نشر موقع الشروق مقال للكاتب “عماد الدين حسين” بعنوان “ما الذى حدث فى البساتين وأطراف الجيزة؟!” جاء على النحو الآتي :-
الكتلة الأساسية للمصريين لم تلتفت لدعوات جماعة الإخوان وأعوانها للنزول أو التظاهر أو الثورة يوم ٢٠ و٢٦ سبتمبر الجارى، ورغم ذلك فقد كانت هناك بعض بؤر التوتر والغضب والتظاهر فى مناطق معدودة خصوصا أطراف بجنوب محافظة الجيزة وبنى سويف وفى حى البساتين بالقاهرة، وفى أسوان ودمياط.
من مصادر على الأرض وليس عبر وسائل إعلام الإخوان أو الحكومة، فإن من شاركوا فى هذه المظاهرات كانوا عشرات وليس حتى مئات احتجاجا على سياسة الحكومة.
بطبيعة الحال الإخوان وأنصارهم يحاولون النفخ فيها بكل الطرق لتبدو وكأنها مظاهرات حقيقية.
فى حى البساتين كانت هناك بعض الاضطرابات وحسب أحد سكان المكان وهو صديق أثق به جدا، فإن الموضوع، لم يكن له صلة بدعوات للإخوان أو محمد على من بعيد أو قريب، ربما هى الصدفة أو حتى استغلال الدعوة. الذى حدث أن الشرطة طلبت من أصحاب المقاهى والكافيتريات إغلاقها يوم ٢٠ سبتمبر. بعض الشباب، خصوصا العاطلين، معظم أوقاتهم على هذه المقاهى، حاولوا الجلوس فى أى مكان بالشارع وطلب منهم الانصراف، هنا بدأت الاحتكاكات، وفى هذه اللحظة انضم إليهم أطفال تصل أعمارهم إلى ١٦ عاما، وحاولوا مهاجمة إحدى سيارات الشرطة، وتم القبض على بعضهم. ورغم ذلك فعلينا تذكر أن عددا كبيرا من أبناء هذه المنطقة كانوا يعملون فى صناعة الرخام، وصاروا عاطلين عن العمل الأن، وبالتالى فهناك بيئة خصبة يمكن استغلالها من قبل المتربصين، وهو موضوع شديد الخطورة فى اماكن متعددة.
فى بعض قرى الصف والبدرشين والعياط، كان الأمر مختلفا إلى حد ما. المظاهرات كانت بالعشرات فى نحو ٥ قرى. الإخوان هنا لعبوا دور المحرض والمهيج، لكن معظمهم لم يشارك بصورة واضحة، خوفا من القبض عليهم، وتركوا المهمة لشباب صغير السن أو عاطلين عن العمل.
وبعض العاملين فى مصنع الطوب الطفلى فى أطفيح تظاهروا لعدم قدرتهم على تسويق منتجاتهم، وتم الاتفاق طبقا للنائب عبدالوهاب خليل مع الهيئة الهندسية على حل المشكلة بالتوريد للمشروعات القومية مباشرة.
فى السويس تم القبض على ستة أشخاص كانوا يرفعون لافتات ضد الحكومة والرئيس السيسى، والأمر نفسه حدث فى محافظة أسوان.
كل ذلك تم يوم الأحد ٢٠ سبتمبر، وفى الدعوة الثانية للتظاهر يوم الجمعة الماضى، تكرر الأمر ولكن بأعداد أقل، طبقا لمصادر على الأرض، خصوصا فى قرى بمحافظة الجيزة وأخرى فى بنى سويف، وأعلنت مصادر أمنية أنه تم القبض على مجموعة من الأشخاص حرضوا على قطع طريق الأتوستراد بالقاهرة، لكن كان واضحا أن إعلام جماعة الإخوان يحاول تضخيم الأمور. حيث خرج بعض مواطنى قرية الكداتية فى أطفيح بلافتات مؤيدة للرئيس والحكومة، ردا على ما تردد عن مظاهرات معارضة فيها.
وفى دمياط خرجت مظاهرة معارضة شارك فيها العشرات.
هذا تقريبا ما وصلت إليه من معلومات. لم تكن هناك استجابة بالمرة أوحتى التفاتة من غالبية الشعب لدعوة الإخوان، لكن كانت هناك تحركات محدودة.
مرة أخرى هل معنى كلامى أن كل المصريين راضون عن أداء الحكومة وسياساتها؟!
المؤكد أن الإجابة هى لا.. وهذا الأمر لا يحدث حتى فى أعتى النظم الديمقراطية المستقرة والفتية، فما بالك بدولة مثل مصر بها مائة مليون مواطن، ومشاكل متلتلة؟!
لكن النقطة المهمة هى التفريق بوضوح بين أن بعض المصريين غير راضين عن أداء الحكومة، وبين أنهم يوافقون على دعوات الإخوان.
وربما تكون النقطة الجوهرية التى يفترض أن تلتفت إليها الحكومة فى المرحلة المقبلة هى ضرورة الالتفات إلى وجود عدد كبير من المصريين غاضب جدا من سياسات وإجراءات حكومية متعددة، خصوصا ارتفاع أسعار الكهرباء ورسوم متعددة، ثم جاءت طريقة تطبيق قانون التصالح فى البناء لتزيد الأمر سوءا.
تقول الحكومة إن هذه القرارات مهمة للإصلاح والانطلاق إلى مرحلة جديدة، وربما يكون كلامها صحيحا، لكن طريقة وتوقيت التطبيق فى غاية الأهمية.
الأمر ببساطة لا يتعلق بالصح والخطأ، وهل هذا القرار أو الإجراء صحيح أم لا، لكن بكيفية التطبيق وموعد التنفيذ. الأمر باختصار أن بعض الإجراءات والقرارات توفر البيئة المثلى لكل المخربين والمحرضين والارهابيين لكى يستغلوها، وهذا موضوع يحتاج لنقاش لا حق إن شاء الله.