نشر موقع الشروق مقال للكاتب محمد عصمت بعنوان “فى انتظار سامى عنان” جاء على النحو الآتي :-
قد لا يكون الفريق سامى عنان هو الرئيس المثالى للجمهورية، فنحن ــ حتى الآن ــ لا نعرف شيئا محددا وواضحا عن أفكاره وتوجهاته السياسية، ولكنه بالتأكيد سيكون المنافس المثالى المتاح للرئيس عبدالفتاح السيسى، فى ظل ثلاثة اعتبارات أساسية وهى الانسحاب المفاجئ للفريق أحمد شفيق، والمستقبل الانتخابى المجهول الذى يواجهه المرشح اليسارى خالد على إذا خسر قضيته، وثالثا عجز الأحزاب والقوى السياسية الكبيرة عن تقديم أى مرشح على الإطلاق، وكأن موعد الانتخابات قد فاجأها على حين غرة فلم تستعد لها بالشكل المناسب!
مع عنان، بخلفيته العسكرية، يمكن أن تتوافر فرص لإجراء مناظرات انتخابية بينه وبين بقية المرشحين وعلى رأسهم بالطبع الرئيس السيسى، لكشف العديد من الأسرار التى تحيط بتوجهاتنا إزاء صفقة القرن مثلا، والتى أعلن الرئيس السيسى دعمه لها خلال لقائه بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى إبريل الماضى، وتبين فيما بعد أنها قد تتضمن تبادل أرض بين سيناء وإجبار الفلسطينيين على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعتبار بلدة أبوديس عاصمة للدويلة الفلسطينية المقترحة وهو ما كشفه أبومازن وهنية منذ يومين، مؤكدين على رفضهما المطلق لهذه الاقتراحات الأمريكية، وهو ما رفضته مصر على لسان الرئيس السيسى أيضا دون أن نفهم بالضبط هل أجرت واشنطن تعديلات على هذه الصفقة التى سبق أن وافق السيسى عليها؟.
كما يمكن أيضا عن طريق انتخابات تنافسية حقيقية أن نفهم استراتيجيات مصر المستقبلية تجاه سد النهضة، ولماذا وقع الرئيس اتفاقية إعلان المبادئ مع إثيوبيا والسودان فى مارس 2015 دون أن تتضمن بندا يحيل أى خلافات مع إثيوبيا للتحكيم الدولى كما نادى بذلك العديد من الخبراء المصريين، وهو ما جعل إثيوبيا تتلاعب بنا كيفما تشاء حتى الآن، وتهددنا بالعطش والجوع مع النقص المتوقع فى إيرادات نهر النيل، واضطرارنا للبحث عن بدائل مكلفة لتحلية مياه البحر، أو إعادة تدوير مياه المجارى لاستخدامها فى الرى أو حتى الشرب؟
نستطيع كذلك أن نفهم مصير الوعود الحكومية بتحسين مستوى المعيشة لملايين المصريين بعد تطبيقها سياسة الإصلاح الاقتصادى ولم نر منها إلا زيادة معدلات الفقر والتضخم وارتفاع الأسعار والاقتراض من الخارج بنسب فلكية، مع وعود حكومية باستمرار طاحونة الغلاء لأجل غير مسمى، مع الاندفاع المبالغ فيه نحو مشروعات ضخمة لا أحد يدرى بالضبط جدواها الاقتصادية.
كما نستطيع أيضا أن نناقش أسباب تقاعس السلطة فى مصر عن إجراء أى إصلاحات سياسية لترسيخ الممارسات الديمقراطية، وأن نعرف أسرار سعيها المحموم لتكبيل حركة الشباب والأحزاب والنقابات والاتحادات العمالية والمهنية بقيود قانونية وأمنية تتعارض مع الدستور على طول الخط، بل وانتهاكها مواده فى حقوق التظاهر والإضراب وحرية الرأى والتعبير والصحافة والإعلام.
مع سعى البعض لبناء دولة الرجل الواحد فى مصر، واستدعاء أسوأ ما فى نظمنا السياسية السابقة فى الحكم وعلى رأسها الإعلام المقيد والسياسة شبه المؤممة فى عهد عبدالناصر، والانفتاح الاقتصادى طبقا لروشتة صندوق النقد كما فى عهدى السادات ومبارك، والسجون والمعتقلات كما كان الحال فى كل العصور، تأتى الانتخابات الرئاسية المقبلة لتوفر لنا ــ نظريا على الأقل – فرصة حقيقة لمناقشة هذه التصورات التى لم تعد تصلح للاستهلاك الآدمى فى بلد أشعل شعبها ثورة تنادى بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، ثم فوجئ بسياسات مغايرة من سلطات متتالية مفترض أنها جاءت لتطبق هذه الشعارات!!
قد لا يكون ترشح عنان هو الوصفة السحرية لعلاج أزماتنا الديمقراطية، ولكنه بالقطع لن ينقذ الانتخابات فقط من السقوط فى بئر الاستفتاء، ولكنه سيعطى أيضا فرصا حقيقية للمرشحين الآخرين وعلى رأسهم خالد على للحركة وسط الناخبين بشكل قد لا يتوافر لهم، إذا غاب عنها عنان!