آراء أخرى

مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “حزب المبطلين.. أو «المصوتون فى العواصف» !”

نشر موقع صحيفة الشروق مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “حزب المبطلين.. أو «المصوتون فى العواصف» !” جاء على النحو الآتي :-
ما معنى زيادة نسبة الأصوات الباطلة فى الانتخابات الرئاسية التى انتهت فى العاشرة من مساء الأربعاء الماضى، بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة ثانية تمتد حتى عام ٢٠٢٢؟! قبل الإجابة نؤكد ــ احتراما لقرار الهيئة الوطنية للانتخابات ــ بأن كل ما سيرد من أرقام، هو مجرد مؤشرات غير نهائية حتى تصدر النتيجة بصفة رسمية يوم الاثنين المقبل.

طبقا لهذه المؤشرات غير الرسمية ــ التى نشرها موقع «اليوم السابع» صباح أمس الخميس، فإن السيسى حصل على ٢١٠٨٨٢٩٥ صوتا بنسبة ٩٠.٥٪، مقابل ٦٨٢٧٩٧ صوتا لموسى مصطفى موسى بنسبة ٢.٩٪، فى حين بلغ عدد الأصوات الباطلة ١٥٢٢٨١٩ صوتا بنسبة ٦.٥٪، علما بأن من يحق لهم التصويت يزيد بقليل على ٥٩.١ مليون مصرى.

وطبقا للأرقام غير الرسمية، فإن هذه الانتخابات شهدت ظاهرة جديدة ونادرة، وهى أن عدد الذين صوتوا فى اليوم الثالث أكثر من الذين صوتوا فى اليوم الأول.

التفسير الأقرب للمنطق هو أن التلويح بفرض غرامة الخمسمائة جنيه على غير المصوتين لعب دورا مهما فى هذا التحشيد. هؤلاء ذهبوا للتصويت بدءا من منتصف الأربعاء حتى العاشرة ليلا، فى ظروف طقس ومناخ عاصف وممطر ومترب، ورؤية تكاد تكون منعدمة، وطرق وجسور تم إغلاقها خصوصا فى الصعيد، فى حين أنهم ظلوا فى بيوتهم ليومين كاملين، وكان الطقس لطيفا للغاية!. التلويح بالغرامة ليس جديدا، فى معظم الانتخابات. أعرف أحد الذين ذهبوا خوفا من الغرامة، ولسان حاله، كان يقول «هو المرتب فيه كام 500 جنيه»؟!!!.

وإلى أن نحصل على الأرقام التفصيلية الكاملة، فإنه من المرجح أن غالبية الذين صوتوا خوفا من الغرامة، هم الذين أبطلوا أصواتهم أو أعطوها لموسى مصطفى موسى. وبهذا المنطق فإن الذين ذهبوا فى اليومين الأولين: كانوا فى غالبيتهم الأكثر تأييدا للسيسى، حسب قراءة الباحث فى شئون الانتخابات أكرم ألفى. وارتباطا بهذا الأمر فإن نسبة الأصوات الباطلة ترتفع أكثر فى المدن مقارنة بالريف المعروف عنه التصويت بكثافة.

نسبة المشاركة غير الرسمية، تقل قليلا عن ٤٠٪، وهى نسبة كبيرة جدا إذا وضعنا فى الاعتبار انعدام التنافس، والأزمة الاقتصادية وتراجع الحريات بصفة عامة. لكنها من جانب آخر نسبة قليلة جدا، إذا وضعنا فى الاعتبار كل عمليات الحشد والتعبئة التى قامت بها الحملة الحملات الانتخابية، وبعض المؤسسات الحكومية لحض الناخبين على التصويت.

سيقول البعض إنها نسبة تتكرر كثيرا فى بعض البلدان، لكن السؤال: ألا توجد طرق أو سياسات لجذب جزء كبير من المقاطعين أو العازفين أو المحبطين إلى صناديق الانتخابات؟!

مساء الأربعاء كنت ضيفا على برنامج الإعلامية الكبيرة لميس الحديدى فى قناة « سى بى سى»، وظللنا نعرض ونقرأ ونحلل النتائج الاولية، من الحادية عشرة والنصف ليلا، حتى الثانية صباحا، بصحبة مجدى الجلاد وأكرم ألفى. وفى البرنامج تساءلت أيهما أفضل: أن تكون هناك نسبة مشاركة أكبر، مع ارتفاع نسبة الأصوات الباطلة، أم العكس، أى نسبة أقل مع انخفاظ أصوات المبطلين؟!.

فى تقديرى أن الخيار الأول أفضل، بمعنى تحفيز وتشجيع الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، وزيادة نسبة المشاركة، حتى لو بإبطال أصواتهم.

ومن الواضح أن معظم تصويت اليوم الأخير، رفع نسبة المشاركة بخمسة فى المائة على الأقل، وربما إلى عشرة فى المائة. جزء منها كان الأصوات الباطلة، والآخر ذهب إلى موسى مصطفى موسى، وقليل منها للرئيس السيسى.

لو كنت مكان الرئيس ومساعديه لقمت بتحليل دقيق لكل الأرقام. وعلى حملة الرئيس السيسى أن تحتفل بهذه النسبة، لكن عليها أيضا أن تقرأ بعناية دلالة رقم الأصوات الباطلة بصورة هادئة ودقيقة. هؤلاء المبطلون بعثوا برسالة لابد من قراءتها والرد عليها، لدرجة يمكننا معها القول إنه صار لدينا فى مصر حزب اسمه «المبطلين» ينال أصواتا لا يحصل عليها رؤساء الاحزاب القائمة!!.

مبروك للرئيس عبدالفتاح السيسى على الفوز وتجديد الثقة، وأتمنى أن يكون مشروعه الأول فى الفترة الثانية، هو إصلاح التعليم بصورة جذرية، وفتح أبواب الأمل أمام كل المصريين، ومزيد من الحريات والانفتاح السياسى، مع استمرار الضرب بيد من حديد ضد الإرهابيين والمتطرفين.

زر الذهاب إلى الأعلى