نشر موقع المصري اليوم مقال للكاتب “علاء الدين حافظ” بعنوان “التنين الصيني كنز استراتيجي رهن الإشارة” جاءت على النحو الآتي :-
اتجهت ومازالت غالبية الدول العربية صوب الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بعدها بمسافة كبيرة روسيا والاتحاد الأوروبي، إذ يبدو أن هذه الدول لديها قناعة راسخة بأن أوراق اللعبة الـ ٩٩ «ملكية أبدية» لأمريكا، التي لا تستحي عن المجاهرة بانحيازها للكيان الصهيوني في حربه لالتهام جغرافية المنطقة، ووأد تاريخها في غياهب النسيان.
وارت الثرى إمبراطوريات كبرى، وشرقت شمس دول لم يكن لها وجود على خريطة الكبار، ورغم ذلك قبلة العرب لم تحيد عن البيت الأبيض.
نحفظ عن ظهر قلب «النكبات» التي لحقت بدول المنطقة، جراء سياسة الارتماء في أحضان الإدارة الأمريكية، غير أن هذه «النكبات» لم تكن كافية لإفاقة العرب من غيبوبة «الحليف الذي لا يقهر».
العالم يتأهب لمرحلة ما بعد انتهاء حقبة القطب الأوحد، التي دانت لأمريكا في أعقاب تفتت الاتحاد السوفيتي، حيث بات التنين الصيني على أعتاب مزاحمة الولايات المتحدة على زعامة العالم، المثير للغثيان حقا أن العرب مازالوا يلقون بكافة أوراقهم في يد «الصديق اللدود»، الذي بجانب كونه- أي أمريكا-، الراعي الرسمي للكيان الصهيوني في المنطقة، بدأ ينتهج سياسة «ابتزازية» للدول العربية، خاصة الغنية بالنفط، بزعم حماية المنطقة من محاولات التوغل الإيراني.
الصين كنز استراتيجي حقيقي للدول العربية، لاسيما أنه ليست لها مطامع استعمارية في المنطقة، وتقف على مسافة أقرب للعرب عنها من الكيان الصيهونى في صراع الوجود بالمنطقة.
يقينا تعي تماما الأنظمة العربية ذلك، لكن للأسف لا تجرؤ على الذهاب في علاقتها مع بكين أكثر من ذلك دون الحصول على ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية، التي استشعرت هذا الخطر وبدأت تجييش الاتحاد الأوروبي لانتهاج سياسة تجارية مناوئة لبكين.
العملاق الآسيوي يقفز بخطوات ثابتة نحو زعامة العالم، متسلحا بالاقتصاد، حيث أطلقت منذ عامين استراتيجية «صنع في الصين ٢٠٢٥»، وتهدف إلى أن يكون المكون الصيني لا يقل عن نسبة ٧٠ بالمئة من المنتجات الصناعية والتجارية وذلك عن طريق عدة مسارات، أهمها الاعتماد على التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي في الإنتاج والتصنيع. اليوم تعتمد الصين كثيراً على المكون الأمريكي أو الألماني أو الياباني في معظم صناعتها ولا يتجاوز المكون الصيني نسبة ٣٠ بالمئة من البضاعة المصنعة في الصين.
هل لك أن تتخيل الأثر الذي يترتب على الاقتصاد الصيني، جراء نسبة السبعين بالمئة للمكون الصيني، خلال سبعة أعوام، يعني ببساطة أن الصين أصبحت من دون أدنى شك القوة الاقتصادية الأولى في العالم، علما بأنها شرعت أيضا في شق مشروع عملاق «طريق الحرير» الذي يربطها برياً وبحرياً بالغرب، وتطلق عليه بكين «مشروع القرن».
أضف إلى ذلك أن غالبية هذه الاستثمارات تتركز في أسواق العالم النامي في آسيا، وأفريقيا، ولا أبالغ إذا قلت إنها في طريقها لإزاحة الاتحاد الأوروبي وروسيا، لتحل بدلا عنهما على عرش الدول الأكبر استثمارا في الشرق الأوسط.
حرص التنين الصيني على تعميق أواصر العلاقات مع العالم العربي، أكثر أهمية بالنسبة له من الدول العربية، وذلك لأن الطموح الصيني لتسيد العالم اقتصاديا لن يتحقق دون تأمين مصادر الطاقة، حيث تنبع نحو نصف واردات النفط الصينية من الشرق الأوسط، وأغلبها من منطقة الخليج.
العامل الثاني يتمثل في أن التربع على عرش الاقتصاد العالمي ٢٠٢٥، يتطلب غاز إيران وروسيا ونفط السعودية، لذا ليس لها مصلحة نهائياً في أن تتأثر إيران والسعودية بحروب يمكن أن تهدد إمداداتها من الطاقة، عكس أمريكا التي ترى في تأجيج الصراع «السني- الشيعي» فرصة مواتية لزيادة فاتورة الحماية المزعومة من جهة، ومن جهة ثانية سوق رائجة أمام شركات صناعة السلاح الأمريكي.
خير الكلام:
قالوا لعمر المختار، شيخ المجاهدين:
إيطاليا تملك طائرات أنت لا تملكها.
فسألهم: هل تحلق فوق العرش أم تحته؟
قالوا: تحته
قال: مادام من فوق العرش معنا فلن يخيفنا شيء تحته.