نشر موقع الشروق مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “اغتيال صحفى بمعدل مرة أسبوعيًا!” جاء على النحو الآتي :-
كل أسبوع يتم قتل صحفى على مستوى العالم، لكن من سوء حظ هؤلاء، أنه لا يتم تسليط الضوء الباهر على مقتلهم، كما حدث مع الصحافى السعودى جمال خاشقجى.
بل الأغرب أن بعض المتباكين على دم خاشقجى هم الأكثر اضطهادا وقمعا للصحفيين.
كتبت أكثر من مرة مدينا قتل خاشقجى، حتى لو اختلفت مع معظم أفكاره. واليوم أحاول تسليط الضوء على ما يحدث لمئات وآلاف الصحفيين فى العالم أجمع، حتى يدرك الناس أن هناك صحفيين يدفعون حياتهم ثمنا لعملهم ومهنتهم ومهنيتهم، واحتراما لأنفسهم، وللأسف لا يحصلون على الحد الأدنى من التقدير العالمى، أو حتى مجرد الذكر!!.
قبل مقتل خاشفجى بأسابيع قليلة كانت منظمة «مراسلون بلا حدود» تصدر تقريرا تقول فيه إن حياة الصحفيين صارت عرضة للخطر فى الكثير من المناطق، وأن هناك صحفيا يتعرض للاغتيال كل أسبوع، وفى النصف الأول من هذا العام قتل ٣٦ صحفيا محترفا.
اغتيال وقتل الصحفيين لا يقتصر فقط على المناطق التى تشهد حروبا أو نزاعات مسلحة، بل على دول أخرى مثل المكسيك، فقد قتل فيها ١٧ صحفيا العام الماضى طبقا لمنظمة «مراسلون بلا حدود».
النسبة الأكبر من الضحايا وقعت فى أفغانستان حيث قتل بها ١١ صحفيا فى النصف الأول من هذا العام، بسبب الصراع المستمر منذ سنوات طويلة بين حركة طالبان ومعها تنظيم القاعدة، وبين الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية عسكريا.
الأمر نفسه تكرر فى سوريا، التى قتل فيها سبعة صحفيين فى النصف الأول من هذا العام، والمتهم الرئيسى هو التنظيمات الارهابية خصوصا داعش الذى ارتكب جرائم وحشية بحق كل من وقع تحت أيديهم سواء كانوا صحافيين أو جنود أو حتى مدنيين، يتم خطفهم لطلب الفدية، كما حدث فى مدينة السويداء السورية أخيرا.
قبل أيام قليلة من اختفاء خاشقجى، تم العثور على جثة الصحفية البلغارية، فيكتوريا مارينوفا «٣٠ عاما» فى متنزه قرب نهر الدانوب فى مسقط رأسها بمدينة روسى.
التحقيقات كشفت عن تعرضها للضرب والاغتصاب قبل قتلها خنقا.
وزير الداخلية البلغارى يقول إنه لا توجد أدلة على ربط الحادث بعملها الصحفى، فى حين يقول المعارضون إنها قتلت بوحشية لأنها بدأت حملة صحفية تتعلق بوقائع فساد لبعض المسئولين المتهمين بالاستيلاء على مساعدات ومنح من الاتحاد الأوروبى.
نفس الأمر حدث مع الصحفى السلوفاكى جان كوسياك وخطيبته، حيث قتلا رميا بالرصاص فى منزلهما، والسبب انهما حققا فى التهرب الضريبى لبعض رجال الأعمال المرتبطين بعلاقات قوية مع الأحزاب والمسئولين السياسيين!.
وبالطبع تتذكر الاعتداء بالمتفجرات الذى وقع ضد الصحفية الاستقصائية دافنة كروانه جاليسيا فى أكتوبر الماضى فى مالطة. أو الصحفية الألمانية كارين فيشر فى أفغانستان فى٧ أكتوبر ٢٠٠٦، والكاتب الصحفى اللبنانى سمير قصير فى الثانى من يونية ٢٠٠٥.
وغير هؤلاء الكثير من الصحفيين، ولا ننسى المراسلين الذين سقطوا وهم يغطون وقائع الغزو الأمريكى للعراق فى مارس ٢٠٠٣.
الإعلاميون يسقطون فى مرات كثيرة ضحايا لتقاطع نيران بين مسلحين أو جيوش نظامية، لكن يتم استهدافهم وقتلهم بصورة متعمدة لأن هناك أطرافا كثيرة لا تريد للحقيقة أن تصل إلى الناس.
اهتم العالم أجمع بمقتل جمال خاشقجى، وهو أمر جيد ويعزز من قيمة وأهمية الإعلام والصحافة، لكن للأسف فإن بعض من اهتموا بهذا الحادث سواء كانوا أفرادا أو أحزابا أو دولا لا يهتمون بحرية الصحافة عموما، إلا إذا كانت تصب فى مصلحتهم وتتوافق مع قناعاتهم.
الإعلام لا يدفع فقط الدماء ثمنا للوصول إلى الحقيقة، لكن غالبية العاملين فيه، المخلصين لمهنتهم وقواعدها، يتحملون يوميا أنواعا مختلفة من القيود والعراقيل والمشكلات، ما يجعلهم يموتون كل يوم عشرات المرات.
شكرا لروح جمال خاشقجى لأنها سلطت الضوء على بعض ما يعانيه الصحافيون والإعلاميون فى العالم أجمع!.