، مذكرة بأهم مطالبهم، وفى مقدمتها محاسبة مَن قتل أو تسبب فى قتل المواطن «سيد الطفشان»، وإخطار الأهالى بما تم من إجراءات لذلك، وتقديم تعويض أدبى ومادى لأسرته، لضمان حياة كريمة لها. وتمثل المطلب الثانى فى المذكرة، بالإفراج عن جميع أبناء الجزيرة المحبوسين فى الاشتباكات، وشملت المطالب، رفض قرار نزع ١٠٠ متر شرق محور روض الفرج بالجزيرة، وطالبوا بضرورة عدم نزع ملكية الأراضى الزراعية المزروعة على حرم النيل، وتعويض أصحاب المبانى القائمة على ذلك الحرم، ومنحهم تراخيص للبناء داخل الجزيرة.
مواطنون: الحياة خارج الجزيرة «مكلفة».. والتعويض المناسب شرط المغادرة
قال الحاج عمران، ٥٨ عامًا، أحد كبار أهالى الجزيرة، والذى كان ضمن المشاركين فى المناقشة مع اللواء كامل الوزير، إن الزيارة والنقاش خطوة فى تقريب المسافات بين الأهالى والحكومة، لكنها لم تحل الأزمة كاملة.
وأعرب عن ثقته الكاملة فى الرئيس السيسى، قائلًا: «عارف أن الرئيس مش هيظلمنا، أكيد مش هيهون عليه يطلعنا من بيوتنا، لكن الحلول دى مش مرضية بالنسبة لنا، والأزمة ستظل قائمة إلى أن تستجيب الحكومة لمطالبنا، والجزيرة محتاجة تطوير مش تهجير».
وترفض الحاجة نعمات، ٦٤ عامًا، التى جلست أمام منزلها مستمعة لحديث الوزير، الانتقال إلى «حى الأسمرات»، مبررة ذلك بارتفاع المعيشة وتكاليفها خارج الجزيرة، وقالت إنها لن تخرج من بيتها نهائيًا، وطالبت الرئيس السيسى بالنظر لمشاكلهم، وتوجيه الحكومة لوضع خطة تطوير الجزيرة. ورأى محمد رمضان، ٣٨ عامًا، أحد شباب الجزيرة، أنه قبل أى حلول أو مفاوضات ينبغى الإفراج عن شباب الجزيرة المحبوسين فى الأحداث الأخيرة.
مصادر أمنية: لا إزالة قبل انتهاء المفاوضات
قالت مصادر أمنية، إن تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة من محافظة الجيزة، لن يتم العمل بها، حتى انتهاء المفاوضات كاملة بين أجهزة الدولة وأهالى جزيرة الوراق، موضحة أن قوات الأمن جهة تنفيذ فقط، وتنتظر القرار من مسئولى الدولة. وأضافت: «لن تتم إزالة أى تعدٍ على أرض الجزيرة، إلا بعد التأكد من خلو المنطقة المراد إزالتها تمامًا، وعدم تعريض حياة أىٍّ من المواطنين للخطر».
فى الوقت نفسه، واصلت نيابة شمال الجيزة الكلية، بإشراف المستشار محمد عبدالسلام، المحامى العام الأول، تحقيقاتها فى أحداث الاشتباكات التى وقعت فى الجزيرة بين قوات الأمن وعدد من الأهالى، وأسفرت عن مقتل شاب وإصابة ١٩ آخرين، وإصابة ٣١ من قوات الأمن.