ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أنه وسط مكافحة العالم بأسره لفيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) منذ بداية العام الجارى، ازدادت العلاقات الثنائية والثقة المتبادلة بين الصين ومصر قوة ومتانة لتواصل تعزيز وشائج المودة والصداقة، ليس على مستوى حكومتي البلدين فحسب، وإنما أيضا على مستوى المجتمع المدني وبين الأصدقاء الصينيين والمصريين . “
وأضافت الوكالة –في مقالة خاصة بثتها اليوم الاثنين، أن الرئيس الصيني “شي جين بينج” أكد، خلال محادثة هاتفية مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس الماضي أنه يؤمن بأن الصداقة التقليدية بين الصين ومصر ستزداد عمقا وقوة عبر مكافحة المرض بشكل مشترك، وأن الصين عازمة على تشارك المعلومات المتعلقة بالمرض وخبرات الوقاية والسيطرة ونتائج البحوث الطبية مع مصر، فضلا عن تزويدها بالإمدادات الطبية اللازمة لدعم جهودها في الوقاية من المرض والسيطرة عليه، والتعاون معها في دحر المرض.
وأعرب الرئيس السيسي –خلال المحادثة- عن ثقته أن المكافحة المشتركة ضد المرض ستسفر عن دعم الصداقة بين البلدين، فيما أظهر الرئيس السيسي، في رسالة بعث بها إلى نظيره الصيني مطلع فبراير الماضي، حرص مصر على مساعدة الصين بكل الوسائل الممكنة.
وتابعت الوكالة أنه في بادرة تضامن قوية ، زارت وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد الصين في بداية مارس، وصرحت “نحن مهتمون جدا لمد يد العون للشعب الصيني”، لأن مساعدة الصين في التغلب على فيروس كورونا الجديد هي حماية لكل الإنسانية والدول في العالم.
وأشارت الوكالة الإخبارية إلى أنه فضلا عن التبادلات وأوجه التعاون الودي على المستويين الرئاسي والحكومي، بذلت مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني في مجالات التعليم والتجارة والصناعة والصحة وغيرها، قصارى جهودها لتعزيز التعاون المشترك في الحرب ضد الفيروس.
وأضاءت مصر في مساء الأول من مارس ثلاثة من أشهر معالمها الأثرية – قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، ومجمع معابد الكرنك بمحافظة الأقصر، ومعبد فيلة في أسوان- بألوان علم الصين، واعتبر محافظ الأقصر مصطفى ألهم هذا القرار “نوعا من التعاطف مع شعب الصين العظيم.. ورسالة قوية بأن مصر والمصريين لن ينسوا مواقف الصين الداعمة لهم ” .
وأذاعت فضائيات مصرية فيديو قامت وزارة الصحة بنشره وجاء بعنوان “مصر هتنتصر على كورونا”، حيث سلط الفيديو الضوء على نضال الشعب الصيني ضد فيروس كورونا الجديد، هادفا إلى تشجيع الشعب المصري والتعبير عن قدرته على دحر الفيروس من خلال إظهار جهود الشعب الصيني وإجراءاته العملية في مكافحة المرض.
من جانبها، أكدت الدكتورة أميمة غانم المستشار الثقافي المصري في الصين أن العالم يواجه تهديد فيروس كورونا الجديد معا، وإن قوة العلاقات المصرية الصينية تجلت في مثل هذه المواقف الصعبة، قائلة: “تلقيت اتصالات عديدة من أصدقائي الصينيين، أعربوا فيها عن قلقهم وتحياتهم لي ولمصر وللشعب المصري، وساعدونا بشكل حثيث على تنسيق مسألة الإمدادات الطبية، الأمر الذي جعلني أشعر بعمق مشاعر المودة والصداقة التي تجمع بين الشعبين المصري والصيني”.
وأعربت الدكتورة أميمة عن امتنانها تجاه الأصدقاء الصينيين، وخاصة المغتربين والطلاب والمدرسين الصينيين المقيمين بمصر، لقيامهم بجمع الأموال والتبرع بمستلزمات طبية للأصدقاء المصريين، مؤكدة أن “تقديمهم لهذه المساعدة الأخلاقية والمادية تطلب منهم جهدا كبيرا. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن خالص شكري لأصدقائي الصينيين الأعزاء”.
وأضافت الدكتورة أميمة مستشهدة بقول صيني مأثور إن “وقت الشدة يظهر معادن الناس، ليجتازوا المحن معا ويساعدوا بعضهم بعضا”، مشيرة إلى أنه خلال هذه الفترة من المكافحة المشتركة للفيروس، لم أشهد فقط صداقة عميقة بين الحكومتين، بل شهدت أيضا تعاطفا وتآزرا بين شعبي البلدين.. “وتحدوني الثقة بأن هذه هي الصداقة التي يتوق إليها الشعبين المصري والصيني، وكذلك الصداقة التي تتوق إليها الشعوب في جميع أنحاء العالم”.
