شهدت العلاقات الدبلوماسية ( التركية/ الأمريكية ) توتراً خلال الأيام الماضية ، عقب قيام السلطات التركية يوم (5) أكتوبر الجاري بالقبض على موظف تركي الجنسية يعمل موظفاً في القنصلية الأمريكية بإسطنبول يدعى ” متين طوبوز ” بتهمة الانتماء بمنظمة ” جولن ” التي تتهمها تركيا بتدبير محاولة الانقلاب العام الماضي ، أدى ذلك إلى إعلان السفارة الأمريكية في إسطنبول تشككها في تأمين تركيا لبعثتها الدبلوماسية ، ثم أعقبها إعلان السفارة الأمريكية وقف إصدار كافة التأشيرات ما عدا الهجرة في جميع بعثاتها بالأراضي التركية .. فيما ردت السفارة التركية بإجراء مماثل يتمثل في تعليق إجراءات منح التأشيرات للمواطنين الأمريكيين في مقرها وجميع القنصليات التركية بالولايات المتحدة ، وفي تطور للأحداث اعتقلت السلطات التركية أيضاً ابنة موظف بالقنصلية الأمريكية في إسطنبول ، عقب اعتقاله وابنه وزوجته أول أمس ، بتهمة التجسس والتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي ، ومن جانبه صرح الرئيس ” أردوجان ” بأن المسئولين الأتراك سيقاطعون الاجتماعات مع السفير الأمريكي ، مضيفاً أن على الولايات المتحدة إقالة سفيرها ، وأن بلاده لم تعد تعتبر السفير الأمريكي ممثلاً للولايات المتحدة في تركيا .
بداية الأزمة بين البلدين :
شهدت العلاقات بين البلدين توتراً علي خلفية دعم الولايات المتحدة لعناصر ( قوات سوريا الديمقراطية ) في سوريا التابعة لمنظمة حزب العمال الكردستاني التي تعتبرها تركيا إرهابية ، حيث دعت تركيا الولايات المتحدة بالتخلي عن حماية تلك التنظيمات ، وأنها لن تقف صامته أمام التطورات على حدودها الجنوبية مع سوريا و العراق .
هذا بالإضافة إلي مماطلة الولايات المتحدة في تسليم الداعية التركي ” فتح الله جولن ” الذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب .
فضلاً عن اتهام محكمة أمريكية لـ19 شخص بينهم 15 من طــاقــم حــراسة الرئيس ” أردوغان ” على خلفية اعتدائهم على المتظاهرين الأتراك بواشنطن على هامش زيارة ” أردوجان ” في مايو الماضي .
من ناحية أخري رفضت الولايات المتحدة طلباً من أنقرة لإرسال مدربين لتدريب طيارين أتراك على استخدام مقاتلات أمريكية طراز (f-16) ، من أجل سد العجز في أعداد الطيارين الأتراك في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة ،كما انتقدت وزارة الدفاع الأمريكية تركيا وذلك لشرائها منظومة دفاع جوي روسية طراز ” S-400 ” .
ونستعرض فيما يلي تصريحات وقرارات كلاً من تركيا وأمريكا بشأن تلك الأزمة :
أولاً :تركيا :
أعرب الرئيس ” أردوجان ” عن أسفه لقرار الولايات المتحدة وقف إصدار كافة التأشيرات ما عدا الهجرة في جميع بعثاتها بالأراضي التركية وتطبيقه ، وأعلن أن المسئولين الأتراك سيقاطعون الاجتماعات مع السفير الأمريكي ، مشيراً إلى أن مسئولي الخارجية التركية شرعوا في التواصل مع نظرائهم في واشنطن مباشرة لدى صدور القرار ، مضيفاً أن على الولايات المتحدة إقالة سفيرها بتركيا بسبب أزمة التأشيرات ، وأكد أن بلاده لم تعد تعتبر السفير الأمريكي ممثلاً للولايات المتحدة في تركيا .
كما دعا رئيس الوزراء ” بن علي يلدريم ” واشنطن لتبني موقف أكثر عقلانية تجاه أزمة التأشيرات ، واصفاً قرار تعليق منح تأشيرات للمواطنين الأتراك لدواعي أمنية بأنه تناقض سافر ، مؤكداً أن العمل في البعثات الأمريكية لا يحمي متهمي ومرتكبي الجرائم .. في سياق آخر دعا ” يلدريم ” الولايات المتحدة للتخلي عن حماية تنظيمي عناصر منظمة حزب العمال الكردستاني بسوريا ، في حالة استمرار التحالف مع تركيا ، مشيراً إلى أن تركيا لا يمكن لها التغاضي عن التطورات على حدودها الجنوبية مع ( سوريا / العراق ) .
و أكد وزير الخارجية ” جاويش أوغلو ” أن هناك أدلة خطيرة ضد موظف القنصلية الأمريكية ، مضيفاً أنه في حال ثبوت ارتكاب المتهم لأية جريمة ، فإن العمل في القنصلية لا يعطي الحصانة لأحد .
كمااعتقلت السلطات التركية أمس ابنة موظف بالقنصلية الأمريكية في إسطنبول ، عقب اعتقاله وابنه وزوجته أول أمس ، بتهمة التجسس والتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي .
واستدعت الخارجية التركية يوم (9) أكتوبر مستشار السفارة الأمريكية في أنقرة ” فيليب كوسنت ” وأبلغته تطلعها لتراجع واشنطن عن قرارها الخاص بتعليق منح التأشيرات في تركيا .
كماقامت النيابة العامة بإسطنبول يوم (9) أكتوبر بإستدعاء شخصاً يعمل بالقنصلية العامة الأمريكية بإسطنبول ، ولا يتمتع بحصانة دبلوماسية للإدلاء بشهادته .
ثانياً : الولايات المتحدة الأمريكية :
أكد سفير الولايات المتحدة في تركيا ” جون باس ” أن مدة تعليق خدمات التأشيرات في تركيا مرتبطة بجهود لمحادثات بين البلدين حول اعتقال السلطات التركية لموظف في القنصلية الأمريكية ، مضيفاً أن زمن التعليق متوقف أيضاً على التزام الحكومة التركية بتأمين المؤسسات الأمريكية وموظفيها في تركيا ، وأكد أن ذلك ليس حظراً لإصدار التأشيرات للمواطنين الأتراك .
وأعلن المتحدث باسم البنتاجون أن النزاع الدبلوماسي بين ( تركيا / الولايات المتحدة ) لم يؤثر على العمليات العسكرية أو الأفراد خارج تركيا ، موضحاً أن قاعدة القوات الجوية التركية في ( إنجرليك ) تواصل لعب دورها الهام في دعم مساعي ( حلف الناتو / قوات التحالف ) ، مضيفاً أن تركيا شريك وثيق في الحلف ، وأن الولايات المتحدة ستواصل تنسيق الأنشطة العسكرية المشتركة مع أنقرة .
وأعربت المتحدثة باسم الخارجية عن خيبة أملها حيال إلقاء السلطات التركية القبض على موظف تركي في القنصلية العامة الأمريكية بإسطنبول ، وطالبت بتمكين محامي الموظف من مقابلته ، ووصفت الإجراء بأنه سيكون خطوة أولى جيدة نحو إنهاء التوتر ، موضحة أن قرار تعليق منح تأشيراتها للأتراك ، تم اتخاذه بالتنسيق بين عدة جهات سيادية ، ولم يتخذه سفيرها لدى أنقرة ” جون باس ” بمفرده .