حالة من الجدل أصابت المجتمعات العربية بعد انتشار أعداد ضخمة من صراصير في الحرم المكي الشريف بالسعودية، وفسر البعض ذلك بأنه جاء نتيجة عدم النظافة وانتشار الميكروبات ما أدى إلى تكاثر تلك الحشرات بصورة واسعة، والبعض الآخر أرجع ذلك لأسباب دينية وأخرى سياسية، لكن تظل كل تلك الأقاويل مجرد تكهنات وتوقعات لم ترق للحقيقة الكاملة.
في ضوء ذلك، أفاد الدكتور قطب حماد، أستاذ الحشرات الطبية بكلية العلوم جامعة الأزهر، والذي فسر الظاهرة تفسيرا علميا دقيقا ينفي كل ما جاء به البعض من معتقدات، فأكد أستاذ الحشرات أن انتشار أفواج الصراصير بالحرم المكي ما هو إلا موسم هجرة بشكل جماعي لذلك النوع من الحشرات، لافتا إلى أن “صرصار الليل” هو حشرة شبيهة بالجراد ويهاجر بأعداد بالملايين.
وأضاف “حماد” أن هذا النوع من الحشرات غير مؤذ على الإطلاق للإنسان، كما أنه يعتمد في غذائه على النباتات، مشيرا إلى أن أفواج الصراصير الليلية يحدث لها “فوران” يدفعها للهجرة عندما تتهيأ لها الظروف المناسبة من درجة حرارة، ودرجة رطوبة، ووجود أمطار غزيرة، وهذا ما يفسر توجهها لمكة بالتحديد، حيث إن الفترة الماضية شهدت انخفاضا كبيرا في درجة الحرارة ووجود أمطار غزيرة جدا، وهو مناخ مناسب للصراصير الليلية مما دفعها للهجرة إلى ذلك المكان، باعتباره بيئة مناسبة لها لوضع بيضها.
ونفى أستاذ علم الحشرات ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأن الظاهرة لها مرجعية دينية أو سياسية أو أنها نظير شؤم وخلافه، قائلا: “كل هذا ليس له أساس علمي على الإطلاق وغير صحيح بالمرة”، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة انتشرت في أماكن عديدة فليس الحرم المكي هو المكان الأول الذي تظهر فيه، مثل هجرة الصراصير والجراد من الجنوب من ناحية السودان، أو من الجنوب الغربي من ناحية ليبيا.
وأوضح الدكتور قطب حماد أن الله ميز الحشرات بقدرات تفوق قدرات الإنسان، فهي تستطيع أن تقيس درجة الحرارة ودرجة الرطوبة، وتقيس مستوى ارتفاعها من على سطح الأرض، وتحسب المسافة بينها وبين الهدف المتوجهة إليه، فقد أعطاها الله قرون استشعار في جسمها تجعلها تتعرف على أشياء نعجز نحن عن معرفتها إلا بأجهزة.
اختتم أستاذ علم الحشرات حديثه بأن فترة هجرة تلك الحشرات تتراوح من 3 إلى 6 أسابيع، لكن إذا حدث مكافحة ليها فإنها تنتهي بسهولة جدا، وهذا ما تفعله حاليا أمانة مكة في المملكة العربية السعودية بأنها تستعمل مبيدات للقضاء على أسراب الصراصير، مشيرا إلى أن أفواج الصراصير تنتشر في مكة بصورة عامة وليس الحرم المكي فقط، لكن ما حدث من جدل حول الحرم المكي باعتباره مكان ذو قدسية خاصة، لكن للظاهرة أساس علمي بعيدا عن ما قيل من خرافات.