علوم وتكنولوجيا

لماذا انتهى تعدين الإيثيريوم؟ وهل أصبح غير مُجدٍ؟

عملة الإيثيريوم لطالما كانت الوجه الحقيقي والأكثر انتشارًا للعملات الرقمية، وذلك بفضل سعرها الأقل نسبيًّا من سعر البيتكوين وسهولة تعدينها والحصول على العملات ومن ثم تحقيق ربح جيد من عملية التعدين. 

وذلك على عكس عملة البيتكوين التي طالما كانت أصعب في التعدين، ومن ثم أصعب في تحقيق الربح وأصعب في الجمع، لذلك كان ينفر منها المعنون ويتجهون إلى الإيثيريوم.

ولكن في سبتمبر الماضي قامت المنصة المسؤولة عن هذه العملة بتغيير طريقة تعدينها والحصول عليها تمامًا، والانتقال إلى ما يعرف باسم عمليات ”إثبات الملكيّة“ بدلًا من عمليات إثبات طريقة العمل التي تعتمد على التعدين المعتاد، وذلك فيما يعرف باسم ”The Merge“، ولكن كيف أثّر هذا التحول على عالم التعدين؟ 

ماهو The Merge ؟ 

من أجل فهم تأثير التحول إلى عمليات إثبات الملكية، يجب علينا أولًا أن نفهم ما هو The Merge؟ وإلى ماذا يشير؟

ولكن قبل أن نتحدث عن The Merge يجب أن نشير إلى أن جميع عمليات التعدين وتبادل العملات الرقمية سواءٌ بالبيع أو الشراء أو حتى بيع الرموز غير القابلة للاستبدال مثل NFT تتم على ”شبكة“ تُسجل هذه العمليات. 

ملكية هذه الشبكة لا تعود إلى شخص أو مؤسسة واحدة، وهي التي تعتمد على تقنيّة البلوك تشين التي تجعل كل شخص مشترك في هذه الشبكة ويقوم بعمليات عليها، مالكًا لها وبحوزته نسخة من جميع العمليات التي تمت عليها. 

بدأت الإيثريوم في عملية التحول عبر بناء شبكة جديدة تابعة لشبكة ”إيثير“ الخاصة بها، ولكن هذه الشبكة كانت تعتمد على عمليات إثبات الملكية بدلًا من عمليات إثبات طريقة العمل مثل بقية العملات الرقمية المختلفة. 

وعندما أعلنت الشبكة عن إتمام عملية The Merge، فإن هذا كان يعني جعل الشبكة الفرعية رئيسة بدلًا من الشبكة الرئيسة القديمة، ومن ثم تحوُّل جميع عمليات التعدين من إثبات طريقة العمل “Proof of concept“ إلى إثبات الملكية “Proof of stake”.

تسمية The Merge تشير إلى دمج الشبكتين معًا ليصبحا شبكة واحدة بدلًا من وجود شبكة رئيسة وأخرى فرعية تستخدم العملة الرقمية ذاتها. 

عملة الإيثيريوم الرقمية
عملة الإيثيريوم الرقمية 

الفرق بين عمليات إثبات الملكية وعمليات إثبات طريقة العمل 

مفهوم التعدين يشير إلى التنقيب والكشف عن المعادن النفيسة في باطن الأرض، لذلك في جوهره هو إيجاد المعادن النفيسة وسط الأتربة والمعادن الأقل قيمة، وذلك ما يحدث مع العملات الرقمية في المعتاد والإيثيريوم قبل التحول الأخير. 

إذ يقوم الحاسوب أو جهاز التعدين بمحاولة حل آلاف وملايين المعادلات الصعبة الموجودة على شبكات البلوك تشين المختلفة، ومن ثم إرسال هذا الحل إلى الشبكة ليحاول شخص آخر إيجاد حل آخر للمعادلة ذاتها وهكذا دواليك. 

وعندما تصل إلى حل معادلة ما، فإنك تحصل على مكافأة من الشبكة، وعادةً ما تكون هذه المكافأة عملة رقمية أيًّا ما كان نوعها، ويختلف نوع هذه العملة بناءً على الشبكة التي تستخدمها لحل هذه المعادلات.

لذلك إن كنت تحل معادلات على شبكة الإيثيريوم، فإن مكافأتك تكون عملات من الإيثيريوم وهكذا أيضًا البيتكوين، وبالطبع تختلف قيمة العملة وعددها بناءً على صعوبة المعادلات وعدد المستخدمين الذين يحاولون حلها، كما أن المكافأة تختلف بناءً على قوة حاسوبك في حل المعادلات وسرعته، لذلك يعد تعدين البيتكوين أمرًا أصعب قليلًا من غيره.

الطريقة التي ذكرناها في الأعلى تدعى عمليات إثبات طريقة العمل proof of concept، إذ إن حاسوبك يثبت أن هذه المعادلة تعمل ولها حل وهو الحل التالي، ولكن عمليات إثبات الحصة والملكية تختلف كليًّا عن هذا الأمر. 

وما يحدث في هذه العمليّات هو أن الشبكة تطلب منك أن ”ترهن“ أو تضع مجموعة من العملات الخاصة بك في الشبكة كضمان لملكيّتك لهذه العملات ومحاولة إثبات العمليات التي تحدث على الشبكة، وذلك حتى تحصل على المكافأة. 

وفي حالة الإيثيريوم، فإن الشبكة ستطلب منك ترك 10 قطع كضمان ورهن لدى الشبكة لإثبات العمليات التي تحدث عليها، وكون المعادلات الموجودة فيها صحيحة، وبينما تختلف قيمة هذه القطع من وقت إلى آخر، لكنها في المجمل تتجاوز 10 آلاف دولار، وذلك حتى تحصل على قطع جديدة ومكافآت لضمان حقيقة المعادلة وعملها. 

أضف إلى ذلك أنك ستحتاج إلى ترك الخادم أو الحاسوب الخاص بك الذي يمتلك هذه القطع في حالة عمل مستمرة دون انقطاع، وذلك حتى لا تخسر ”الضمان“ الذي وضعته مقدمًا. 

هذه الشروط تجعل عمليّة تعدين الإيثيريوم حكرًا على الشركات أو الأفراد القادرين على امتلاك خوادم قادرة على العمل لفترات طويلة إلى جانب قدرتهم على دفع التكلفة المبدئيّة للدخول للشبكة و”إثبات الملكية“. 

لماذا هذا التحول؟ 

جميع التغيرات التي تطرأ على شبكة الإيثيريوم تأتي من قبل المنظمة المالكة لهذه الشبكة، وهي منظمة مكونة من مالكي عملة الإيثريوم باختلاف نسبهم وقوتهم في المنظمة، وقد قررت هذه المنظمة التحول إلى إثبات الملكية. 

بالطبع إثبات الملكية يجعل دخول المنظمة والتحكم في الشبكة أمرًا صعبًا على الأفراد، ويجعله متاحًا للشركات الضخمة والعملاقة التي تمتلك خوادم قادرة على العمل لفترات طويلة مستمرة، كما أنه يقلل استهلاك الطاقة كثيرًا. 

إذ لا يطلب إثبات الملكية وجود أكثر من حاسوب متصل على شبكة التعدين واستخدامه لفترات طويلة، إذ إن كل ما تحتاج إليه هو جهاز واحد فقط يعمل بشكل مستمر، وهو ما يقلل الانبعاثات الكربونية ويقلل استهلاك الطاقة الناتج عن تعدين الإيثيريوم كثيرًا.

هذه الخطوة هي الأهم في عالم العملات الرقمية، إذ إنها توفر غطاءً قانونيًا مقنعًا لمجموعة كبيرة من الشركات لتبدأ بالاستثمار في هذه العملة واستخدامها كعملة رسميّة لا تؤثر على البيئة. 

بالطبع الحديث المستمر عن التحول وانتهاء تعدين الإيثريوم جعل المستخدمين يركضون للحصول على العملة قبل بدء عملية The merge، ولكن بعد حدوث العمليّة، فإن هذا الإقبال أصبح ضعيفًا، وشهدت العملة انخفاضًا في الأسعار بعد ارتفاعها. 

هل ما زال التعدين مجديًا للأفراد؟ 

بعد انتهاء التعدين على شبكة الإيثريوم وصعوبة التعدين على شبكة البيتكوين، لم يعد للتعدين والعملات الرقمية الربح ذاته مثل الأيام الماضية، وذلك لأن الإيثريوم كان الأكثر ربحًا بين العملات الرقمية.

دفع ذلك الكثير من المعدنين ومزارع التعدين الفردية إلى بيع معداتها المختلفة والتخلص منها بدلًا من الاستمرار في الخسارة، ولذلك لم يعد التعدين مجديًا كما كان في الماضي.  

زر الذهاب إلى الأعلى