مثل كل شىء تحولت أنباء فيروس نيباه إلى موضوع جديد تجاوز العلم، إلى أنواع متعددة من الهبد، وبالطبع فإن فيروس كورونا تسبب فى هلع عالمى من سيرة الفيروسات تزامنًا مع رغبة لدى قطاعات «الأركان المظلمة للأخبار» فى الإشارة مرة أخرى إلى الصين وتكرار موضوع الخفافيش، وربطه بفيروس نيباه، وأكثر من تناولوا الفيروس تجاهلوا أنه موجود منذ التسعينيات من القرن العشرين، وتحديدًا 1999. وظهر فى بنجلاديش وماليزيا وتنقله خفافيش الفواكه. و«خفافيش» كلمة السر فى أى رعب فيروسى بسبب ارتباط أول ظهور لكوفيد – 19 بالخفافيش.
هذا لا يعنى تجاهل الخطر، خاصة أن كوفيد – 19 لا يزال يفرض نفسه، ناهيك عن أن عددًا من علماء وخبراء الفيروسات قالوا إن هناك مبالغة فى موضوع نيباه، لأنه لا جديد فيما يتعلق به، فضلًا عن أن التحذيرات منه تكررت فى عامى 2018 و2019، ولم تظهر منه حالات خارج بنجلاديش وماليزيا. على العكس من كورونا الذى انتشر فى كل العالم، وظهرت منه سلالات وطفرات ويرده بعض العلماء إلى ما قبل 2019 بشهور أو أعوام سابقة، ويضربون أمثلة بحالات وفيات بسبب أزمات تنفسية غامضة فى العالم خلال السنوات التى سبقت الإعلان عن كورونا المستجد، بل إن سارس وميرس وكوفيد «كورونا»، ظهرت فى بعض دول آسيا خلال عامى 2005، و2013.
وفيما يتعلق بالإحصائيات الخاصة بالوفيات والإصابات هناك بالفعل تداخلات وأخطاء تجعل الأرقام المعلنة مختلفة زيادة أو نقصًا عن الوفيات بالفيروس، وهى طبيعة الإحصاءات أثناء الكوارث والحروب والأزمات الكبرى كما تشير مجلة «نيتشر» الشهيرة فى دراسة بعددها الأخير ضمن ملف عن كوفيد.
وحسب الدكتور على الوعرى، أستاذ جراحة الصدر بمدينة ووهان الصينية، فإن خبر انتشار فيروس «نيباه» تم تضخيمه إعلاميًا، وقال فى مداخلات مختلفة، إن الصين ليست مصدر الفيروس، وإنما بنجلاديش وماليزيا، بينما يشير الدكتور محمد أحمد على، رئيس قسم الفيروسات بالمعهد القومى للبحوث، إلى أن هناك نوعين من الفيروسات، بعضها موجود سابقًا ويظهر كل فترة، وفيروسات جديدة، وأن «نيباه» تم عزله نهاية التسعينيات من القرن العشرين فى مدينة نيباه بماليزيا، 1999، وهو من فيروسات RNA وسهلة عمل طفرات وتغير، وسنويًا يظهر فى بعض البلدان فى آسيا مثل بنجلاديش وماليزيا والهند، كما ظهر فى الصين فى 2019 وسهل السيطرة عليه. ومن المهم التعامل معه بيقظة رغم أنه لم يظهر خارج هذه الدول.
ويشير علماء الفيروسات إلى أن هناك أنواعًا معروفة من الفيروسات من أزمنة بعيدة، لكن الخطر يأتى من الفيروسات التى يتم كشفها مؤخرًا أو التى ليس لها سجلات لدى العلماء. ويساهم فى مضاعفة الرعب حالة كورونا الذى تجاوز العام ولم ينكسر، وفى انتظار اللقاح لكن منظمة الصحة ترفع التحذيرات حتى لا تتهم بالتأخر مثلما حدث مع كوفيد – 19. وهو ما يجعله ضمن مخاوف واردة حتى البكتيريا نفسها أصبحت تثير مخاوف بعض الدول بسبب ظهور أو توقعات بظهور أنواع تقاوم الأدوية والمطهرات، بعد تعرضها للكثير من مواد التعقيم خلال مواجهة كورونا.
لكن الأمر بالفعل ينتج عن مخاوف، خاصة أن الحديث عن «نيباه»، يتزامن مع تحذيرات جديدة أطلقها بيل جيتس مؤسس «مايكروسوفت» فى تصريحات لصحيفة «دويتشه تسايتونج» الألمانية، حيث أعرب جيتس عن تفاؤله بحدوث تحسن فى الوضع الوبائى بحلول فصل الصيف، واصفًا وباء كورونا بالمرعب، لكنه حذر من أن الوباء المقبل قد يكون أسوأ بعشر مرات، ولا يمكن لأى بلد تحقيق هذا الأمر بمفرده. جيتس كان قد استبق كورونا قبل أربع سنوات وتوقع ظهور وباء يقتل ملايين البشر، لدرجة أن هناك من ربط بين تحذيرات جيتس ونظريات مؤامرة تتهمه بالضلوع فيه، والرغبة فى توزيع اللقاحات بشكل موسع ضمن خطة للتحكم فى البشر، لكن جيتس نفسه رد مؤكدًا أن تنبؤاته السابقة تقوم على أبحاث العلماء، وأنه يدعو لسياسات صحية تراعى الدول الفقيرة. تصريحات جيتس الأخيرة ساهمت مع الإعلام ومواقع التواصل فى نشر أخبار وباء نيباه، والتى تدخل ضمن رعب عام أثاره كورونا يتوقع أن يستمر لفترة.