نشر موقع وطنى الأخباري مقالاً للكاتب ” يوسف سيدهم ” بعنوان :(مشروع ضخم طموح يربط القاهرة بالعاصمة الجديدة.. والضحية مصر الجديدة!!) جاء نصه كالتالي :
منذ ثلاثة أشهر كتبت عن المشروع الضخم الطموح الذي باغت سكان مصر الجديدة بإعادة تشكيل محاور الحركة الرئيسية التي تربط الحي بطريق القاهرة / السويس لتأهيلها لاستيعاب حركة المرور الكثيفة المتزايدة بين القاهرة وتجمعات القاهرة الجديدة حاليا وبين القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة في المستقبل القريب.
وأقول المشروع الذي باغت سكان مصر الجديدة لأنهم استيقظوا فجأة منذ أشهر ثلاثة علي هجمة غير مسبوقة لجحافل معدات التكسير تنقض علي الطرق التي يشملها المشروع لتعترض الحركة في بعضها وتمنع الحركة تماما في بعضها الآخر وتغلق اتجاهات الدوران للخلف وتبتلع الإشارات الضوئية للمرور عند التقاطعات الرئيسية… كل ذلك دون أدني ترتيب للإعلان عن طبيعة المشروع وحجمه والهدف منه ودون أي دراسة لتحويلات المرور إلي مسارات بديلة آمنة ووضع لافتات لتوجيه الحركة إليها, حتي إنني كتبت وقتها تحت عنوان: سكان منطقة ألماظة تحت الحصار دون سابق إخطار!!!, وكان ضمن ما كتبت الآتي: العمل الذي يجري يتم بشكل أقل ما يوصف به أنه استفزازي لسكان المنطقة وللمواطنين المترددين عليها, فالمشروعات الهندسية الطموحة التي يتم تخطيطها وتصميمها لتطوير وتحديث شبكات الطرق وعلاج اعتناقات المرور لا أحد يكترث بإعلام الرأي العام بها, وأنا أعرف أن تعليقات المسئولين علي كلامي هذا ستكون: هو إحنا عمالين نشتغل ومفيش حاجة عاجباكم؟ أو ستكون: محدش بيقدر ولا بيشكر إنما الكل بينتقد.. لكن الحقيقة المؤسفة في حالتنا هذه أن سمة التعالي وعدم الاكتراث ثابتة في التعتيم الغريب علي ما يجري تنفيذه, علاوة علي الإهمال الجسيم في ترتيب وتجهيز المسارات البديلة للمرور لكفالة انسياب الحركة وأمانها طوال فترة الإنشاءات المزمعة… كيف يتم ذلك التخطيط العشوائي والاستخفاف بحقوق المواطنين بزعم أن مشروعا كبيرا طموحا يجري تنفيذه؟!!.
هذا ما كتبت منذ أشهر ثلاثة, فهل تحسنت الأوضاع أو تم تدارك ذلك القصور المخل؟… للأسف لا… فمنذ بدء العمل والفوضي والارتباك هما السمة الغالبة علي الحركة, وإذا كان قد تم تثبيت بضع لوحات صغيرة علي استحياء في بعض مواقع الإنشاءات توضح محاور الحركة التي يشملها المشروع, إلا أن المشهد الكئيب الجاري بصفة مستمرة هو السلطة الغاشمة المطلقة لشركات الإنشاءات في تدمير الطرق وإغلاق التقاطعات وأماكن الدوران للخلف في أي وقت دون سابق تنبيه ودون لافتات توجيه لمسارات بديلة, حتي بات الواقع المضحك المبكي للسائقين هو اكتشاف المفاجآت كل يوم والبحث عن المفر وكأنها لعبة هزلية بين الطرفين لاختبار القدرة علي المناورة والإفلات!!… وطبعا طالما الأمر كذلك وتحت ضغوط التكدس والشلل المروري واليأس يستبيح البعض الضرب عرض الحائط بكل قواعد السير واتجاهات الحركة ليزيدوا الفوضي فوضي والارتباك ارتباكا والانفلات انفلاتا… ولم لا؟.. هل هم أفضل التزاما أو تحضرا من حكومة تاركة الأمر علي ما هو عليه ولا تفعل أكثر من السخاء في نشر حواجز حديدية في كل مكان مكتوب عليها: ممنوع الانتظار.. مع تحيات إدارة مرور القاهرة!!!.
وتستمر الأمور علي ما هي عليه دون أن يكترث أحد, وتسيطر ملامح المشروع الضخم الطموح علي الصورة في سائر محاوره حيث تظهر الإنشاءات الضخمة والكباري العلوية العملاقة التي تنبئ بانسياب الحركة مستقبلا ووداع التقاطعات السطحية والإشارات الضوئية.. وغدا تنتهي جميع الأعمال ويظهر المشروع في صورته البهية ويحتفل المسئولون بافتتاحه وهم يزهون بهذا الإنجاز الهائل متغافلين عن الطريقة المؤسفة التي تم إنجازه في ظلها والتي أقل ما توصف به أنها اغتصاب لنظام واستقرار وأمن وأمان حي بأكمله بمن فيه ساكنوه وسائر المترددين عليه… ودعوني أسجل هذه الملاحظات الأخيرة:
** المشروع ضخم وطموح بجميع المقاييس, وأنا أسجل ذلك حتي لا أتهم بأني لا أري سوي السلبيات ولا أهتم إلا بإفساد الفرح!!
** بجانب التقصير في التخطيط للتحويلات المرورية الواجبة, هل كان يصح السكوت علي الكارثة المهلكة التي ارتكبتها مختلف شركات الإنشاءات العاملة في المشروع بشروعها في نزع مسارات المترو من بعض المحاور أو تجريفها مساحات الحدائق الوسطي في المحاور الأخري, الأمر الذي نتجت عنه مساحات ضخمة ممتدة منخفضة عن سطح الطرق علي جانبيها بحوالي ستين سنتيمترا – وهو عمق كارثي إذا انزلقت فيه عجلات سيارة – دون وضع أية سواتر لحماية المرور علي الجانبين ريثما يتم تنفيذ طبقات التأسيس للمساحات الجاري ضمها للطريق لتوسعته؟!!.. هذه عينة من الأخطار والمخاطر التي تم السماح بها والسكوت عليها, والتي عاش فيها من ارتادوا تلك المحاور ومن شاء حظهم العاثر السقوط فيها.
** وداعا حي مصر الجديدة الذي خلعت طرقه بفضل هذا المشروع رداءها الأخضر وحدائقها وأشجارها لتستسلم لجمود وقسوة الخرسانات وصخب الحركة.