وفي جامعة بكين، سارع خبراء صينيون، بالتعاون مع خبراء من مصر وتونس وسوريا، إلى ترجمة وتنقيح ونشر مجموعة من الملفات والإرشادات التي نشرتها وزارة الصحة الصينية إلى اللغة العربية، من ضمنها “آليات تشخيص الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد وعلاجه (النسخة التجريبية السابعة)” و”آليات الوقاية من الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد ومكافحته (النسخة السادسة)” و”إرشادات فنية للوقاية من عدوى فيروس كورونا الجديد في المؤسسات الطبية والصحية ومكافحتها (النسخة الأولى)”.
وقال نائب عميد كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين “فو تشي مينغ” إن خبراء من جامعة القاهرة بذلوا جهودا كبيرة في أعمال الترجمة هذه وطرحوا اقتراحات وإرشادات مفيدة منذ بداية المشروع، و”من المتوقع أن ننشر الملفات قريبا في جميع الدول العربية مجانا من أجل تبادل التجارب والخبرات في مكافحة الفيروس ومساعدة الأصدقاء العرب الأعزاء”.
وأضاف مينغ أن “أزمة الفيروس تجاوز تأثيرها الصحة والطب ليمتد إلى شتى المجالات”، حيث عززت جامعتا بكين والقاهرة التعاون في دفع التعليم عبر الإنترنت؛ وذلك من أجل الحفاظ على مسيرة وتقدم الدراسة والبحوث والتبادلات العلمية من أجل تخفيف الخسائر الناجمة عن الفيروس.
كما نشر مركز الدراسات الصينية العربية للإصلاح والتنمية، الذي أنشأته وزارة الخارجية الصينية ووزارة التعليم الصينية وحكومة شنجهاي وجامعة شنجهاي للغات الأجنبية، حتى الأسبوع الجاري 50 تقريرا يضم إجمالي 200 ألف كلمة تحت عنوان “نحن معا.. التقرير اليومي لحالات كوفيد-19 في الدول العربية” لجمع المعلومات والأخبار ذات الصلة وترجمتها إلى اللغة الصينية، حيث يتابعها في الصين الكثير من موظفي الوزارات، ووكالات الإعلام، والعلماء والخبراء في مؤسسات البحوث، ومديري المشاريع في الشركات المرتبطة بأوجه تعاون مع الدول العربية، والطلاب الدوليين.
من جهتها، قالت “تشن يوه يانغ” خبيرة الشؤون العربية في مركز الدراسات الصينية العربية للإصلاح والتنمية إن الشعب الصيني يتابع باهتمام بالغ الأوضاع في الدول العربية وبينها مصر، مشيرة إلى أن أوجه التقدم والابتكارات والخبرات المصرية مثل نظام المراقبة على الهواتف المحمولة في مكافحة الفيروس لفتت الانتباه على نطاق واسع.
أما في قطاع الصناعة والبنية التحتية، فمازال العمال والمهندسون الصينيون والمصريون يواصلون العمل في مشروع بناء جسر متحرك للسكك الحديدية يمر فوق قناة السويس، حيث تم تركيب ما يقرب من نصف الهياكل الفولاذية الأولى للهيكل العلوي لأساس الجسر الجديد وسط أزمة الفيروس.
ومن أجل مواجهة الوضع الوبائي الذي يزداد حدة في المنطقة، قامت إدارة المشروع الصينية المصرية المشتركة في محافظة الاسماعيلية، بتحديث إجراءات الوقاية وتحسين خطة الاستجابة للطوارئ وفقا للوضع الفعلي.
وأكد أحد المسؤولين بالمشروع أنهم وفروا أقنعة الوجه، والمطهرات، والكحول الطبي، والملابس الواقية، والنظارات الواقية، وأجهزة الكشف عن درجة حرارة الجسم، وغيرها من مواد الوقاية، من أجل حماية صحة المشاركين وضمان تقدم المشروع في نفس الوقت.
كما انتهت الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية (CSCEC) في مارس من تغطية سقف أول ناطحة سحاب بمنطقة الأعمال المركزية، التي تتكون من 20 برجا وتقوم الشركة ببنائها في العاصمة الإدارية الجديدة، على بعد حوالي 50 كلم شرق العاصمة المصرية القاهرة. واتخذت الشركة إجراءات عديدة لتقليل مخاطر الإصابة بالفيروس، وأرسلت فريقا طبيا إلى مصر لتدريب العمال والموظفين والمهندسين في موقع البناء ومساعدتهم على ضمان صحتهم دون تأجيل العمل.
وذكرت الوكالة الصينية أن مجال الثقافة شهد تعاونا مغلفا بمشاعر فياضة، إذ تداولت مواقع الإنترنت الصينية والعربية في الآونة الأخيرة أغنية جديدة بعنوان “شمس الشرق” باللغتين العربية والصينية، تقديرا لجهود الصين في مواجهة فيروس كورونا الجديد والسيطرة عليه، وهي أغنية حازت على إعجاب الكثيرين على منصات التواصل.