تحقيقات و تقاريرعاجل

بعد خفض أسعار الفائدة.. الإقتصاد التركي على حافة الهاوية

يشهد الإقتصاد التركي حالياً حالة من عدم الاستقرار ، حيث خسرت الليرة التركية نحو (22%) من قيمتها مقابل الدولار ، وذلك على خلفية تصريحات الرئيس ” أردوجان ” بخفض أسعار الفائدة من أجل انقاذ المستثمرين ، وأيضاً بسبب عدم قدرة البنك المركزي على مواجهة التضخم ، وهجوم ” أردوجان ” على مسئولي البنك .. حيث يشهد الداخل التركي صراعاً اقتصادياً بين ( أردوجان / البنك المركزي ) ، حيث يماطل البنك المركزي في تنفيذ سياسة ” أردوجان ” القاضية بخفض سعر الفائدة ، كما أن البنك قد رفعها بداية العام الجاري بالمخالفة ، ومنذ بداية العام الجاري سجلت الليرة التركية رابع أسوأ أداء بين (26) عملة في الأسواق الناشئة .. وليس معروفًاً حتى الآن ما إذا كان خفض الليرة التركية مؤشراً حقيقياً لتدهور اقتصاد تركيا أم إنها سياسية نقدية مقصودة .. في حين أعلن معهد الإحصاءات التركي أن العجز التجاري لتركيا زاد بنسبة (35.6%) في شهر إبريل الماضي ليصل إلى (6.69) مليار دولار .. وفي نفس السياق كانت وزارة الجمارك والتجارة التركية قد صرحت بأن العجز التجاري في تركيا زاد (37.5%) العام الماضي إلى إجمالي (77.06) مليار دولار .

ينتظر رجال الأعمال إصدار تركيا بيان رسمي يوم (4) يونيو الجاري بشأن وقع الاقتصاد التركي لمعرفة أرقام التضخم الرسمية ، في الوقت الذي تسعى فيه السلطات للتخفيف من حدة تصريحات ” أردوجان ” الاقتصادية لطمأنه المستثمرين ، ورغم أن الاقتصاد التركي حقق معدل نمو العام الماضي أكبر من نمو الاقتصاد الصيني – حيث حقق أكثر من (7%) – فإن المؤسسات الدولية لا تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي التركي بأكثر من (4%) العام الجاري .. ويشير محللون إلى أن الاقتصاد التركي بات هشاً لدرجة كبيرة ، خاصة وأن الحكومة التركية تستخدم حزم دعم لاجتذاب الناخبين في الانتخابات العامة مما يؤثر بالسلب علي القوة الاقتصادية للدولة ، كما بلغت أرقام التضخم في الارتفاع في ظل العجز التجاري المتزايد بمعدلات غير مسبوقة ، مما أربك كل الحسابات الاقتصادية وأفقد توازن الاقتصاد التركي .

لا شك أن الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط هي أحد أسباب تراجع الاقتصاد التركي ، وذلك بسبب التورط العسكري في ( سوريا / العراق ) ، ومحاولة ” أردوجان ” إظهار نفسه بالقائد في القضية الفلسطينية من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل .

فيما يخص موقف  الحكومة التركية ، فقد قام أعضاء الحكومة على رأسهم الرئيس ” أردوجان ” بالحديث عن مؤامرات خارجية تحاك الاقتصاد التركي ، وتم رصد الآتي :

 أ – دعا الرئيس ” أردوجان “ المواطنين إلى المشاركة فيما وصفها بـ ( إفساد المؤامرة الاقتصادية ) التي تحاك بالبلاد ، من خلال تحويل ما بحوزتهم من عملات أجنبية إلى الليرة التركية ، متوعداً بالرد على القطاع المالي في حال التلاعب بالعملات ، وجعلهم يدفعون ثمناً باهظاً مقابل ذلك .

ب – أرجع رئيس الوزراء ” بن علي يلدريم “ أسباب اضطراب أسعار العملة المحلية في الآونة الأخيرة ، إلى عمليات تلاعب ، مؤكداً أن الحكومة تعرف مصدرها ، مضيفاً أن بلاده ستواصل تحطيم الأرقام القياسية في مجالات الصناعة والصادرات والسياحة .

جـ- صرح وزير الخارجية ” جاويش أوغلو “ قائلاً : ( إن هناك بلدين مسلمين أيضاً وراء هذه الحملة ، وسنفصح عن اسميهما لاحقاً ) ، إلا أنه عند سؤاله إن كانت البحرين من ضمنها ، نفى التهمة عنها قائلاً ( إنها ليست كبيرة لدرجة أن تكون ضمن هذه الألعاب ، ولم نرصد منها أي موقف سلبي ) ، ولكن عند سؤاله إن كانت السعودية من ضمنها ، رفض تبرئتها قائلاً ( إنه لن يذكر أسماء الدول ) .. وذكرت عدة صحف مقربة من الحكومة التركية من بينها صحيفة ( يني شفق ) أن ” أغلو ” أشار إلى أن الإمارات هي الدولة الثانية المقصودة .

فيما يخص موقف المؤسسات الدولية من الاقتصاد التركي ، فقد أعلنت وكالة ( ستاندرد أند بورز ) للتصنيف الائتماني خفض تصنيف الديون السيادية لتركيا طويلة الأجل من ( BB) إلى BB-))  والديون قصيرة الأجل من (+BB) إلى (BB) مع نظرة مستقبلية مستقرة .. فيما أكد نائب رئيس الوزراء ” محمد شيمشك ” أن تحليلات وكالة ( ستاندرد آند بورز ) غير كافية لاتخاذ قرار خفض تصنيف الديون السيادية لتركيا ، مضيفاً أن توقيت الإعلان في هذه الفترة بعد الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات ( الرئاسية / البرلمانية ) المبكرة في تركيا مثير للتعجب .. في سياق متصل خفضت وكالة ( موديز ) الدولية للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي للعام الجاري لـ(2.5%) من توقعاتها السابقة البالغة (4%) ، موضحة أن قرارها جاء عقب إعلان الرئيس ” أردوغان ” عزمه السيطرة على السياسة النقدية بعد الانتخابات المقبلة .. فيما أعربت المفوضية الأوروبية عن توقعاتها ببلوغ نسبة نمو الاقتصاد التركي نهاية العام الجاري (4.7%) ، فيما تبلغ العام المقبل (4.2%) .

يتضح من خلال المتابعة أن تلك الأزمة من المحتمل أن تؤثر سلبياً على الرئيس ” أردوجان ” وحزب الحاكم ( العدالة والتنمية ) خلال الانتخابات ( الرئاسية / البرلمانية ) المبكرة ، كما يتوقع محللون أن تتبنى الحكومة سياسة تقشفية في أعقاب الانتخابات التي ستجرى في يونيو الجاري .

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى