الإخلاص لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم من شيم كبار الصحابة الكرام، الذين آثروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنفسهم وذكرهم بين الناس، ومن بين هؤلاء الصحابي الجليل عمير بن سعد.
وتلك القصة تبين لكن كيف ذلك .. فقد كان عمير بن سعد جالسًا يومًا مع أحد أقرباءه ويدعوى جلاس بن سويد بن الصامت، وكان جلاس هذا ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، وأثناء حديثهما قال جلاس: “لئن كان هذا الرجل صادقًا لنحن شر من الحمر”. ويقصد بالرجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هنا وقف عمير محتارًا ما بين إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما قاله جلاس، وما بين حفظ أمانة المجلس الذي كان فيه لأن المجالس بالأمانة، ولكنه اختار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقبل أن يخبر عمير بن سعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما قاله قريبه، ذهب إلى جلاس وقال له: “والله يا جلاس، إنك لأحب الناس إليَّ، وأحسنهم عندي يدًا، وأعزهم عليَّ أن يصيبه شيء يكرهه، ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنك، ولئن صمت عليها ليهلكن ديني، ولإحداهما أيسر علي من الأخرى.
ثم مشى عمير بن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فذكر له ما قال جلاس، فاستدعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليتبين منه صحة الكلام، فحلف جلاس بالله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد كذب عليَّ عمير، وما قلت ما قال عمير بن سعد . فأنزل الله عز وجل في جلاس قرآنا يتلى يبين كذب جلاس، قال تعالى: {يَحْلِفُون بِاللهِ مَا قَالوا، ولقَدْ قَالوا كَلِمَة الكُفْرِ، وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِم وهَمّوا بِما لَمْ يَنالوا * ومَا نَقموا إلا أن أغْنَاهم اللهُ ورَسُولُه مِنْ فَضْله * فإن يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لهم، وإن يتولّوْا يُعَذِّبْهُم اللهُ عَذَاباً أليماً في الدنّيا والآخرةِ، وما لهُم في الأرضِ مِنْ وَليٍّ ولا نَصير}.
وحينها اعترف جلاس بما قال وندم على خطيئته وقوله معتذرًا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأُذُن عمير بن سعد وقال له: يا غُلام، وَفَت أذُنك، وصَدّقت ربّك.