أستعد لحفل زفافي بعد أسابيع قليلة، وفوجئت بخطيبى يقول إن حفلات الزفاف حرام، والأفضل ادخار المال للسفر إلى أى مكان بعد عقد قراننا، فهل فعلا إقامة حفلات الزفاف غير جائزة شرعا؟
يجيب عن هذا السؤال الدكتور محمد الخشت فى كتابه “فقه النساء فى ضوء المذاهب الأربعة والاجتهادات الفقهية المعاصرة” فيقول: إن الزواج آية عظيمة من آيات الله تعالى، فقد قال عز من قائل: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
ورغب الاسلام الحكيم ترغيبا ملحوظا فى إقامة حفل للزفاف، لكى يلهو الأهل والأصدقاء بوسائل اللهو والمرح البريئين، كالغناء المهذب وضرب الدفوف، فقد كان رسول الله يقو ل: “يكره نكاح السر، حتى يضرب بالدف، يقال أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم” رواه أحمد في مسنده.
وزفت السيدة عائشة رضى الله عنها الفارعة بنت أسعد وسارت معها في زفافها إلى بيت زوجها نبيط بن جابر الأنصارى فقال لها النبى: “يا عائشة ما كان معكم من لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو” رواه البخاري وأحمد.
وكان الصحابة الكرام يحضرون حفلات الزواج ويجلسون فيها يستمعون لغناء الجوارى ولا يجدون حرجا، بدليل ما أخرجه النسائى والحاكم وصححه، عن عامر بن سعد رضى الله عنه قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبى مسعود الأنصارى فى عرس وإذا جوارى يغنين، فقلت: أنتما صاحبا رسول الله ومن أهل بدر يفعل هذا عندكم، فقالا: إن شئت فاسمع معنا وإن شئت فاذهب، قد رخص لنا اللهو عند العرس.
دلت هذه النصوص الصريحة الصحيحة على استحباب الغناء فى حفلات الزواج، على أن يكون مهذبا ليس فيه ما يثير الغرائز أو يخدش الحياء، ويباح الضرب على الدف ويقاس عليه كل ما ماثله، ويباح الرقص بشرط أن تراعى الآداب والحرمات.
ويفضل فى حفل الزفاف أن يجتمع المدعون على ما تيسر من طعام، فقد روى البخارى “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم على بعض نسائه بمدين من شعير”، وأخرج الشيخان عن أنس أنه قال: “ما أولم رسول الله على شيء من نسائه ما أولم على زينب، أولم بشاة“.
وعلى المدعوين أن يلبوا الدعوة إلى وليمة الزفاف متى وجهت الدعوة إليهم، لما أخرجه مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دُعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب“.
أخيرا إذا كان الله تعالى قد نهى عن الإسراف في الأكل والشرب اللذين بهما قوام حياة الإنسان فمن باب أولى أن ينهى عن الإسراف والتبذير فيما لا فائدة فيه معتبرة، لقوله تعالى: “وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا”.
وروى في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال”. وأخرجه ابن حبان في صحيحه، فأنفق على الوليمة دون إسراف أو تقتير، واحتسب الأجر عند الله تعالى.