أخبار عالميةأخبار عربية و إقليميةعاجل

صحيفة ( جيروزاليم بوست ) الإسرائيلية – الناطقة بالإنجليزية –  هل يمكن إيقاف الخليفة التركي المحتمل ؟

ذكرت الصحيفة أن الرئيس التركي ” أردوجان ” استغل الفوضى في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي ، وكان منشغلاً بتأسيس وجود عسكري في عدد من المواقع الاستراتيجية في تلك المنطقة وكذلك في شمال أفريقيا ، بل وحتى أبعد من ذلك ، دون أن يواجه أي معارضة حقيقية ، في الوقت الذي كان اهتمام العالم موجهاً نحو جهود طهران لتحقيق طموحاتها النووية مع تحقيق هدفها طويل المدى المتمثل في إنشاء هلال شيعي يشمل جميع دول الشرق الأوسط ويؤدي إلى إبادة إسرائيل ، مضيفة أن الرئيس التركي يستعد اليوم لأخذ مركز الصدارة في العديد من النزاعات في المنطقة والمضي قدماً في تصميمه الكبير لإحياء الخلافة الإسلامية تحت حكمه – وهذا هدف يتماشى إلى حد كبير مع تطلعات الإخوان المسلمين الذين وجدوا في الرئيس التركي حليفاً – ، موضحة أنه ليس سراً أنه يرى نفسه على أنه الوريث الشرعي لقرون من الحكام العثمانيين وعلى هذا النحو ينوي ” أردوجان ” توسيع نفوذ تركيا من جديد على البلدان والأقاليم التي كانت في السابق جزءاً من الإمبراطورية العثمانية .

وأوضحت الصحيفة أن تركيا اليوم لديها وجود سياسي وأمني قوي في شمال سوريا ، حيث تنسق أنشطتها مع روسيا وإيران ، وهي تستخدم ميليشياتها الإسلامية ضد نظام الرئيس ” بشار الأسد ” بينما تقاتل الأكراد المشتبه في مساعدتهم لحركة حزب العمال الكردستاني التركية التي تسعى إلى الحصول على الحكم الذاتي ، كما غزت القوات التركية شمال العراق ، حيث تقاتل الأكراد أيضاً أثناء تدريب التركمان العراقيين – أقلية من أصل تركي تُزعم أنهم في خطر – ، كما أبرمت أنقرة اتفاقية تعاون أمني مع قطر في عام 2010 ، حيث باعت لها معدات عسكرية وطائرات بدون طيار من صنعها الخاص وسيارات مدرعة ، وأنشأت قاعدة عسكرية هناك في عام 2015 وأرسلت (3000) جندي إضافي في عام 2017 لإظهار الدعم للمملكة المحاصرة من قبل ( السعودية / الإمارات / مصر / البحرين ) ، وبالتالي لدى تركيا موطئ قدم مهم في الخليج .

و أضافت الصحيفة أنه على طول البحر الأحمر أنشأت تركيا قاعدة عسكرية في الصومال بزعم تدريب القوات المحلية ، كما قامت بتأجير جزيرة سواكن السودانية – التي كانت مقراً للحاكم العثماني في المنطقة – على الرغم من أن مصيرها غير واضح الآن بسبب سجن الرئيس السوداني ” عمر البشير ” .

و ذكرت الصحيفة أنه في الوقت نفسه ، يدلي ” أردوجان ” بدلوه في القضية الفلسطينية ، من حيث قيامه بتخفيض الروابط مع إسرائيل لكسب تأييد العالم العربي ، واستضافة اجتماعات ومؤتمرات المنظمات الإسلامية العازمة على إدانة الدولة اليهودية ، وتعبئة الدعم من منظمات المساعدة التركية ظاهرياً لتوفير الغذاء للفلسطينيين واستعادة المواقع الإسلامية ، ولكن في الواقع يكون ذلك من أجل إثارة الكراهية والتحريض ضد إسرائيل ، موضحة أن التعامل التركي مع القضية الفلسطينية يخدم غرضاً مزدوجاً من حيث وضع تركيا كمدافع عن الإسلام وكذلك بمثابة تحدي للأردن التي تتمتع بوضع خاص فيما يتعلق بالمؤسسات الإسلامية وجبل الهيكل بموجب اتفاقيات السلام مع إسرائيل .

وأضافت الصحيفة أن التدخل السافر لتركيا في ليبيا كان السبب الذي جعل أوروبا تلاحظ أن تركيا تمثل تهديد مباشر ، مشيرة إلى أن تركيا تساعد سراً حكومة الوفاق الوطني منذ عام 2013 من خلال توفير الأسلحة والذخيرة في انتهاك للحظر الذي فرضه مجلس الأمن الدولي ، كما أدى تدخلها علانية إلى وقف هجوم ” حفتر ” على طرابلس وانسحابه من المناطق التي سيطر عليها ، مما أسفر عن تحول كبير في السياسة الإقليمية ، حيث يحظى ” حفتر ” بدعم ( مصر / الإمارات / روسيا / فرنسا ) ، مشيرة إلى أنه بالنسبة لمصر ، فإن الوضع الجديد يشكل خطراً واضحاً وقائماً ، حيث لعب ” حفتر ” دوراً رئيسياً في الحفاظ على حدودهم المشتركة الطويلة آمنة ، مما ساعد على إحباط محاولات الميليشيات الإسلامية لإرسال المسلحين والمعدات العسكرية إلى التمرد الإسلامي في شبه جزيرة سيناء .

