الجريب فروت من الثمار والفواكه المنتشرة خلال هذه الأيام، ودائما ما نجده كعنصر أساسى فى الأنظمة الغذائية الصحية نظرا لاحتوائه على نسبة عالية من فيتامين سى وبعض المعادن كالماغنسيوم، كما أنه غنى بالبوتاسيوم والألياف الغذائية، لذلك فهو الفاكهة المثالية لراغبى الرشاقة، ولتطهير الجسم من السموم، نظراً لاحتوائه على تركيزات عالية من مضادات الأكسدة، التى تحفز تجديد الخلايا وتخلص الجسم من معظم السموم، وذلك حسبما يؤكد الدكتور خالد مصيلحى، رئيس قسم العقاقير والنباتات الطبية بكلية الصيدلة جامعة مصر الدولية.
وأشار د.خالد إلى أن الجريب فروت يعد أيضا الفاكهة المثالية لتقوية الجهاز المناعى والوقاية من نزلات البرد والأنفلونزا لاحتوائه على نسبة عالية من فيتامين سى، كما أنه يتمتع بفاعلية رائعة فى تقليل نسبة الكولسترول بالدم، ولذا فيعتبر الفاكهة المفضلة لمرضى القلب والأوعية الدموية.
وأردف د. خالد: “كل هذه الفوائد معروفة للجميع ولكن هناك جانب آخر قد يكون مظلما وصادما للبعض ولا يعرفه إلا العاملون فى الحقل الطبى، فالجريب فروت من الأغذيه المدرجة فى قوائم تفاعل الغذاء مع معظم الأدوية، وأحيانا تكون هذه التفاعلات غاية فى الخطورة، حيث يتفاعل الجريب فروت مع غالبية العقاقير”.. وتابع د.خالد مصيلحى: “لكى نعرف آلية وطبيعة عمل هذه التفاعلات، فيجب أن نعرف هذين الأمرين:
الأول: يوجد مواد فعالة فى الجريب فروت تقوم بإبطال عمل مجموعة من الإنزيمات معروفة باسم (CYP 3A4) وهذه الإنزيمات مسئولة عن تكسير معظم الأدوية التى نتناولها، ومعنى أن يقوم الجريب فروت بإبطال عمل هذه الإنزيمات، يعنى أن الدواء لن يتم تكسيره، وسيظل فترة أطول بالدم وهو يعد كارثة بمعنى الكلمة؛ لأن معناه ازدياد فرص حدوث تأثيرات جانبيه أكثر للدواء، لأنها تماثل تناول جرعات أكبر من الدواء عن المحسوب فى نشرتها.
ولكى نفهم خطورة هذا التفاعل، يوضح رئيس قسم العقاقير الطبية بجامعة مصر الدولية المثال التالى: “المعروف عن أدوية خفض الكولسترول التى تنتمى لمجموعة ستاتين (Zocor, Lipitor) أنها تتسبب فى بعض الآثار الجانبية الطفيفه على الكبد والعضلات، ولكن تناول الجريب فروت مع هذه الأدوية يجعل تركيزات الدواء يزداد فى الدم بطريقة ملحوظة، ويمكث فتره أطول فيسبب تلفا خطيرا فى الكبد والعضلات وقد يسبب فشلا كلويا”.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فالجريب فروت يتسبب فى زيادة الآثار الجانبية والسمية لبعض الأدوية بنفس الآلية السابقة، ومنها بعض أدوية ضغط الدم المرتفع مثل عقار (Nifedipine) وبعض الأدوية المهدئة للأعصاب (Buspar) وبعض أدويه القلب (Amiodarone or Cordarone) وبعض الأدوية التى تساعد فى زراعة الأعضاء مثل (Cyclosporin)، وكل هذه الأدويه يقوم الجريب فروت بزيادة تركيزاتها فى الدم، فيتسبب فى مخاطر صحية جسيمة، بسبب تفاقم الآثار الجانبية لهذه الأدوية، وقد يصل بهذه الأدوية لدرجة السمية.
أما الآلية الثانية التى يتفاعل بها الجريب فروت مع الدواء، فهناك بعض المركبات فى الجريب فروت تقوم بإبطال مفعول بعض البروتينات فى الجسم والمعروفة باسم (transporter protein)، وهى بروتينات مسئوله عن إدخال الدواء داخل الخليه للقيام بامتصاصه ونقله للدم.
ويؤكد الدكتور خالد أن الجريب فروت يعطل امتصاص الأدوية بإبطال عمل هذا البروتين فيقل تركيز الدواء بشكل ملحوظ فى الدم وقد لا يحدث أى تأثير علاجى، وأشهر الأمثله على هذه التفاعل: دور الجريب فروت فى منع امتصاص بعض الأدوية المضادة للحساسية مثل عقار (fexofenadine)، كما يقوم البرتقال والتفاح بنفس العمل مع هذه الأدوية فيقل تركيزها فى الدم بنسبة ملحوظة، ويكاد أن يتم إبطال مفعولها.
ورغم محاولات بعض العلماء بوضع فاصل زمنى مناسب بين تناول الدواء والجريب فروت، إلا أنهم لاحظوا أن هذه النصيحة لم تقض على خطورة الجريب فروت، خاصة مع الأدوية ممتدة المفعول، لأنه قد يؤثر عليها فى أى وقت حتى لو بعد 6 ساعات.
وينصح الدكتور خالد مصيلحى بعدم الإكثار من الجريب فروت أو منعه تماما مع بعض الأدوية بعد استشارة الطبيب المعالج أو الصيدلى لأن لديهم قائمه بالأدوية التى تتفاعل مع الجريب فروت، وكما يجب ألا نغفل أن الجريب فروت موجود فى بعض العصائر المشكلة والمربات والحلويات، وأيضا موجود فى بعض المكملات الغذائية، مؤكداً أنه ينطبق عليهم كل التحذيرات السابقه، فلنقرأ نشرة الدواء جيدا ولنراجع الطبيب قبل الإقدام على تناوله مع أى دواء.