نشرت صحيفة الشروق مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “الطوق التركى حول مصر” جاء أبرز ما فيها الآتي :-
زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى السودان الأسبوع الماضى، ضمن جولته الإفريقية، كشفت عن محاولات تركية لتطويق مصر من أكثر من جهة. المفارقة أن هناك بعضا من أنصار جماعة الإخوان، بدأوا يتعاملون مع الواقع الجديد بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، رغم معارضتهم له، لكن الرئيس التركى، يبدو أشد تطرفا من بعض الإخوان، ولا يفوت مناسبة إلا ويمارس خلالها الغمز واللمز.
حينما زار أردوغان ميناء «سواكن» السودانى قرب الحدود المصرية يوم الأربعاء الماضى، وأعلن عن أن بلاده ستتولى إدارة وتطوير الميناء، وأن هناك ملحقا خاصا سريا، كان يرسل إشارة للقاهرة بأنه لن يستسلم لقيام المصريين بإسقاط المخطط الخاص بتمكين تيار الإسلام السياسى من الحكم، ليس فقط فى مصر، ولكن فى غالبية المنطقة.
لو تأملنا الخريطة الجيوسياسية للحدود المصرية الآن، سوف نكتشف أن تركيا موجودة فى أكثر من بقعة مؤثرة.
هى موجودة فى قطاع غزة بحكم علاقتها المتميزة مع حركة حماس منذ سنوات طويلة، كما أن لها علاقة طبيعية جدا مع إسرائيل.
هناك عداء لفظى كبير من أنقرة ضد تل أبيب لكن على أرض الواقع، العلاقات بينهما عادية جدا بل إن إسرائيل كاتس وزير الاستخبارات الإسرائيلى كشف قبل أيام عن أن ٢٥٪ من صادرات تركيا للخليج تمر عبر ميناء حيفا.
صار لتركيا وجودا مؤثرا فى ليبيا، فهى التى تدعم عمليا ومعها قطر تيار الإسلام السياسى فى ليبيا. هى التى دعمت ائتلاف «فجر ليبيا، وكانت جماعة الإخوان عماده الرئيسى، وهناك تقارير متواترة عن أنها هى وقطر تتوليان إمداد جماعات الإسلام السياسى بالأموال والأسلحة، ناهيك عن الدعم الاعلامى والسياسى المكشوف.
وتتهم مصادر مصرية مختلفة أنقرة بأنها تدعم المتطرفين فى ليبيا الذين يرسلون مسلحين بين الحين والآخر لتنفيذ عمليات إرهابية فى مصر.
إذا هناك وجود تركى مؤثر فى العديد من المناطق الحدودية لمصر، من السودان جنوبا إلى ليبيا غربا إلى غزة فى الشمال الشرقى، وبعد وجودها فى ميناء «سواكن» فإن هناك مخاوف من تحويلها هذا الميناء إلى قاعدة عسكرية لمناكفة القاهرة، علما أن وزير الخارجية السودانى لم يستبعد التعاون العسكرى.
السؤال البديهى: ما الذى يفترض أن تفعله مصر؟! هذا السؤال يفترض أن يشغل بال كل المسئولين المصريين والخبراء العسكريين «الأصليين وليس التقليد».
بالطبع نتمنى أولا أن يتوقف أردوغان عن التعامل مع مصر باعتباره السلطان العثمانى، وخليفة المسلمين، ونتمنى أن تعود العلاقات بين الشعبين الشقيقين إلى ما كانت عليه قبل أن يسفر أردغان عن انحيازه الكامل لجماعة الإخوان. هناك أصوات كثيرة فى تركيا بدأت تتحدث عن ضرر كبير بسبب سياسة أردوغان تجاه مصر.
لكن إذا لم يفلح هذا المسعى فعلى القاهرة أن تكثف التعاون الشامل مع قبرص واليونان، على الأقل لضمان حماية حقول الغاز فى البحر المتوسط. وعلينا أن نسد الثغرات وأولها بذل كل الجهد لعدم ترك السودان يسقط فى الأحضان التركية القطرية،وان نراهم اكثر على الشعب السودانى، والا نتورط فى ارتكاب اخطاء اعلامية ندفع ثمنها لاحقا. وعلينا أن نقنع حركة حماس أن مستقبلهم فى علاقات جيدة مع مصر وليس العكس. وأن نبذل كل الجهود لايجاد حكومة وطنية مركزية فى ليبيا تمنع انتشار الأفكار المتطرفة والتحركات المعادية تجاه مصر.
مواجهة هذا الطوق لا تكون بالجعجة والانفعال، وباسلوب «الشتائم والردح وفرش الملاية» بل بالتحرك الجاد واكتساب الاصدقاء وتحييد الخصوم.