أملٌ أشبه بالأماني، يظنّ فيه البعض أن باب الشفاعة الذي فتحه الله سبحانه وتعالى للمؤمنين رحمةً بهم، أنه بابٌ يدخله الجميع دون قيدٍ أو شرط، ويتصوّر فيه فئامٌ من الناس عدم وجود إطارٍ يُحدّد الصفاتٍ والشروطٍ التي يستحق بها صاحبها نيل الشفاعة، وربما جرّ هذا القصور في التصوّر بعض العصاة إلى الإسراف في المعاصي، والتساهل في المحرّمات.
وهذا ليس بصحيح، فإن ثمة أموراً تمنع صاحبها استحقاق الشفاعة يوم القيامة، وتحرمه من نيل فضلها، فلابد إذن من تسليط الضوء على تلك الموانع حتى يبقى المرء في كمال الطهارة والسلامة منها،و من هذه الأسباب :
التلبّس بالشرك:
فالشرك مانعٌ من حصول الشفاعة لصاحبها؛ ذلك أن مقتضى الشفاعة حصول الصفح والتجاوز عن المشفوع له، والله سبحانه وتعالى قد أخبر عن نفسه أنه لن يتجاوز أبداً عمّن تلبّس بالشرك وخالط الكفر فقال: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً}.. (النساء: 48)، والشرك محبطٌ للعمل مبطلٌ له، فمهما عمل صاحبه من أعمال فلن تُقبل منه، وستكون هباءً منثوراً: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين}.. (الزمر: 65).
وإنما ينتفع بالشفاعات الثابتة من كان على حالٍ من التقصير والزلل والمعصية، لا سيما أهل الكبائر والموبقات، فعسى الله أن يعفو عنهم ويتجاوز عنهم بشفاعة الشافعين، أما أهل الشرك وأصحاب المعتقدات الكفريّة فلن تنفعهم شفاعة أحدٍ مهما علت منزلته عند ربّه، قال الله تعالى واصفاً أهل النار: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} .. (المدثر: 48)، وقال سبحانه:{ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} .. (غافر: 18).