تطرق الدكتور مانويل ألميدا في مقاله ضمن صحيفة “ذي اراب نيوز” السعودية إلى القلق الذي يخيم على الدوحة بعد أن أطرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزير خارجيته ريكس تيليرسون. جاء الحدث قبل ثلاث زيارات رسمية إلى واشنطن حيث ستشكل الأزمة القطرية محور المحادثات المقبلة.
سيصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن يوم الإثنين، بينما سيسافر ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أمريكا في نهاية الشهر الحالي.
وفي النصف الأول من أبريل المقبل، من المتوقع أن يزور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الولايات المتحدة.
منذ أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الديبلوماسية والتجارية مع قطر في يونيو الماضي، كانت وجهات النظر في واشنطن ملتبسة.
فهنالك من اعتنق التقييم النمطي بأنّ الحدث هو خلاف داخلي غير مسؤول يعترض مسائل إقليمية أهم. وتخوّف آخرون على مصير مجلس التعاون الخليجي وتداعيات الأزمة على أولويات أمريكا في المنطقة وعلاقاتها الاستراتيجية مع مختلف حلفائها إضافة إلى حيوية قاعدة العديد القطرية.
وبرز شرخ داخل إدارة البيت الأبيض بين فريق أكثر ميلاً لتفهم مخاوف الرباعي من قطر وبين وزارة الخارجية التي يقودها تيليرسون والتي تمسكت بموقف لين تجاه الدوحة.
غير ديبلوماسي وغير مطّلع
ظهرت الخلافات الداخلية إلى العلن منذ البداية حيث دعم ترامب في تغريدة “الخطوة القاسية لكن الضرورية” للرباعي.
بينما انتقد بيان لوزارة الخارجية بعد أسبوعين إجراءات المقاطعة، وتساؤله عما “إذا كانت تحركات (الدول المقاطعة) متمحورة حول مخاوفها من الاتهامات الموجهة إلى قطر عن دعم الإرهاب أم حول شكاوى طويلة الأمد داخل دول مجلس التعاون الخليجي”.
يضيف ألميدا أن هذه اللهجة لم تكن ديبلوماسية وبدت غير مدركة للمخاوف التي رفعتها دول عربية لفترة طويلة من قطر وهو أمر يظهر عدم دراية بخلفية الأزمة التي فاجأت كثيرين.
إن العلاقة بين قطر ومجلس التعاون قُطعت في مارس 2014، حين سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة رداً على تدخل قطر في الشؤون الداخلية لجيرانها ودعمها مختلف فروع تنظيم الإخوان ومجموعات مشابهة أخرى. يضاف إلى ذلك رسالة التطرف التي كانت تبثها شبكة الجزيرة في نسختها العربية وعلاقات الدوحة الملتبسة مع طهران. ووقعت قطر اتفاقاً ثانياً سنة 2014 (الأول كان في 2013) المعروف باتفاق الرياض وجددت التزامها بمعالجة مخاوف جيرانها.
ترامب وبومبيو مستاءان من الدوحة
يشارك ترامب وعدد من مسؤولي إدارته، بمن فيهم وزير الخارجية الجديد، وجهة نظر الرباعي واستياءهم من تشكيل الدوحة مركزاً إسلامياً متطرفاً يضم جميع أنواع الميليشيات ورجال الدين المتطرفين الذين تم تشجيعهم وتمويلهم.
ومن بين المتطرفين الذين وجدوا الملجأ في الدوحة، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، خالد شيخ محمد.
ذهبت إدارة ترامب منحىً تصالحياً بعدما تأثرت بوجهة النظر القائلة إن الخلاف بين دول مجلس التعاون يفيد إيران وبعدما رأت أن القيادة القطرية أكثر من راغبة في الاستثمار للخروج من مأزقها.
وكان انخراط واشنطن المباشر مع قطر في مذكرة التفاهم التي وقعت في يوليو 2017 على أساس أن تتخذ قطر خطوات لوقف تمويل الإرهاب، أحد الأمثلة على ذلك.
لكن تفاصيل الاتفاق ظلت سرية. وتطورت الاتصالات القطرية الأمريكية بقيادة تيليرسون إلى شراكة استراتيجية أعلنت في يناير الماضي.
قطر تلخص أزمات المنطقة
بعد الزيارات الثلاث إلى واشنطن، ستكون استضافة قمة لقادة مجلس التعاون في كمب ديفيد على أجندة البيت الأبيض لإنهاء الأزمة.
سيبقى تأثير رحيل تيلرسون على هذه الجهود محط مراقبة في المستقبل. لكن العلاقة المتوترة بين ترامب ووزير خارجيته والتي لم تشهد اتفاقاً بينهما حول أي مسألة إقليمية أو عالمية لم تساعد في حل المسألة بالتأكيد. وسينظر القطريون بشكل حتمي إلى رحيل تيليرسون بقلق بما أنهم خسروا أكثر مسؤول منفتح عليهم في الإدارة الحالية، استبدل بالمدير السابق للسي آي أي مايك بومبيو. والأخير هو أكثر تشدداً بكثير من سلفه إزاء التطرف.
لكنّ ألميدا يشدد على أن التعامل مع أقوى أزمة واجهت مجلس التعاون منذ أربعة عقود على أنّها ثانوية بالنسبة إلى مسائل إقليمية أخرى قد يثبت أنه خطأ.
إن التوترات حول سياسة قطر تظهر المسائل الجوهرية التي تؤثر على المنطقة اليوم بدءاً من انتشار الميليشيات المتطرفة مروراً بمستقبل الإخوان وفروعهم وصولاً إلى احترام سيادة الدول المجاورة ووقف هيمنة إيران في المنطقة.