كما ذكرت الصحيفة أنه في مواجهة هذا العدوان التركي الجديد ، تبدو أوروبا غير حاسمة وغير راغبة في اتخاذ أي إجراءات ، حيث تمنع أنقرة ملايين اللاجئين من ( سوريا / العراق / أفغانستان ) من الوصول إلى سواحل إيطاليا واليونان مقابل دفع مليارات الدولارات سنوياً ، وفي الوقت ذاته يمنع ” حفتر ” اللاجئين الليبيين والأفارقة من الوصول إلى أوروبا ، كما أشارت الصحيفة إلى أن السياسة الانعزالية الجديدة للرئيس الأمريكي ” ترامب ” أدت إلى تراجع النفوذ الأمريكي ، وعلاوة على ذلك لا يرغب
” ترامب ” في الدخول في خلافات مع تركيا العضو بحلف الناتو ، وقد أثبت ذلك بالفعل من خلال تخليه عن حلفائه الأكراد في سوريا وتركهم بلا حماية ضد الجيش التركي ، موضحة أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي هشة في أحسن الأحوال ومن غير المحتمل أن يتحد الغرب ضد تركيا .

و أضافت الصحيفة أن روسيا في مأزق ، حيث تهدد سياسة ” أردوجان ” التوسعية جهودها في إقامة بؤر استيطانية على طول البحر المتوسط ​​والمشاركة في إعادة إعمار البلدان التي مزقتها الحرب ، متسائلة : هل يجب أن تواجه الرئيس التركي أم تسعى إلى حل وسط؟ ، موضحة أن روسيا فعلت ذلك في سوريا – على الأقل في الوقت الحالي – من خلال إشراك تركيا مع إيران في منتدى أستانا والسماح للقوات التركية بالاستيلاء على محافظة عفرين والوصول إلى وقف إطلاق النار في إدلب .

و ذكرت الصحيفة أن الصين التي تروج بشكل كبير لمشروع طريق الحرير الجديد الطموح في المنطقة ، لا ترغب في المشاركة على الرغم من أنها سعيدة بلا شك لرؤية تراجع الغرب ، مضيفة أنه حتى اضطهاد الأقليات الأويجورية – التي هي من أصل تركي – لم يؤدي إلا إلى إدانات فاترة من أنقرة ولم يضر بالعلاقات بين البلدين.

كما ذكرت الصحيفة أنه على الرغم من أن تركيا كانت قادرة على تمديد مخالبها في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، إلا أنه من المشكوك فيه أنها مستعدة لمواجهة مباشرة في ليبيا مع ( مصر / روسيا ) ، ومن المحتمل أن تسعى روسيا إلى إيجاد تسوية مؤقتة ، حيث يحتفظ الجيشان بمواقفهما الحالية مع حفتر ورئيس الوزراء الليبي فايز السراج ، والاتفاق على تقاسم عائدات النفط ، لكن مثل هذا الحل الوسط لن يبشر بأي حال من الأحوال بنهاية الحرب الأهلية ، ولكنه سيثبت أن أردوجان هو الذي يملك المفتاح لمزيد من التطورات .

وذكرت الصحيفة أن ما يمكن أن يجعل الخليفة المحتمل في إشارة إلى أردوجان يتعثر ، هي المشاكل في الداخل التركي ، حيث ( الوضع الاقتصادي المذري / نفاذ احتياطيات العملات الأجنبية / انخفاض الليرة التركية / ارتفاع التضخم ) ، وذلك يرجع جزئياً إلى التكلفة الباهظة للسياسات التوسعية للرئيس في وقت تأثر فيه النمو بشدة بوباء كورونا ، علاوة على تصاعد المعارضة في الداخل ، حيث ينضم أعضاء البرلمان التركي إلى حركة ” المستقبل ” المعارضة التي أسسها رئيس الوزراء التركي السابق ” أحمد داود أوغلو ” .

و اختتمت الصحيفة بالقول : ( حزب العدالة والتنمية المنتمي له أردوجان خسر أغلبيته البرلمانية في عام 2018 واضطر إلى تشكيل ائتلاف مع حزب قومي صغير ، وبذلك  أصبح الرئيس المحاصر على مفترق طرق ، وربما يدعو إلى انتخابات مبكرة ، أملاً في تحقيق نتائج أفضل ، أو يستخدم حريقاً في ليبيا كأسلوب تضليلي لتشتيت الانتباه ، ولكن ما لا شك فيه هو تصميمه على تحقيق أهدافه ربما حتى على حساب انقلاب عسكري للحفاظ على منصبه ) .

 

زر الذهاب إلى الأعلى