بدأ العد التنازلي للمواجهة الكبرى بين إيران وإسرائيل، بعد سلسلة من المناوشات التي دامت فترة طويلة داخل الأراضي السورية، تبادل فيها الجانبان تهديدات متكررة وعمليات عسكرية متتالية، لكن في الحقيقة لا أحد يعلم متى تندلع حرب حقيقة بينهما، إلا أن أجواء حرب باردة بدأت في الظهور بالمنطقة بين إيران وإسرائيل.
وكانت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، قد نشرت تقريرًا مطولًا حول احتمالية نشوب حرب حقيقية بينهما، وأشارت الصحيفة إلى أن الأجواء التصعيدية ما هي إلا مجرد كلام استعراضي يهدف إلى الترهيب المتبادل بين الدولتين، حيث لا يرتقي إلى مواجه عسكرية فعلية، فمن المعتاد من إيران أنها دومًا تتفاخر وتهدد دون فعل، بينما لن تقحم تل أبيب نفسها في حرب تعلم عواقبها الوخيمة، خاصة في ظل الصراع القائم بالأراضي المحتلة.
أدت العمليات العسكرية التي نفذتها القوات الإسرائيلية مؤخرًا في دمشق بهدف الحد من الانتشار الإيراني في سوريا إلى تفاقم الأمور، وبالتحديد الغارات الجوية واسعة النطاق، التي استهدفت مواقع إيرانية في أواخر شهر يناير الماضي، وعقبها رد القائد العام للجيش الإيراني، اللواء عبد الرحمن موسوي خلال اجتماع عُقد في طهران، قائلًا “إن بلاده تستعد لمعركة حاسمة لتدمير إسرائيل”.
وفي نفس السياق، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي قائلًا، إنننا “نعمل ضد إيران والقوات السورية التى تتواطأ فى العدوان الإيرانى، سنضرب كل من يحاول الإضرار بنا. من يهدد بمحونا عليه تحمل المسؤولية كاملة”.
وعلق الدكتور سامح الجارحي، المتخصص في الشأن الإيراني على إحتمالية إندلاع مواجهة حقيقية بين إسرائيل وإيران، قائلًا “إن كافة الأطراف على الساحة السياسية تجتمع على محاربة الإنتشار الإيراني في سوريا، وتلعب إسرائيل على هذا الوتر وتستبيح الأراضي السورية وتقوم بإستهداف عناصر النظام الإيراني”، مشيرًا إلى قلق روسيا من الأطماع الإيرانية في سوريا.
ولفت الخبير إلى عودة العالم العربي إلى سوريا عن طريق بعض البعثات الدبلوماسية، وفتح بعض السفارات وبعض اللجان السياسية الأخرى.
وأضاف أن الحرب بينهما مجرد حرب إستراتيجية ومعلوماتية، لكن استبعد إمكانية إندلاع مواجهة حقيقة مهما احتدت المناوشات، نظرًا للبعد الجغرافي بينهما وتكاليف الحرب الباهظة التي لايقوى عليها الجانبين، و التي لاتتعدى نسبة حدوثها الـ1%، إلا إذا تفاقم الوضع وتطور إلى حدوث حرب عالمية ثالثة لن تقتصر فقط على إيران وإسرائيل.
وأشار إلى أن شأن حزب الله هو شأن إيران، فهو يسعى فقط للعب بورقة الضجيج الإعلامي، ولكن ليس له وجود أمام إسرائيل، بعد سلسلة الهزائم التي تلقاها أمام الكيان الصهيوني الذي يستبيح الأرض السورية ويستهدف العناصر الإيرانية، والعناصرالموالية للرئيس السوري لبشار الأسد، وجنرالات الحرس الثوري الإيراني.
وأفاد المتخصص بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أثبتت تفوقها بعد اغتيال سبعة من علماء الطاقة النووية داخل المعامل الإيرانية، وهذا ما يشير إلى ضعف إمكانية رد إيران على التصعيد الإسرائيلي الذي وصل إلى العمق الإيراني، فأقصى ما يمكن حدوثه هو احتدام المناوشات بينهم في سوريا ومضيق هرمز.
ويتوقع الخبير في الشأن الإيراني، أن تنتهي الأزمة السورية عاجلًا أم آجلًا، عن طريق تسوية سياسية شاملة جميع الأطراف بعد إخراج من حملوا السلاح وتسببوا في العنف واغتيال الثورة السورية، وحولوها إلى ساحة حرب بين النظام والقوات المتناحرة، وهذا ما يعيد للأذهان مبادرة الخارجية المصرية منذ 2011، والتي أكدت ضرورة الإحتفاظ ببشار الأسد رئيسًا لسوريا لمدة عام واحد، ومن ثم اجراء انتخابات رئاسية حرة بضمانات روسية لايترشح فيها بشار الأسد، وتشكيل دستور جديد للبلاد.