على خلفية مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني وموافقة البرلمان التركي على إرسال قوات تركية لليبيا في أعقاب توقيـــع ( الرئيس التركي أردوجان / رئيس حكومة الوفاق السراج ) مذكرتي تفاهم بشأن ( ترسيم الحدود البحرية / تعزيز التعاون العسكري والأمني ) والتطورات الأخيرة على الساحة العراقية بدءاً من الغارات الأمريكية التي استهدفت مواقع للحشد الشعبي العراقي مروراً بمحاولة اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد وصولاً لعملية مقتل ” سليماني ” ، ومن خلال الربط بين كافة تلك التطورات وتزامنها في توقيت واحد يتضح أنه بلا شك ستكون هناك تداعيات ستنعكس على الصراع في منطقة شرق البحر المتوسط بشكل عام ، والمشهد الليبي بوجه خاص ، جراء تلك التطورات في الشرق الأوسط سواء كانت تلك التطورات (مرتبة بشكل مخطط له مسبقاً من عدة جهات / غير مخطط لها وجاءت متزامنة ، وسيتم استغلالها .. هل ستستغل تركيا مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في الإسراع بإرسال قوات تركية لليبيا ؟ موقع الحدث الآن يُجيب على تلك التساؤلات :-
- يتضح بدون شك أن عملية مقتل ” سليماني ” ستساهم بشكل كبير في جذب الانتباه ( إعلامياً / سياسياً ) بعيداً عما يحدث من تطورات على الساحة الليبية ، وسيتم استغلال ذلك – بشكل مؤكد – من جانب القيادة التركية بشأن الإسراع في إرسال قوات عسكرية لليبيا وتمركزها بها ، وتنفيذ صفقات أسلحة بين ( تركيا / حكومة الوفاق ) تشمل تقديم ( دفاعات جوية / أسلحة ثقيلة ) .
- تطورات التصعيد بين ( إيران / الولايات المتحدة ) سيؤثر بشكل كبير على الاهتمام السياسي ( العربي / الدولي ) بالأزمة الليبية ، حيث من المُتوقع أن تركز دول الخليج وعلى رأسها ( السعودية / الإمارات ) على متابعة تطورات التصعيد ( الإيراني / الأمريكي ) وتداعياته المحتملة عليها ، وخاصة في حالة استهداف مصالحها أو المصالح الأمريكية المتواجدة بداخلهما وعلى رأسها حركة الملاحة الدولية في منطقة الخليج .. وهو ما سيترتب عليه انشغال ( السعودية / الإمارات ) بهذا التصعيد بعيداً عن الأزمة الليبية ، وبالتالي سيتم فقدان عنصري ضغط فعال على الصعيد الدولي في تلك الأزمة .. كانا سيشكلان عقبة أمام الأهداف التركية في ليبيا ، كما قد تؤثر بشكل سلبي تداعيات تلك العملية على احتمالية إرسال أي مساعدات لوجيستية خليجية لقوات ” حفتر ” لصد التدخل التركي ، أو صـدور أي رد فعل عربي مؤثر – من الجامعة العربية – لانشغالها بالأوضاع والتصعيد في المنطقة .
- ستؤدي تلك العملية أيضاً إلى تركيز الولايات المتحدة بشكل كبير على هذا التصعيد مع إيران وحماية مصالحها على حساب تدخلها في الأزمة الليبية ، مما سيتبعه استغلال تركي كبير لهذا التصعيد وانشغال المجتمع الدولي به ، للإسراع في التحركات التركية العسكرية المتوقعة في ليبيا .. من المحتمل أن يكون قد حدثت مواءمات أو صفقات ( أمريكية / تركية ) في ضوء الاتصال الهاتفي يوم ( 2 / 1 / 2020 ) بين ( ترامب / أردوجان ) .. قد تتمثل تلك المواءمات في عدم معارضة تركيا بشكل علني عملية استهداف ” سليماني ” مقابل عدم المعارضة القوية للولايات المتحدة للتدخل التركي في ليبيا ، والعمل على إنهاء الخلافات الأخيرة بينهما .. وهذا ما ظهر من خلال رد الفعل التركي الضعيف على تلك العملية ( إعراب الخارجية عن قلقها إزاء التوتر الأمريكي – الإيراني المتصاعد في المنطقة ) .
- كما أن روسيا التي تعارض بشكل قوي التدخلات التركية في ليبيا ستركز اهتمامها على الوقوف بجانب حليفها الإيراني في تلك الجولة من التصعيد ، وكذلك المجتمع الدولي بشكل عام ، كما أن الأزمة الليبية لن تجد صدى دولي إلا لدى بعض الدول الأوروبية وعلـــى رأسهـــا ( فرنسا / ألمانيا / إيطاليا ) نظراً لاهتمامها بملف الهجرة غير الشرعية أو للمصالح الاقتصادية المباشرة أو للتواجد التاريخي ، إضافة للدول المتضررة بشكل مباشر من الاتفاق بين ( أردوجان / السراج ) وهي ( قبرص / اليونان ) .. حيث ستركز مختلف الدول الأوروبية الأخرى على التداعيــات المحتملة لهذا التصعيد ( الإيراني / الأمريكي ) على مصالحها في المنطقة .