استكمالاً للمتابعة المستمرة للأوضاع الاقتصادية في تركيا ، فقد تلاحظ استمرار تراجع العملة المحلية – الليرة – ( الدولار يساوي 14.75 ليرة ) .. بسبب خفض مؤسسة ( إس أند بي جلوبال ريتنجس ) يوم (10) ديسمبر الجاري النظرة المستقبلية للديون التركية إلى سلبية ، يأتي ذلك وسط محاولات من الحكومة التركية لوقف هذا التراجع ، عن طريق ( إطلاق عدد من المشروعات التنموية / الإعلان عن اكتشافات بترولية جديدة ، حيث أعلنت مؤسسة البترول التركية عن اكتشاف حقل للنفط في ولاية ماردين جنوب شرق البلاد ) .. إضافة لقيام البنك المركزي للمرة الرابعة خلال شهر ديسمبر الجاري بطرح نحو (2.5) مليار دولار للبيع في سوق الصرف ، بإجمالي (6) مليار دولار .
وتأتي نظرة مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية للوضع الاقتصادي في تركيا خلال شهر ديسمبر بشكل سلبي ، الأمر الذي أدى إلى هبوط سعر الليرة وتخوف المستثمرين من الأوضاع في تركيا ، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي :
أ – أبقت وكالة ( ستاندرد آند بورز ) الدولية تصنيفها الائتماني لتركيا طويل الأجل بالعملات الأجنبية عند درجة (B+) وبالعملات المحلية عند (BB-) ، بينما غيرت الوكالة نظرتها المستقبلية لنمو الاقتصاد التركي من مستقرة إلى سلبية ، مشيرة إلى إمكانية إعادة هذه النظرة إلى مستقرة ثانية حال رصد تطور واستدامة في فعالية السياسة النقدية .
ب – أبقت وكالة التصنيف الائتماني الدولية ( موديز ) تصنيفها لتركيا عند الدرجة (B2) مع الحفاظ على نظرة مستقبلية سلبية ، وأشارت الوكالة إلى أن مخاطر الضعف الخارجية الرئيسية لتركيا قد انخفضت بسبب انخفاض عجز الحساب الجاري ، مما يدعم إعادة الهيكلة التدريجية لاحتياطيات النقد الأجنبي على أساس إجمالي وصافي ، بغض النظر عن الضغط الحالي على العملة المحلية – الليرة – ، مشدداً على أن الحالة المالية العامة لتركيا من المتوقع أن تظل قوية نسبياً .
وقد أثّر التراجع المستمر والملحوظ في معدلات النمو الاقتصادي وتراجع الليرة بشكل كبير على مستوى المعيشة ، وتضرر فئات كبيرة من هذا التراجع ، الأمر الذي أدى لتظاهر آلاف الأتراك في ساحة ( كارتال ) بمدينة إسطنبول يوم (13) ديسمبر احتجاجاً على غلاء الأسعار والفقر وتنديداً بالسياسات الاقتصادية للحكومة ، بدعوة من ( اتحاد نقابات العمال الثوريين / حزب العمل التركي / حزب العمال الاشتراكي / حزب الحركة الشيوعية التركية ) ، كما ردد المتظاهرون شعارات ( يكفي .. نريد العيش .. نريد أن نحيا حياة إنسانية .. الإنصاف في الدخل والضريبة ) ، وطالب المتظاهرون برفع الحد الأدنى للأجور من (3) آلاف و(577) ليرة إلى (5) آلاف و(200) ليرة ، في حين كشفت استطلاعات الرأي عن تراجع شعبية حزب ( العدالة والتنمية ) الحاكم برئاسة ” أردوجان ” ، حيث أجرت مؤسسة ( ARA ) للبحوث والدراسات الاجتماعية والسياسية في تركيا استطلاعاً للرأي بشأن الانتخابات الرئاسية المُقبلة حيث أظهرت النتائج تراجعاً في شعبية الرئيس ” أردوجان ” وفوز تحالف الأمة على تحالف ( الشعب ) الحاكم ، حيث أظهرت بيانات الاستطلاع أن تحالف ( الأمة ) الذي يضم ( حزب الشعب الجمهوري / حزب الخير / حزب الشعوب الديمقراطي الكردي ) حصل على (46.5%) من أصوات المشاركين في الاستطلاع فيما حصل تحالف ( الشعب ) الذي يضم ( حزب العدالة والتنمية / حزب الحركة القومي ) على (39.1%) من أصوات المشاركين .. بينما حصل حزب ( الشعوب الديمقراطي الكردي ) على (10%) ، وحزب الديمقراطية والتقدم على (4.4%) .
من جانب آخر تلاحظ قيام قوى المعارضة باستغلال تدهور الأوضاع الاقتصادية ، في تأليب الرأي العام الداخلي على النظام الحاكم ، حيث كشفت تقارير للمعارضة التركية عن أن الحكومة مدينة بـ (238) مليار دولار منها (143) مليار دولار بالعملات الأجنبية ، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع التضخم الذي سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية للدولة ، حيث سيرفع ذلك تكلفة المعيشة ، نظراً لأن الشركات لا تستطيع تحمل الزيادة المرتفعة في الحد الأدنى للأجور ، ومن المحتمل أن يشكل ذلك عبئاً على المواطن ، حيث سيؤدي ذلك إلى تظاهر المواطنين الرافضين لارتفاع الأسعار .